هزت الغارة الأميركية الأخيرة داخل الأراضي السورية، التي قالت واشنطن إنها استهدفت القضاء على زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي، الأرجاء الإعلامية والسياسية حول العالم.
الحديث عن شن هجوم دقيق قائم على معلومات استخبارية موثوقة توحي بأن زعيم التنظيم ربما كان يقيم في مكان غامض يحاوطه الظلام والأطلال وربما “الأشباح” من كل مكان، لكن الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق.
وعاش زعيم “داعش” (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة) وعائلته على مرأى من الجميع، في مكان ناء بسوريا يكتظ بالنازحين الذين شردتهم الحرب على مدى 11 عاماً، وفقاً لوكالة “رويترز”.
وكانت الأسرة تدفع الإيجار بانتظام في الوقت المحدد، لكنها تعيش باستمرار في عزلة ذاتية، إذ ان سكان المنطقة لم يهتموا مطلقاً بالتعرف على ماضي بعضهم البعض. لكن هذه الطبيعة الساكنة انهارت تماماً مساء أمس الخميس، عندما اقتحمت القوات الأميركية الخاصة بلدة أطمة في شمال غرب سوريا لمداهمة المخبأ. وخلال المداهمة، فجر أبو إبراهيم الهاشمي القرشي – زعيم التنظيم الذي يعد بين المجموعات المنظمة الأكثر إثارة للرعب في العالم – نفسه كي لا يقع في الأسر.
كيف تخفى بين السكان؟
حتى تنفيذ العملية التي تردد صداها حول العالم، كان سكان المنطقة يعتقدون أن القرشي هو مجرد تاجر سوري جاء من حلب بحثاً عن الأمان في أطمة قرب الحدود التركية.
ودعم هذا الاعتقاد عدم وجود ما يلفت الأنظار أو يشد الانتباه إلى المبنى المكون من ثلاثة طوابق الذي استأجر القرشي شقة فيه قبل عام، حيث سكن الطابق الأول في البداية قبل أن يستأجر الطابق العلوي أيضاً.
وقالت امرأة، كانت تعيش في الطابق الأرضي وتشير إلى جيرانها بلقب “عائلة أبو أحمد”، إن “سلوك الأطفال كان طيباً بشكل عام”، مضيفة أنهم “كانوا يبتعدون عن الأنظار ويرافقون والدتهم إلى المتاجر في بعض الأحيان”.
وأشارت المرأة التي اكتفت بتقديم نفسها باسم “أمينة” في مقابلة مع “رويترز” عبر الهاتف الى أنهم “كانوا في حالهم وأولادهم كانوا بيلعبوا مع الأولاد برا (بالخارج) بين كل فترة بس ما كان في بينا اجتماعيات”.
وتلقت المرأة ذات مرة دعوة من إحدى زوجات القرشي، وهي أم أحمد، لتناول الشاي، إذ أخبرتها أن زوجها تاجر من حلب فر من المدينة بسبب الحرب.
وتتذكر أمينة باستغراب كيف لم تلحظ ندرة ظهور الزوج. وكانت ملابس النساء سوداء تغطيهن بالكامل، وهي ملابس شائعة يُعرف بها المسلمون المحافظون.
وفر إلى منطقة أطمة عشرات الآلاف من جميع أنحاء البلاد والتالي لم يكن من المستغرب تواجد أسرة غريبة في الجوار.
وأشارت الى أننا ”كنا نفكر أنهم مروا بالكثير، بس زي ما بتعرف الكل عنده مأساة هون ما حدا بيحكي للتاني شو صار معه في ها الأزمة وبنفضل تبقى بداخلنا”.
نهاية متكررة
تولى القرشي قيادة التنظيم الإرهابي بعد مقتل مؤسسه أبو بكر البغدادي في 2019. تشابهت النهايتان، إذ قُتل البغدادي أيضاً عندما فجر عبوة ناسفة أثناء غارة للقوات الخاصة الأميركية.
وكان مخبأ القرشي قريباً من نقطة تفتيش تديرها الجماعة التي تسيطر على معظم إدلب والتي تعرف باسم “هيئة تحرير الشام” وكانت تعرف في السابق باسم “جبهة النصرة” (تنظيم إرهابي محظور في روسيا)، ولها خصومة منذ سنوات مع “داعش”.
وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض، إن هناك اعتقاداً بأن الانفجار الذي وقع خلال الهجوم أسفر عن مقتل القرشي وزوجتيه وطفل في أحد طوابق المنزل.
ويرجح أيضاً مقتل طفل آخر كان في طابق مختلف مع مساعد القرشي وزوجته اللذين قتلا بعد إطلاق النار على القوات الأميركية.
وقال عمال إنقاذ سوريون إن “13 شخصاً قتلوا بينهم 4 نساء و6 أطفال”. وأضاف شهود أنهم “رأوا لعب أطفال متناثرة في الشقق المدمرة.”