ذكر قراصنة أنهم نجحوا في اختراق العشرات من المؤسسات الروسية على مدار الشهرين الماضيين، بما في ذلك رقابة الإنترنت في الكرملين وأحد أجهزته الاستخبارية الرئيسية، وسربوا العشرات من الرسائل البريد الإلكتروني والوثائق الداخلية.
وتأتي عملية القرصنة في الوقت الذي نشرت فيه الحكومة الأوكرانية أسماء الجنود الروس وعملاء المخابرات الذين تورطوا في مذبحة بوتشا، والمعلومات الخاصة بهم مثل تواريخ الميلاد وأرقام جوازات السفر، لكنها لم تعلن كيف حصلت على هذه المعلومات.
ويبدو أن جهود القرصنة هي جزء من حملة عالمية لمعارضة الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويرى باحثون أن بعض البيانات التي تم نشرها قد تكون قديمة وتم إعادة تدويرها وتقديمها على أنها جديدة، في محاولة لزيادة مصداقية المتسللين بشكل مصطنع.
وقال دميتري ألبيروفيتش، كبير مسؤولي التكنولوجيا السابق في شركة الأمن السيبراني CrowdStrike”، إن هناك سبباً للتشكيك في موثوقية بعض التسريبات.
لكن ألبيروفيتش أضاف أن حملة القرصنة “قد تثبت مرة أخرى أنه في عصر التدخلات الإلكترونية المنتشرة وتوليد كميات هائلة من المعلومات الرقمية، لا أحد قادر على إخفاء وتجنب التعرف على جرائم الحرب الفظيعة. لفترة طويلة”.
وتُظهر التسريبات أيضاً رغبة أوكرانيا في ضم القراصنة الهواة في حربها الإلكترونية ضد روسيا.
في أوائل آذار، حشد المسؤولون الأوكرانيون المتطوعين لمشاريع القرصنة، وكانت الحكومة الأوكرانية تنشر معلومات عن خصومها على المواقع الرسمية.
ويقول مسؤولو المخابرات الأميركية إنهم يعتقدون أن القراصنة العاملين في روسيا وأوروبا الشرقية انقسموا الآن إلى معسكرين على الأقل، فقد تعهد البعض بالولاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وآخرون، معظمهم من أوروبا الشرقية، شعروا بالإهانة من الغزو الروسي ولا سيما قتل المدنيين، وانحازوا إلى الحكومة الإلكترونية.
في المرحلة الأولى من الحرب، ركز القراصنة الأوكرانيون على الهجمات التي تهدف إلى تعطيل المواقع الروسية. كما استهدف الروس مواقع الحكومة الأوكرانية في يناير قبل الغزو، وقاموا بتثبيت برامج ضارة تقوم بمسح البيانات بشكل دائم من شبكات الكمبيوتر.
في الآونة الأخيرة، شن الروس هجمات إلكترونية تهدف إلى قطع الكهرباء والاتصالات العسكرية، لكن تم إحباط الكثير منها كما يقول المسؤولون الأميركيون.
وحذر الخبراء من أن تورط قراصنة هواة في الصراع في أوكرانيا قد يؤدي إلى التحريض على المزيد من القرصنة المدعومة من الدولة، إ1 تسعى الحكومات للدفاع عن نفسها والرد على مهاجميها.
في الأول من مارس، نشر منفذ الأخبار الأوكراني “Ukrainska Pravda” أسماء ومعلومات شخصية قالت إنها تخص 120 ألف جندي روسي يقاتلون في أوكرانيا.
وذكر المنفذ الإخباري أن المعلومات جاءت من مركز استراتيجيات الدفاع، وهو مركز أبحاث أمني أوكراني. وفي أواخر مارس، سرب جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني أسماء وبيانات شخصية لـ 620 شخصاً قال إنهم ضباط في مكتب إف إس بي الروسي.
وفي أوائل نيسان، نشر جهاز المخابرات العسكرية معلومات شخصية لجنود روس قالوا إنهم مسؤولون عن جرائم حرب في ضاحية بوشا.
وقال جهاز المخابرات العسكرية في بيان على موقعه على الإنترنت مرفق بمخزن بيانات بوتشا، “سيتم تقديم جميع مجرمي الحرب إلى العدالة على الجرائم التي ارتكبت ضد السكان المدنيين في أوكرانيا”.
وأكد خبراء أن الكشف عن هذه البيانات الشخصية للجنود الروس هي أقرب إلى حرب المعلومات منها إلى الحرب الإلكترونية، لإحراج الكرملين والتأثير على قرارته.
في المقابل، نفذ قراصنة مدعومون من الدولة الروسية أيضاً عدداً من الهجمات الإلكترونية في أوكرانيا منذ بدء الحرب، واستهدفوا الوكالات الحكومية والبنية التحتية للاتصالات وشركات المرافق. فقد اعتمدوا إلى حد كبير على البرامج الضارة المدمرة لمحو البيانات وتعطيل عمليات شركات البنية التحتية الحيوية، لكنهم استخدموا أحياناً أساليب القرصنة والتسريب.
وفي أواخر شباط، بدأت جماعة تطلق على نفسها اسم “Free Civilian” في تسريب معلومات شخصية يُفترض أنها مملوكة لملايين المدنيين الأوكرانيين.
وقال الباحثون إن عملية الاختراق والتسريب كانت تهدف إلى زعزعة الثقة في الحكومة الأوكرانية وقدرتها على تأمين بيانات المواطنين.
كما استهدف قراصنة تابعون لروسيا وبيلاروسيا شركات وسائل الإعلام الإخبارية والمسؤولين العسكريين الأوكرانيين في محاولة لنشر معلومات مضللة حول استسلام الجيش الأوكراني.
بدورها، حذرت وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية، الأربعاء، من أن “بعض مجموعات القرصنة الإلكترونية تعهدت مؤخراً علناً بدعم الحكومة الروسية”.
وقالت الوكالة “لقد هددت مجموعات القرصنة الإلكترونية المتحالفة مع روسيا بإجراء عمليات إلكترونية انتقاما من الهجمات الإلكترونية المتصورة ضد الحكومة الروسية أو الشعب الروسي”.