لا شك أن اختراق قراصنة إلكترونيون “Spiderz”، حسابات مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لحزب الله، الذي تم العام الماضي، شكل مفاجأة “للحزب”، إذ كشفت تلك العملية زيف الخطابات السابقة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي أكد أكثر من مرة ألا أموال لحزبه في المصارف اللبنانية.
كما أن نشر القراصنة للوائح بأسماء مصارف تتعامل معها الجمعية التي تعتبر مصرف حزب الله في لبنان ومصدراً رئيسياً من مصادر تمويله وتبييض أمواله والمدرجة على قوائم العقوبات الأميركية، وضع “الحزب” في مأزق كبير.
وساهم ذاك الكشف في منح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فهماً أفضل بكثير لكيفية تمويل حزب الله الذاتي، وذلك وفقاً لتقرير نشرته مجلة thedispatch الأميركية.
ووفّر التسريب أيضا بيانات من شأنها أن تسهل أي جهد أميركي لإطلاق حملة عقوبات متواصلة ضد ممولي حزب الله، وحرمانهم من الوصول إلى النظام المالي، والتأكد من أن العقوبات المستهدفة ضد “الحزب” تستمر في تقليص قدرة التنظيم على تحويل الأموال التي يتم جمعها في الخارج- وغالبا من خلال وسائل غير مشروعة، لتعود إلى مقرها.
ورأى التقرير أن إدارة بايدن لم تستغل ما وصلها من معلومات، حيث فرضت عقوبات فقط على عدد قليل من مديري مؤسسة “القرض الحسن” في أيار من عام 2021، واصفاً ذلك بأنه “خطأ يجب على إدارة بايدن تصحيحه بشكل عاجل”.
واعتبر أن حملة الضغط الأميركية على حزب الله، التي أطلقتها إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، والتي استمرت في إدارة الرئيس باراك أوباما، كانت ناجحة لأنها استمرت بلا هوادة في الحفاظ على إجراءات وعقوبات متعددة وطويلة ومنسقة لإنفاذ القانون، وفق المعلومات.
ولفت إلى أن إدارة أوباما حين تراجعت قليلاً عند ذاك المنهج، مكّنت الشبكات المالية غير المشروعة لحزب الله من إعادة التجمع وإعادة التنظيم.
وحثّ التقرير على ضرورة تطبيق ومتابعة وتحديث للعقوبات، لأن ذلك يمنع “الحزب” من استبدال المسؤولين الخاضعين للعقوبات بمسؤولين جدد والحفاظ على تدفق التمويل، مشدداً على أن على إدارة بايدن عدم تضييع الوقت ومعاقبة الشيخ خوجوك والعديد من أصحاب حسابات “القرض الحسن” الآخرين، الذين كشفهم تسريب SpiderZ، بسبب مساهمتهم بشكل رئيسي في تسهيل عمليات التمويل غير المشروعة لحزب الله في الخارج.
وفي عام 1982 أسّس حزب الله “القرض الحسن” عقب الاجتياح الإسرائيلي، وتم ترخيصها من قبل وزارة الداخلية اللبنانية سنة 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر لبناني مصرفي رفيع المستوى لـ”العربية.نت” في تقرير سابق “أن الجمعية غير موجودة على لائحة المصارف المُرّخصة من قبل البنك المركزي”، مضيفاً ” لا نعلم طريقة تمويلها”.
وفي نيسان 2016، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية جمعية “القرض الحسن” على قائمة العقوبات (بناءً على تشريع من عام 2015)، لكن نشاطها لم يتوقف.
ولدى “القرض الحسن” نشاط مصرفي رئيسي (تقديم القروض الصغيرة الحجم ولآجال قصيرة) مقابل ضمان للمشتركين، الذين يقومون بإيداع الأموال في الجمعية على أساس شهري، إذ يحق للمشتركين الحصول على قرض، إذا قاموا بإيداع ما لا يقل عن 10 آلاف ليرة شهرياً (نحو 6.5 دولار)، في مشروع يُسمى الاشتراك الشهري. كما أنها تقبل التبرعات من الأفراد الأثرياء، الذين يتبرعون بالمال للجمعية، ما يمكّنها من منح القروض.
أما الطريقة الأكثر شيوعاً لعمل المؤسسة، فتتمثل بالقرض مقابل ضمانات من ذهب، بحيث يضع المقترض “ضمانة” عبارة عن كمية من الذهب لدى المؤسسة في مقابل حصوله على قرض، وتحتفظ بها الجمعية حتى يتم سداد القرض. وفي هذه الحال تشترط الجمعية سداد القرض خلال فترة زمنية لا تزيد عن 30 شهراً، وأن يُستخدم الذهب كضمان. ونشاطها محصور بمؤيدي حزب الله وأعضاء المجتمع الشيعي. وتنتشر فروعها البالغ عددها 31 في مناطق فيها أغلبية شيعية كالضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله)، وجنوب لبنان والبقاع.
وأوضح المصدر المصرفي الرفيع المستوى، “أن التسليف يحتاج إلى رخصة من قبل مصرف لبنان وهو ما ليس متوفّراً لدى “القرض الحسن”، وقد يكون ورود أرقام في لوائح رخص التسليف في مصرف لبنان دون وجود اسم المؤسسة التابع لها، مردّه إلى شطب قرار الترخيص بالتسليف للجمعية من قبل المصرف المركزي”.
وتتعاون الجمعية مع مؤسسات تابعة للبنية التحتية “المدنية” لحزب الله، منها جمعية جهاد البناء التابعة لحزب الله.
ولم يقتصر عملها على النشاطات المصرفية المحلية، بل تجاوز الحدود اللبنانية لرفد المساعدات “لحلفاء الحزب”، لاسيما الحوثيين في اليمن. ففي تشرين الثاني 2018، فتحت الجمعية حساباً لنقل التبرعات للحوثيين في اليمن.
وفي نيسان 2019 افتتحت حسابين لنقل التبرعات لضحايا الفيضانات في إيران من قِبل الهلال الأحمر الإيراني وجمعية الإمداد التابعة لحزب الله. وتدخلت الجمعية حتى في التمويل العسكري.