تعرفوا على مصنع “آزوفستال” محور القتال في ماريوبول

19 مايو 2022
تعرفوا على مصنع “آزوفستال” محور القتال في ماريوبول

أصبح مصنع “آزوفستال” في الفترة الأخيرة محل جدل واسع بعدما حاصر الجيش الروسي مجموعة كبيرة من مقاتلي كتيبة “آزوف” القومية الأوكرانية المتطرفة داخل المصنع. فما هو هذا المصنع، وما تاريخه، وما الذي كان يمثله بالنسبة للاتحاد السوفيتي؟ وما الذي يجعل مصنعا كهذا، صمم للتصنيع وليس للأغراض العسكرية يصبح قلعة حصينة على هذا النحو؟
ويعد مصنع “آزوفستال” مدينة صناعية صغيرة، وهو مجمع صناعي تبلغ مساحته 11 كيلومتر مربع، بمعنى أنه يمثل 1/15 من مساحة مدينة ماريوبول بالكامل. يوقع “آزوفستال على ساحل بحر آزوف، وله ميناء شحن خاص به. وتضم تلك المدينة الصناعية زهاء 41 مصنعا، وبينهما طرق ممهدة لانتقال المعدات والأفراد بينها.
وتحتوي تلك المصانع على خمس طوابق تحت الأرض، ويبلغ طول الأنفاق بين هذه المصانع أكثر من 20 كيلومترا، تمر خلالها أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء، وتستخدم كذلك لانتقال الأفراد، بين المخابئ الموجودة تحت هذه المصانع.
يبلغ عدد هذه المخابئ 36 مخبأ، ويمكنها استيعاب حوالي 12 ألف فرد، أنشئت في عصر نمو التصنيع أثناء حكم الزعيم السوفيتي، جوزيف ستالين، إذ اتخذ قرار بناء هذا المجمع الصناعي الضخم من قبل هيئة رئاسة المجلس الأعلى للاقتصاد الوطني للاتحاد السوفيتي، عام 1930، ويعود السبب في وجود هذا العدد من المخابئ لأن جميع المصانع التي أنشئت في ثلاثينيات القرن الماضي في الاتحاد السوفيتي كانت مصممة للوقاية من الحروب، حتى يتمكن العمال من مواصلة العمل تحت أي ظرف من الظروف، بما في ذلك ظروف الحرب.
افتتح المجمع الصناعي عام 1933 بمصنع الحديد الزهر، ثم أضيف له فرن مجمرة مكشوفة “مارتن” لصناعة الصلب المخصوص. وقد حطم المصنع الأرقام القياسية لإنتاجية أفران الانفجار حول العالم عام 1941، وفي مايو عام 1945 كان يعمل بالمصنع 4 أفران انفجار و6 أفران “مارتن”.
بعد بداية الحرب العالمية الثانية، ومع اقتراب خطوط الجبهة إلى ماريوبول، تم تفكيك أغلبية المصانع داخل المجمع ونقلت إلى جبال الأورال وسط روسيا، وتوقفت الأفران عن العمل، استولى الألمان على المدينة في 8 تشرين الاول عام 1941، وأصبح اسم المصنع “مصنع آزوف رقم 1″، ودخل في المجموعة الصناعية “فريدريخ كروب” وكان رئيسه ألفريد كروب الذي كان يسمى فوهرر الاقتصاد الصناعي الألماني، إلا أن الفدائيين السوفييت داخل المصنع قاموا بتفجير مصنع المياه داخل المجمع، وعرقلوا بذلك عمليات تبريد المعادن في أنحاء المجمع. وتوقفت المصانع لمدة طويلة، حتى أصلحها الألمان وعادت للعمل، وقبل مغادرتهم أثناء انسحابهم، دمروا معظم أبنية المصنع، وكل ما تبقى من المعدات.

وفي تشرين الاول 1944 بدأت عملية إعادة إعمار المجمع الصناعي، وعادت المصانع للعمل في 1945 وبدأت في تحطيم الأرقام القياسية مرة أخرى بدءاً من عام 1948. وبدأ المجمع الصناعي في تصنيع قضبان السكك الحديدية.
في الستينيات من القرن الماضي، أصبح ثلثا السكك الحديدية في الاتحاد السوفيتي من إنتاج “آزوفستال” (طول السكك الحديدية في الاتحاد السوفيتي 147.4 ألف كيلومتر).
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ظل المجمع الصناعي يعمل، ويحقق حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، وتم خصخصة المصنع عام 1996، ذ أصبح المجمع الصناعي شركة مساهمة مفتوحة، ودخل في مجموعة شركات “ميت إنفيست” لمالكها الأوليغارشي الأوكراني، رينات أحمدوف، الذي شغل المركز الأول لأغنى 100 شخصية أوكرانية لعام 2021، وفقاً لقائمة “فوربس”، بثروة قدرها 7.6 مليار دولار.
في الألفية الجديدة تم تحديث المجمع الصناعي، وكان عدد العاملين به أكثر من 10 آلاف شخص، وبوقوع انقلاب عام 2014، خسر المصنع جزءاً كبيراً من المواد الخام التي كانت تصله من مناجم دونيتسك، وبدأ في العمل بجداول مخفضة عام 2015، لكنه عاد إلى إنتاجيته المعتادة في عام 2016، وزاد الطلب على منتجاته بشكل أساسي من تركيا والشرق الأوسط.
بعد عام 2014، قررت شركات “ميت إنفيست” إعادة بناء الملاجئ السوفيتية بالمجمع الصناعي. ووفقاً لكلمات مدير المصنع، إنفير تسكيتيشفيلي: “كان عمال المصنع يتدربون يومياً على كيفية النزول إلى المخابئ، وفي الفترة ما بين 17 و23 فبراير تمكنا من توفير كميات كبيرة من المياه والسلع الغذائية إلى تلك المخابئ”.