عقوبات إضافية ضد روسيا.. اضطرابات شعبية داخل أوروبا

14 أبريل 2022
عقوبات إضافية ضد روسيا.. اضطرابات شعبية داخل أوروبا
عماد الشدياق

على الرغم من عدم جدواها السريعة، واحتمال تدمير ما تبقى من أقنية دبلوماسية وعلاقات بين الدول الغربية وروسيا، لم يتخلَّ الغرب -إلى اليوم- عن فكرة فرض المزيد من العقوبات ضد موسكو نتيجة حربها على أوكرانيا.

جهود دبلوماسية تُبذل من أجل وقف إطلاق النار. لكن رغم ذلك، فإنّ فرض المزيد من العقوبات ضد ما تبقى من المصارف الروسية العاملة ضمن نظام سويفت (Swift)، ما زال على مائدة التفاوض والمباحثات في أروقة الاتحاد الأوروبي. ليس هذا فحسب، فإنّ عيون الولايات المتحدة وبريطانيا لا تزال مُحدقة على قطاع النفط والغاز الروسيين، وتضغطان من أجل تشديد الخناق حول رقبة موسكو من خلال هذا القطاع الحيوي.

الأوساط المقربة من الكرملين، اعتبرت أنّ مجتمع الاقتصاد والأعمال في الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا ألمانيا، “سيعاني من أضرار لا يمكن إصلاحها” في حالة اعتماد عقوبات إضافية ضد روسيا، مثل تلك التي “روّجت لها المملكة المتحدة مؤخراً”، وبما فيها قطاع النفط والغاز، وكذلك ضمناً “محاولة فصل روسيا عن نظام التبادل المصرفي الدولي سويفت بشكل كامل”.

أمّا لناحية معاقبة قطاعي النفط والغاز الروسيين، وإذعان أوروبا بشكل كلّي للإرادة الأميركية والبريطانية، فإنّ دوائر القرار الروسي ترى أنّ “عواقبَ وخيمة تنتظر ممثلي قطاع الأعمال في الاتحاد الأوروبي”، وخصوصا في حالة رفض الاتحاد الأوروبي استكمال مشروع “نورد ستريم 2″، وخصوصا بهذا الشكل “المسيّس”، وبالتالي استبداله بالغاز الأميركي المُسال.

الأوساط نفسها ذكّرت شركاء روسيا الأوروبيين، بأنّ الغاز الأميركي “سيكون أغلى ثمنا من نظيره الروسي على جيوب المواطنين الأوروبيين”، وهذا -في تقدير الأوساط عينها- سيؤدي حتما إلى “مضاعفة أسعار الطاقة على كاهل المستهلكين العاديين في القارة الأوروبية”، كما يهدّد لاحقا بـ”زيادة حادّة في النشاطات الاحتجاجية وفي التوترات الاجتماعية داخل دول أوروبا الغربية والوسطى”.

ليس هذا فحسب، فإنّ الأوساط الروسية تكشف أنّ الولايات المتحدة لا تظهر ما تضمر تجاه روسيا، أو أقله تكابر في حديثها عن العقوبات النفطية، لأنّ سوق الوقود الأميركي “غير مستعد لوقف استيراد وقود الديزل وزيت الوقود الروسي”، وذلك بخلاف ما حاولت الترويج له الإدارة الأميركية بداية الحرب، خصوصا أنّ الولايات المتحدة “تعاني من نقصٍ حاد” في هذه الموارد، فضلا عن “عدم قدرتها على شرائها من إيران وفنزويلا” مثلما حاولت الإيحاء من قبل، كاشفة في الوقت نفسه أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “تظهر ازدواجية في التعاطي مع إيران وفنزويلا”، فهي “لا تلتزم بوعودها الصاخبة” في سبيل الضغط الاقتصادي على روسيا، ولكنّها تطلب ذلك من دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

وتتعرّض دول الاتحاد الأوروبي إلى ضغوط كبيرة تمارسها الأوساط الرسمية والاقتصادية في بريطانيا والولايات المتحدة، من أجل استهداف هذين القطاعين الحيويين بالنسبة للاقتصاد الروسي. وتبذل لندن وواشنطن الجهود بلا هوادة، من أجل الوصول إلى قرار يقضي بقطع العائدات النفطية التي تُسهم -في نظر هؤلاء- في “تمويل نفقات روسيا العسكرية”.

وعلى سبيل المثال، فإنّ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، اعتبر قبل نحو أسبوع أنّ الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات على النفط والغاز الروسي “عاجلا أو آجلا”. وكذلك حضّت السلطات البريطانية قبل أيام، دول مجموعة السبع (G7) لأكبر الاقتصادات العالمية والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، على تحديد “إطار زمني” من أجل وقف واردات النفط والغاز الروسية تدريجيا.

أمّا المفوضية الأوروبية، فاقترحت هي الأخرى على الدول الأعضاء الـ27، وقف مشترياتها من الفحم الحجري الروسي التي تشكل نحو 45% من واردات الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن اقتراح إغلاق الموانئ الأوروبية أمام السفن الروسية.

أضف إلى هذه الضغوط الرسمية كلّها، فإنّ مراكز الأبحاث الغربية والخبراء الاقتصاديين في لندن والولايات المتحدة، لا يتوقّفون عن التشكيك في “فعالية العقوبات الحالية” ضد روسيا، ويعتبرون أنّ العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي لن تصبح مؤلمة إلاّ بعد استهداف النفط والغاز. ناهيك عن العقوبات ضد المصارف الروسية، التي يرى الخبراء نفسهم أيضاً، أنّ عدداً كبيراً منها “ما زال فاعلا”، ويمكن لعدد منها تلقي المدفوعات أو العمل كقناة دفع لما تريد أوروبا حظره في كثير من المجالات، وذلك بسبب حاجة بعض الدول الأوروبية إلى تنفيذ تحويلات مالية لزوم دفع ثمن موارد الطاقة.

وعليه، يرى خبراء غربيون كثر أنّ تأثير العقوبات سيصبح حقيقيا عندما تُستهدف واردات النفط والغاز، إلاّ أنّ هذه الخطوة تلقى معارضة شديدة من النمسا وألمانيا، بسبب اعتماد هاتين الدولتين الكبير على الغاز الروسي، في حين أنّ أيرلندا وليتوانيا تؤيدان السير بها.

يُذكر أنّ القارة الأوروبية تستورد من روسيا نحو 40% من حاجاتها من النفط والغاز، وعلى رأس المستوردين، دولة ألمانيا التي أعلنت إلغاء مشروع خط أنابيب الغاز العملاق “نورد ستريم 2” خلال الأسبوع الأول من انطلاق شرارة الحرب في أوكرانيا.

المصدر الجزيرة