أظهرت صور لأقمار اصطناعية ما بدت صفوفاً فوق صفوف من المقابر الجماعية حديثة الحفر في ضواحي ماريوبول، ما عكس الأهوال المتزايدة للحرب في أوكرانيا، فيما قصفت روسيا، الجمعة، معاقل أوكرانية في مصنع الصلب بالمدينة وأهدافاً أخرى في محاولة للتوغل بشرق أوكرانيا الصناعي.
وقال مستشار عمدة ماريوبول بيترو أندريوشينكو عن المصنع المحاصر، إنهم “كل يوم يلقون عدة قنابل على آزوفستال. القتال والقصف لا يتوقفان”.
وتعرضت مدن أخرى في أنحاء منطقة دونباس أيضاً لنيران روسية طوال الليل، وعرقلت الهجمات جهود إجلاء المدنيين.
وتتحمل المنطقة التي تضم عدة مناجم فحم ومصانع معادن ومعدات ثقيلة ما قد تعد اشتباكات ملحمية، فيما يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إحراز نصر في الحرب المستمرة منذ 8 أسابيع، والتي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها خطأ فادحاً وكارثة إنسانية.
والخميس الماضي، أعلن بوتين الانتصار في المعركة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية الواقعة جنوبي أوكرانيا، رغم استمرار وجود نحو ألفي أوكراني متحصنين في المصنع مترامي الأطراف الذي يتعرض لقصف منذ أسابيع.
وأمر بوتين قواته بعدم اقتحام المعقل وإنما محاصرته وإغلاقه.
في الوقت نفسه، نشرت شركة “ماكسار” للتكنولوجيا صوراً جديدة لأقمار اصطناعية قالت إنها تظهر أكثر من مائتي مقبرة في بلدة قرب ماريوبول، ما أثار اتهامات للروس بمحاولة إخفاء قتل مدنيين في المدينة.
وتشير تقديرات أولية من الأوكرانيين إلى أن المقابر قد تضم 9 آلاف جثة، لكن أندريوشينكو قال إنها قد تضم المزيد.
وكانت سلطات أوكرانية قالت إن أكثر من 20 ألف مدني قتلوا في حصار ماريوبول خلال نحو شهرين.
وأضاف مساعد العمدة، “حفرت المقابر والجثث مازالت تلقى هناك”.
وقال بوتين، الجمعة، إن روسيا منحت القوات الأوكرانية المتحصنة بالمصنع خيار الاستسلام مع ضمانات إبقائهم أحياء، وعرضت تقديم علاجاً ورعاية طبية مناسبة، وفقا لنص محادثة هاتفية جرت مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ونشرها الكرملين.
وأضاف بوتين، “لكن نظام كييف لا يسمح لهم بانتهاز هذه الفرصة”.
وزعم مسؤولون أوكرانيون أن محاولات متكررة لإجلاء مدنيين من المدينة فشلت لأن روسيا لم تحترم وقف إطلاق النار.
وذكرت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إرينا فيريشوك أنه لن تفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين في أوكرانيا، أمس الجمعة، إثر شدة خطورة الوضع، وحثت المدنيين على “التحلي بالصبر والتماسك”.
وبعد أيام من توجه الهجوم الروسي إلى الشرق، لم تتحول الحملة بعد إلى هجوم شامل، ويقول محللون عسكريون إن قوات موسكو مازالت تعد عتادها، لكن بلدات متفرقة في الشرق شهدت وابلاً من القذائف التي أجبرت السكان على الفرار مذعورين.
وتعرضت مدينة سلوفيانسك، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة وتقه في شرق أوكرانيا، لإطلاق نار خلال الليل، وفقاً لما ذكره رئيس البلدية فاديم لياخ، الذي قال إنه لم ترد أنباء عن وقوع إصابات، لكنه حث السكان على المغادرة، وقال إنه سيتم تنظيم قافلة من الحافلات.
وقال حاكم لوغانسك، سيرهي هايداي، إن النيران الروسية في روبيجني حالت دون محاولات إدخال حافلات.
وسمع أيضاً دوي قصف مكثف خلال الليل في خاركيف، وهي مدينة تقع في شمال شرق البلاد خارج دونباس، لكن ينظر إليها على أنها إحدى البوابات التي يعتزم الروس استخدامها لتطويق القوات الأوكرانية في دونباس من الشمال والجنوب والشرق.
وإذا نجحت الحملة، فإنها ستمنح بوتين جزءاً حيوياً من البلاد، ونصرا هو في أمس الحاجة إليه ليظهره للشعب الروسي وسط الخسائر المتزايدة في الحرب والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية.
لكن محللين يقولون إن القوات الروسية لم تحقق حتى الآن أي اختراقات كبيرة في دونباس أو تحقيق أي أرضية مهمة.
وينظر إلى معركة ماريوبول على أنها مفتاح الهجوم شرقاً، وسيكمل الاستيلاء عليها جسراً برياً بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو عام 2014، وتحرير قوات بوتين للمشاركة في الحملة الأكبر في الشرق.
كانت ماريوبول موقعا لبعض أسوأ صور المعاناة في الحرب، وأشارت صور لأقمار اصطناعية تم نشرها الخميس إلى المزيد من المعاناة، إذ أظهرت الصور صفوفا طويلة من أكوام التراب تمتد من مقبرة موجودة في مانوش بضواحي ماريوبول.
وعندما تم اكتشاف مقابر جماعية ومئات القتلى المدنيين في بوتشا، وبلدات أخرى حول كييف بعد انسحاب القوات الروسية قبل ثلاثة أسابيع، نفى المسؤولون الروس قتل جنودهم أي مدنيين هناك واتهموا أوكرانيا زورا بتدبير هذه الفظائع.