لجأت روسيا إلى الدعاية الإعلامية الكاذبة في مدن وبلدات بشرق أوكرانيا محاولة منها بالحصول على قوة ونفوذ بالتزامن مع تقدم قواتها.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن عددا قليلا من السكان في شرق أوكرانيا لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية مما يجعل الناس تلجأ إلى أجهزة الراديو للحصول على الأخبار والمعلومات.
وقال سيرغي كوزاشينكو، ضابط شرطة من سيفيرودونيتسك انتقل إلى ليسيتشانسك بسبب القتال، إن “ما عليك فعله سوى تشغيل الراديو أو هاتفك لسماع البث الإذاعي الروسي هنا”. وأضاف “سوف يستمع الناس إليها (الإذاعة الروسية) ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟”.
وكان ماكسيم كاترينين، وهو مواطن أوكراني من مدينة ليسيتشانسك في حالة غضب وهو يشير إلى قذيفة مدفعية استقرت في الأرض وصاروخ يظهر من الجدار. وصرخ قائلا إنه قصف أوكراني.
وكان يعتقد أن المدفعية الأوكرانية هي التي أصابت منزله في اليوم السابق وقتلت والدته وزوجها. وصرخ كاترينين قائلا “الروس لا يضربوننا. أوكرانيا تقصفنا!”.
ولكن الواقع مختلف تماماً، إذ لم يكن هناك جنود روس في مدينة ليسيتشانسك الشرقية حتى يتم قصفها من قبل الجيش الأوكراني، وكان من الواضح أن المقذوفات جاءت من اتجاه سيفيرودونيتسك، وهي مدينة مجاورة، استولت القوات الروسية على أجزاء واسعة منها، طبقا للصحيفة الأميركية.
وقال كاترينين وهو يقف بجوار قبري والدته وزوج والدته، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، “سأطلب من العم بوتين إطلاق صاروخ باتجاه المخلوقات التي أطلقت هذه الصواريخ”.
وليسيتشانسك، مدينة صناعية يبلغ عدد سكانها قبل الحرب 100 ألف نسمة، وباتت الآن معزولة عن معظم دول العالم، حيث لا توجد خدمة خلوية ولا مدفوعات معاشات تقاعدية، ويشتد القصف الروسي عليها. ومع ذلك، كان سكانها متقبلون تماما للدعاية الروسية وعملوا على نشرها بأنفسهم.
وقالت أستاذة الشؤون الدولية بالمدرسة الجديدة في نيويورك نينا خروشيفا، التي تُدرِّس مقررا عن سياسة الدعاية، “عندما تُضرب رأسك بنفس الرسالة فإنك تغرق فيها. بعد فترة، لا تعرف ما هي الحقيقة بعد أن تستحوذ الرسالة على واقعك”.
كانت فكرة أن الجيش الأوكراني يقصف شعبه رسالة متكررة في قنوات التضليل الموالية لروسيا على الراديو والتلفزيون والإنترنت منذ بدء غزو موسكو في شباط.
وبصرف النظر عن إثارة الشكوك بين الأوكرانيين حول حكومتهم وجيشهم، فقد كانت وسيلة للكرملين لتفادي المساءلة عندما يتعلق الأمر بالخسائر المدنية التي تسببها الهجمات الروسية.
كانت الدعاية سلاح حرب في أوكرانيا منذ عام 2014 عندما شكل الانفصاليون المدعومون من روسيا جمهوريتين منفصلتين في منطقة دونباس.
وتبث قنوات التلفزيون والراديو المخطوفة هناك باستمرار دعاية مناهضة لأوكرانيا ومعلومات مضللة روسية، على الرغم من الجهود الأوكرانية لمواجهتها.
ودخل البث الروسي، الذي كان يستهدف القوات الأوكرانية على الخطوط الأمامية، أيضا في قاموس سكان ليسيتشانسك المدنيين بعد أن باتوا مقتنعين تماما بالرواية التي يقدمها الكرملين.
ولم يسمح السكان المحليون للمتطوعين الأوكرانيين بالدخول إلى المدينة وتقديم المساعدات الإنسانية للسكان الذين بقوا أثناء الحرب، لا سيما وأن ما يقدر بـ30 إلى 40 ألف شخص موجودين لعدم امتلاكهم المال للفرار أو لأن لديهم أشخاص كبار في السن غير قادرين على الحركة.
وصرخت امرأة مسنة أمام مجموعة من المتطوعين الذين قدموا المساعدات إلى أحد الملاجئ خلال الأسبوع الماضي “لقد تخلت عنا حكومتكم في كييف”.
وتقول الصحيفة الأميركية إنه من المنطقي أن يكون لدى بعض السكان بالمدينة ميول مؤيدة لروسيا على اعتبار أن كثير منهم لديهم صلة قرابة مع عائلات روسية، كما أن المدن نفسها قريبة من الحدود وتتحدث اللغة الروسية في الغالب.
ويقف هؤلاء على النقيض من ملايين الأوكرانيين في معظم أنحاء البلاد الذين عبروا عن غضبهم من غزو بوتين.
وقال رئيس تحرير “ستوب فيك” يفهين فيدشينكو وهي منظمة غير ربحية تكذب التضليل الروسي، “أولاً قطعوا أي محتوى أوكراني، ثم قاموا بملء هذا الفراغ بالمعلومات الخاطئة الروسية. كان هذا هو نهجهم لسنوات”.