المغرب يحصن حدوده مع الجزائر عسكرياً… منع تهريب أو استفزاز للجارة؟

21 فبراير 2022
المغرب يحصن حدوده مع الجزائر عسكرياً… منع تهريب أو استفزاز للجارة؟

في خطوة ذات أبعاد أمنية، أقدم المغرب على إنشاء منطقة عسكرية في الحدود الشرقية مع الجزائر على غرار نظيرتها في الجنوب، الأمر الذي طرح تساؤلات حول أسباب استحداث المنطقة العسكرية هذه، ومصير العلاقات المتوترة بين الدولتين المجاورتين، بحسب خبراء.
والسبت الفائت، أعلن المغرب عن القرار الذي تضمن إحداث منطقة عسكرية شرقية ترمي إلى تعميم النظام الدفاعي والعيش العسكري الخاص بالمنطقة الجنوبية على المنطقة الشرقية الممتدة على طول الحدود المغربية الجزائرية وقوامها 1559 كيلومتراً.
ووفقاً للقرار، سيتم خلق وحدات عسكرية ثابتة وتجمعات سكنية مرتبطة بالجيش المغربي لمواجهة “استفزازات العسكر الجزائري”، على أن يتولى اللواء محمد مقداد الإشراف العسكري على هذه المنطقة، بحسب ما ذكر موقع “هسبريس” المغربي.
والمنطقة الشرقية تعني “المنطقة الحدودية بين المغرب والجزائر، ضمتها سلطات الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر، لأن فرنسا كانت تنوي استيطان هذا البلد والبقاء فيه”، وفقاً لما أوضحه الكاتب السياسي المغربي، عبد الرحيم التوراني، في تصريحات لموقع “الحرة”.
وأضاف توراني “عند حصول المغرب على استقلاله رفض التفاوض مع فرنسا حول موضوع الحدود، مفضلاً حل المشكل مع الأشقاء الجزائريين بعد استقلالهم، إلا إن الأمر بات عالقاً إلى أن شكل أزمة حقيقية ومستمرة بين البلدين لاسيما لجهة الحدود المغلقة”.
وتتقاسم الجزائر والمغرب حدوداً برية تمتد لمسافة 1500 كيلومتر من البحر المتوسط حتى الصحراء الكبرى. وهذه الحدود مغلقة منذ عام 1994 بعد خلافات بشأن الأمن.
وجاء إغلاق الحدود بين البلدين الجارين بعد تفجيرات مراكش عام 1994، إذ فرض الملك الراحل الحسن الثاني على الجزائريين التأشيرة لدخول المغرب وردت عليه الجزائر بغلق الحدود البرية بحجة أن قرار فرض التأشيرة “جاء أحادي الجانب”.
وعن الهدف من هذه المنطقة العسكرية، يقول الباحث السياسي، عبد الفتاح نعوم.، في تصريحات لموقع “الحرة”، إن “إطلاق الجيش المغربي منطقة عسكرية في شرق البلاد، هو من أجل مواجهة مجموعة من الظواهر السلبية التي تؤثر، لا على أمن البلاد فقط، ولكن على استقرار المنطقة بأكملها”.
وركز نعوم على أن “المنطقة المستحدثة هي من أجل مكافحة قضايا التهريب بشكل كامل، ومنها المخدرات والإتجار بالبشر”، متهماً الجزائر بأنها “لا تبذل الجهد الكافي لمحاربة ذلك”.
وأشار إلى أن “تخصيص هذه المنطقة يؤكد جدية المغرب في مواقفه المعادية لقضايا التهريب وآخرها التعهدات التي قطعها على نفسه في القمة الإفريقية – الأوروبية، وأبرزها محاربة عمليات التهريب وضبط الأمن الاستراتيجي”.
واختتمت القمة السادسة للاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي أشغالها، الجمعة، بالتوافق على مبادرات جديدة ووعد بشراكة متجددة من شأنها تمكين القارتين من قيادة مستقبلهما في تضامن وأمن وسلام وتنمية مستدامة.

في المقابل، يشدد المحلل السياسي الجزائري رضوان بوهيدل، في تصريحات لموقع “الحرة”، على أن “ما تقوم به المملكة المغربية هو حالة من التخبط العشوائي، في محاولة منها لاستفزاز الجزائر”.
واعتبر بوهديل أن “الرباط تسعى دائما لرمي جميع مشاكلها نحو الجزائر، وكأنها تحاول التعويض عن فشلها الداخلي عبر جعل علاقتها متوترة دائما مع جارتها”.
وفي آب 2021، أعلنت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مبررة ذلك بأسباب عدة تناولها وزير الخارجية رمطان لعمامرة، في مؤتمر صحفي حينها اعتبر فيه أنه “ثبت تاريخياً، وبكل موضوعية، أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر” في 1962.
وسارعت الرباط حينها بالرد معربة عن “أسفها لهذا القرار غير المبرر تماماً”. واعتبرت وزارة الخارجية المغربية في بيان أن القرار كان “متوقعاً بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة…”، مشددة على رفضها لما أسمته “المبررات الزائفة”.
ولكن نعوم يصر على أن “الجزائر تسعى لتصوير المشهد على أنه استفزاز لها، وكأن طبول الحرب تقرع ولكن هذا الأمر مستبعد ومستحيل”، مبينا أن “المواجهة العسكرية المباشرة مع الجزائر ليست واردة على الإطلاق”.
وهو ما لا يوافق عليه بوهديل الذي يقول إن “المغرب لا يستطيع مواجهة الجزائر، حيث لا يوجد توازن في القوى على الإطلاق”.
وتعزز الخلاف بين الجارتين منذ العاشر من كانون الأول 2020، حينما أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية، بوساطة أميركية وبمكسب مغربي تمثل في اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالسيادة على الصحراء الغربية.
وتابع بو هديل “المغرب غير قادر على مواجهة جبهة البوليساريو الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، فهل يقدر على الجزائر؟”.
ومن بين نقاط الخلاف الكبرى بين المغرب والجزائر قضية الصحراء الغربية التي كانت مستعمرة إسبانية، وضم المغرب معظم أراضيها إليه عام 1975.
وتدعم الجزائر وتستضيف جبهة البوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء الغربية، وهو ما يثير غضب المغرب.