بالأرقام ـ حتى الأوكرانيين المتحدثين بالروسية لا يريدون موسكو

8 مارس 2022
بالأرقام ـ حتى الأوكرانيين المتحدثين بالروسية لا يريدون موسكو

كشفت دراسات أشارت إليها صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن غالبية سكان أوكرانيا الناطقين باللغة الروسية يشعرون بأنهم مواطنون أوكرانيون، وأن اللغة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن هويتهم الوطنية، على عكس مزاعم القادة الروس بأنهم سيرحبون بالقوات التي جاءت “لتحريرهم”.
واقترحت موسكو مؤخراً فتح ستة ممرات آمنة للمدنيين تتجه إلى روسيا أو حليفتها بيلاروس، وهو ما رفضته السلطات الأوكرانية التي طالبت بطرق آمنة نحو بولندا وأماكن أخرى في أوروبا.
ويقول تقرير صحيفة واشنطن بوست إن هذا الأمر يعد أحدث مثال على افتراضات روسيا الخاطئة بتحقيق نصر سهل في أوكرانيا وأن شعبها سيكون “سعيداً عندما يتم تحريره من النظام الذي احتله”.
وفي تبريره لغزو واحتلال دونباس، زعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤولون آخرون أن الأوكرانيين في الأجزاء الشرقية من البلاد هم من أصل روسي، ويعيشون تحت الاحتلال الأوكراني.
وقال بوتين في خطاب أدلى به مؤخراً إلى المواطنين الروس إن “الأشخاص الذين يُعرفون بأنهم روس ويريدون الحفاظ على هويتهم ولغتهم وثقافتهم يتلقون إشارة إلى أنهم غير مرغوب فيهم في أوكرانيا”.
لكن أبحاث علم النفس السياسي التي أشارت إليها واشنطن بوست تشير إلى أن السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا ليسوا بحاجة إلى روسيا لإنقاذهم، ومعظمهم يشعرون بأنهم مواطنون أوكرانيون.
وكشفت دراسة كبيرة أجريت عام 2013 حقيقة أن اللغة غير مرتبطة بالهوية العرقية هناك، فبتحليل هويات سكان مناطق مختلفة من البلاد، وجد أن الغالبية العظمى منهم يعتبرون هويتهم العرقية أوكرانية وكان الاستثناء الوحيد في شبه جزيرة القرم.
وأطلق أكثر من 90 في المئة من سكان مناطق غرب ووسط أوكرانيا على أنفسهم أوكرانيين، وفي الأجزاء التي يغلب عليها الطابع الروسي مثل جنوب وشرق أوكرانيا وحتى دونباس، عرف 70 في المئة، أو أكثر، أنفسهم على أنهم أوكرانيون، وفق الدراسة.
وعندما طلب عالم النفس السياسي الأوكراني فاديم فاسوتينسكي، من أكثر من 1300 من السكان الناطقين بالروسية في كييف ولوهانسك وأوديسا وسيمفيروبول الاختيار من بين عدة طرق مختلفة لوصف أنفسهم، اختار 37 في المئة مصطلح “مواطن أوكراني”، بينما اختار 34 في المئة “مواطن أوكراني ناطق بالروسية “، فيما اعتبر 18 في المئة فقط أن “الروسية” هي هويتهم الرئيسية.

وعدم ارتباط اللغة بالهوية الوطنية ليس أمراً فريداً، فهناك العديد من البلدان تتحدث بلغتين أو أكثر ولا يؤثر ذلك على هويتها، مثل سويسرا أو كندا، وهناك أيضاً بلدان مثل إيرلندا أصبحت اللغة الأصلية واللغة الوطنية الرسمية فيها لغة أقلية.
وهذا الالتزام القوي تجاه أوكرانيا كان واضحاً أيضاً بين المهاجرين قبل النزاع. وفي دراسة لمجموعتين لغويتين من المهاجرين الأوكرانيين في بولندا، وجد باحثون أنه على الرغم من أن الأشخاص الذين كانت لغتهم الأم هي الأوكرانية عبروا عن هوية أوكرانية أقوى من المتحدثين بالروسية، فإن أولئك الذين قالوا إن لغتهم الأم روسية أعربوا أيضاً عن مشاعر إيجابية للغاية حول كونهم أوكرانيين وعن علاقات قوية مع الأوكرانيين الآخرين.
ويتحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اللغة الروسية، ونشأت رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، وهي زعيمة بارزة للثورة البرتقالية في أوكرانيا، وهي تتحدث الروسية. وتلقى كل من زيلينسكي وتيموشينكو دعماً انتخابياً هائلاً في الأجزاء الناطقة بالأوكرانية من البلاد.
ورغم من أن الدستور الأوكراني يحدّد اللغة الأوكرانية باعتبارها اللغة الوطنية الوحيدة، وأن التشريعات الإضافية التي جعلت الأوكرانية اللغة السائدة في التعليم والقانون والإعلام، إلا أن سياسات اللغة لم تتسبب في تخلي الناطقين بالروسية عن هويتهم الأوكرانية.
ويتنقل العديد من الأوكرانيين الناطقين بالروسية بسهولة بين الروسية والأوكرانية، ويتحدثون الروسية في المنزل والأوكرانية في الأماكن العامة.
وفي استطلاع أجرته مؤسسة Ilko Kucheriv على مستوى البلاد في 2021، أعلن 22 في المئة من الأوكرانيين أن اللغة الروسية هي لغتهم الأم، لكن 36 في المئة فقط قالوا إنهم يتحدثون الروسية في المنزل.
والأوكرانيون الناطقون بالروسية يقاتلون من أجل بلدهم للدفاع ضد الجيش الروسي. وكتائب المتطوعين الأوكرانية خلال الحرب الانفصالية طويلة الأمد في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، على سبيل المثال، ضمت نسبة كبيرة من المتحدثين بالروسية.