الجزائر على خط تصادم مع الاتحاد الأوروبي

11 يونيو 2022
الجزائر على خط تصادم مع الاتحاد الأوروبي

وضعت الجزائر نفسها في موقف صعب مع الاتحاد الأوروبي بسبب الإجراءات الأحادية التي اتخذتها ضد إسبانيا بإلغاء معاهدة الصداقة والتعاون وحظرها كل أشكال التجارة معها عدا الغاز، وهي خطوة تنتهك اتفاقيتها للشراكة مع الاتحاد الأوروبي وقد تقود إلى تصعيد من الجانب الأوروبي.
وفي الوقت الذي كان فيه النظام الجزائري يعتقد أن إلغاء معاهدة الصداقة هو بمثابة عقاب لإسبانيا على تغيير موقفها من موضوع الصحراء ودعمها مقاربة المغرب للحكم الذاتي الموسّع، فإنه لم يتوقع ردة الفعل الأوروبية السريعة، والتي تكشف عن تضامن غير محدود مع مدريد، وهو تضامن يفرضه نظام الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولان كبيران في الاتحاد الأوروبي الجمعة إن قرار الجزائر حظر التعاملات التجارية مع إسبانيا ربما يمثل انتهاكا لقانون التجارة بالاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في بيان مشترك إن “الاتحاد الأوروبي مستعد للوقوف في وجه أيّ نوع من الإجراءات القسرية ضد دولة عضو.. ومع ذلك، فهو يفضل الحوار أولا لحل الخلافات”.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده لم تتخذ إلى الآن أيّ قرار يؤثر على الجزائر أو يمسّ شؤونها بعد حظرها التعاملات التجارية، في خطوة تفتح الباب أمام الحوار وتمكن الجزائر من التراجع عن قرارها غير المدروس. لكنه شدد قبل ذلك بيوم على أن بلاده “ستدافع بقوة عن مصالحها ومصالح المواطنين الإسبان والشركات الإسبانية”.
وقال الوزير الإسباني إنه يرجو أن يتم حل الخلاف مع الجزائر عبر الحوار في أقرب وقت، لافتا إلى أن الغاز يتدفق من الجزائر بشكل طبيعي.
ويعتقد مراقبون أن توقيت تصريحات المسؤولين بالاتحاد الأوروبي مع وزير الخارجية الإسباني الهدف منه الضغط على الجزائر لتتراجع عن قرارها وتفصل بين أدوات إدارة الخلاف السياسي وبين الاتفاقيات الاقتصادية التي لا ترتهن للأمزجة الشخصية لأيّ جهة كانت.
ويشير المراقبون إلى أن الجزائر وضعت نفسها في ورطة، فهي لا تقدر أن تستمر في قرارها وقف التعاملات مع إسبانيا لما لهذه الخطوة من نتائج سلبية على الجزائر نفسها إذا قرر الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة بين الطرفين وما تتضمنه من مزايا وتسهيلات للجزائر. كما أن تراجعها السريع وتحت الضغط سيحرجها في الداخل، خاصة أن التصعيد كان الهدف منه إظهار أن النظام قويّ ويمتلك أوراقا كثيرة بيده بينها ورقة الغاز.
ولاحظ هؤلاء سرعة التضامن الأوروبي مع إسبانيا، وهو أمر لا يحدث بنفس السرعة في ملفات أخرى، ما يكشف أن الجزائر لم تقرأ الموقف الأوروبي جيدا وخاصة حجم تأثيرها وصداقاتها داخل الاتحاد.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء الجمعة نقلا عن بيان للاتحاد الأوروبي أنه يجرى تقييم تداعيات الإجراءات الجزائرية بما في ذلك تعليمات أُصدرت للمؤسسات المالية بوقف المعاملات بين البلدين.
ووفقا للبيان، يبدو ذلك انتهاكا لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر. وجاء فيه أن ذلك سيؤدي إلى “معاملة تمييزية لدولة عضو بالاتحاد الأوروبي ويؤثر بشكل سلبي على ممارسة حقوق الاتحاد بموجب الاتفاقية”. وأضاف البيان أن الاتحاد الأوروبي على اتصال وثيق بالحكومة الإسبانية ويتواصل مع السلطات الجزائرية من أجل توضيح سريع للوضع.
وكان وزير الخارجية الإسباني قد ألغى مشاركته في “قمة الأميركيتين” بالولايات المتحدة ليتوجه، الجمعة، إلى بروكسل، لحضور اجتماع طارئ لمناقشة الأزمة مع الجزائر.
والخميس، طالب مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من الجزائر إعادة النظر في تحركها ضد إسبانيا، قائلين إنهم “قلقون للغاية” من الوضع.
وقالت وزيرة المالية الإسبانية نادية كالفينو، في مقابلة الجمعة، “علاقاتنا التجارية ليست وطنية، بل أوروبية. ولهذا السبب من المنطقي أن يسافر الوزير إلى بروكسل اليوم”.
وذكرت صحيفة “الباييس” الإسبانية، الخميس، أن مسؤولين حكوميين إسبان يفكرون في إدانة الجزائر رسميا لخرقها اتفاق “الاتحاد الأوروبي والمتوسطي” لعام 2005.
وتشمل صادرات إسبانيا للجزائر الحديد والصلب والآلات والمنتجات الورقية والوقود والبلاستيك، بينما تشمل الخدمات التي تصدرها لها أعمال الإنشاءات والخدمات المصرفية والتأمين.
وقالت وزيرة الطاقة الإسبانية تيريزا ريبيرا الخميس إنها واثقة أن سوناطراك ستحترم عقودها التجارية، لكنها أقرت بأن الخلاف الدبلوماسي والتجاري يأتي في وقت حساس تجري فيه الشركات المعنية مراجعة لأسعار عقود التوريد لمدة عشر سنوات. ولدى شركات طاقة إسبانية مثل ناتورجي وريبسول وسيبسا عقود مع شركة سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة.