مونتينيغرو… مستقبل ضبابي في ظل غياب المال الروسي

27 مارس 2022

لطالما كانت مونتينيغرو تستقبل اليخوت والسياح والمستثمرين في العقارات الآتين من روسيا، لكن الدولة المطلة على البحر الأدرياتيكي وعدت بتأييد فرض عقوبات غربية على موسكو، ما يجعل معالم مستقبلها غير واضحة من دون ضمانات بشأن تدفق الأموال الروسية إليها.
وتواجه دولة البلقان الصغيرة والمرّشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ العام 2008، والتي انضمّت إلى حلف شمال الأطلسي قبل خمس سنوات فقط، مشكلة كبيرة بعيد بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط. ومن الممكن أن يهدّد تطبيق عقوبات بروكسل على موسكو التوازن الاقتصادي في مونتينيغرو التي يبلغ عدد سكانها 620 ألف نسمة ويعتمد ربع ناتجها المحلي الإجمالي على قطاع السياحة الذي ساهم فيه الروس بشكل كبير في العقد الأخير.
وتقول مديرة وكالة السفر “غوليفير مونتينيغرو” دانيكا كازانيغرا غريغوفيتش، في مدينة بودفا المطلّة على البحر الأدرياتيكي، لوكالة فرانس برس، إن “نحبّ الروس. ونعتمد عليهم”. وفي المنتزه الأساسي في المدينة ناطقون بالروسية أكثر من الناطقين بلغة مونتينيغرو. وفي المدينة الساحلية سلسلة من المتاجر والمدارس لآلاف المهاجرين الروس.
وتخشى غريغوفيتش، مثل كثيرين غيرها، من تأثير العقوبات المفروضة على المؤسسات المالية الروسية وحظر الطيران في أوروبا على دولة مونتينيغرو. وكان العاملون في قطاع السياحة ينتظرون الموسم السياحي لجذب المتلهّفين لقضاء عطلة بعدما حُرم القطاع من روّاده بسبب جائحة كوفيد-19. وتضيف غريغوفيتش “عايشنا موسمين سياحيين لا بأس بهما. سنتلقى ضربات إضافية أكثر ممّا نتمنّى”.
ويبدو أن الاستثمارات التي ساعدت في تطوير العقارات في المناطق الساحلية بدأت تجفّ إذ بدأ الروس يواجهون صعوبة متزايدة في إخراج الأموال من البلاد.
وطيلة سنوات، شجعت قوانين الاستثمار المتراخية وكون الروس لا يحتاجون إلى تأشيرات للذهاب إلى مونتينيغرو، تدفق الأموال الروسية، ما أدى إلى تسارع بناء القصور على سواحل كانت غير مضيفة لمشاريع.
ويوضح نائب مدير منظمة “مانس” غير الحكومية العاملة على محاربة الفساد والجريمة المنظمة المؤثرة على مونتينيغرو ديجان ميلوفاك، أن “مونتينيغرو كانت وجهة سياحية محبّذة جداً من قبل الأثرياء الروس الذين كانوا يودّون شراء عقارات أو إخفاء أصولهم”.
واستفاد الروس أيضاً بشكل واسع من برنامج “جوازات السفر الذهبية” الذي يمنح الجنسية لكلّ الأجانب الذين يستثمرون ما يصل إلى 450 ألف يورو في مونتينيغرو. ومُنحت 60% من هذه الجوازات في مونتينيغرو في الأشهر الـ14 الأخيرة لروس. لكن منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، لم تعد تُباع العقارات في بودفا، حسبما أكّد لوكالة فرانس برس وكيلان عقاريان مختلفان. وتحاول السلطات تهدئة المخاوف بعدما وعدت باعتماد العقوبات المفروضة على موسكو في سياق الإجراءات الأوروبية ردّا على الغزو الروسي لأوكرانيا. ولم يبدأ تطبيق هذه العقوبات حتى الآن بسبب خلافات سياسية، غير أن الحكومة وعدت بفرض إجراءات للتصدي للتداعيات الاقتصادية للنزاع بما فيها ارتفاع أسعار الوقود وأسعار المواد الغذائية.

ويقول وزير خارجية مونتينيغرو وردي رادولوفيتش لوكالة فرانس برس، إنه “للأسف، اندلعت الحرب وعلينا التوجّه إلى أسواق أخرى”، معتبراً أن “حصول ذلك هو فرصة للابتكار”.
ويتابع “قد يكون الوقت حان لنحاول تنويع اقتصادنا. قد يكون الوقت حان لنتوقف عن الاعتماد على قطاع واحد فقط هو السياحة”.
وتجمع بين مونتينيغرو وروسيا منذ قرون علاقات متناغمة إلى حدّ ما مبنية على تراث الدولتين السلافي والأرثوذكسي وتحالفاتهما خلال حروب القرن العشرين.
وأعلنت مونتينيغرو عن استقلالها عن صربيا في العام 2006، واتّجهت نحو الغرب، لكن علاقاتها مع روسيا بقيت مستقرّة نسبياً، على الرغم من ضربة قاسية في العام 2016 حين اتهمت سلطات مونتينيغرو موسكو بالترويج لخطة انقلابية مفترضة تهدف إلى منع البلاد من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما نفاه الكرملين دائماً. وعلى الرغم من كل شيء، بقيت مونتينيغرو وجهة سياحية مفضّلة لدى الروس الراغبين بالسياحة أو الاغتراب أو الاستثمار.
ويقول مارات غيلمان، وهو جامع قطع فنية معادٍ للرئيس الروسي، “قد يكون ذلك خطأنا ربما لأننا لم نشرح مدى خطورة بوتين”، متابعاً “كل الذين لديهم بطريقة أو بأخرى علاقات مع روسيا سيخسرون الكثير”.