في تحليله لموقف رئيس النظام السوري من الحرب الجارية في أوكرانيا، قال تقرير لموقع “جيوبوليتيكل مونيتور” إن بشار الأسد يراهن على “نجاح” حرب حليفه الروسي فلاديمير بوتين، حتى يضمن بقاءه في السلطة، بينما تشهد الساحة الدولية تطورات ربما تهدد بقاءه على رأس النظام.
وفي 29 تموز، اعترفت سوريا رسميا بالدول الانفصالية التي أعلنتها روسيا، والمعروفة باسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية كدولتين ذواتي سيادة، لتصبح بذلك ثاني دولة تفعل ذلك، بعد روسيا.
وأثار القرار إدانة دولية سريعة وشرخا في العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وأوكرانيا، بينما “أصبح الأسد أكثر حاكم يحس بالأمان بين الذين يحميهم الكرملين”.
والأربعاء، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
وقال زيلينسكي في فيديو عبر تلغرام “انتهت العلاقات بين أوكرانيا وسوريا”، مضيفا أن “ضغوط العقوبات” على دمشق الحليفة لموسكو “ستزداد شدّة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنضم فيها دمشق إلى حليفتها روسيا، إذ اعترفت الحكومة السورية في أيار 2018 بمنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الانفصاليتين في جورجيا الواقعتين تحت النفوذ الروسي.
وتربط سوريا وروسيا علاقات اقتصادية كذلك، إذ وقعت موسكو خلال السنوات الماضية اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقوداً طويلة المدى في مجالات عدة أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة.
وبينما سارع الأسد لمماهاة موقف حليفه في الحرب على أوكرانيا، طلبا للاستقرار في منصبه، “يمكن أن تأتي مواقفه بنتائج عكسية على حكومته في سوريا” يقول التقرير.
العلاقات العميقة التي أقامها النظام السوري مع روسيا، ليست سرية، وهي علاقة زرعت منذ أوائل السبعينيات في ذروة الحرب الباردة، وسوريا الآن هي المعقل الوحيد في الشرق الأوسط المتبقي لروسيا، وريثة الاتحاد السابق.
وخلال ما يعرف برياح “الربيع العربي” عندما بدا أن حكومة الأسد كانت في حالة انهيار، تحت حصار داعش وسلسلة انتصارات المعارضة السورية المسلحة، تدخلت روسيا رسميًا نيابة عن الأسد، لتغير مسار الحرب بشكل حاسم، مما ضمن في نهاية المطاف بقاءه ونظامه في السلطة.
لكن هذا التدخل أثار تنديدا دوليا إثر ورود تقارير عديدة عن انتهاكات إنسانية، شملت حملات قصف روسي عشوائي ضد المدنيين، وهو ما يواصل الكرملين إنكاره.
ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يمكن القول إنه العمل العسكري الأكثر إدانة دوليًا منذ الحروب اليوغوسلافية، كان الكرملين في أمس الحاجة إلى حلفاء، وهو ما سارع الأسد إلى فعله.
الأسد كان ملاذ موسكو الوحيد بعد اتخاذ الصين موقفًا محايدًا علنا، لكنه مؤيد لروسيا ضمنيا، وحياد الهند، وتحفظ كل من كازاخستان وقيرغيزستان استجابة للقانون الدولي.
ولم تتلق روسيا أي دعم إلا من الدول ذات الأنظمة الاستبدادية، مثل إريتريا ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا وسوريا وإيران وكوبا.
وكانت نفس هذه الدول، هي الدول الأعضاء الوحيدة في الأمم المتحدة التي صوتت بـ”لا” في تصويت الأمم المتحدة لإدانة العدوان العسكري الروسي في أوكرانيا.
وفي حين أن استراتيجية الأسد هي الاستمرار في إرضاء الكرملين من أجل البقاء، إلا أن التوقعات بنجاح خطته “تزداد قتامة” على حد تعبير التقرير.
وفي نيسان، عيّن بوتين الجنرال الذي قاد الحملات العسكرية الروسية في سوريا ألكسندر دفورنيكوف، لقيادة القوات العسكرية الروسية في منطقة دونباس.
كما أعادت مجموعة فاغنر، سيئة السمعة، نشر مرتزقتها من سوريا وأجزاء أخرى من إفريقيا.
وفي أيار، استدعت روسيا أيضا عددا من القوات من سوريا إلى أوكرانيا، مما يشير إلى نقص كبير في القوى التي تساند الأسد.
هذا الوضع، ترك فراغًا في القوى العسكرية المساندة للسلطة في سوريا، حيث يمكن للقوى المناوئة لحكومة الأسد، مثل تركيا أو إسرائيل أو فصائل المعارضة السورية أو حتى تنظيم داعش، استغلالها، وفق التقرير.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان عن خطط للتوسع أكثر في سوريا من أجل إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود المشتركة.
وأدى ذلك إلى زيادة التوترات مع حكومة الأسد، كما أدى إلى نشر وحدات عسكرية سورية إلى جانب القوات الكردية في الشمال.
ومع الإرشادات الأخيرة لإردوغان من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، لرفعه حق النقض ضد عضوية فنلندا والسويد في الناتو، أصبحت سوريا في موقف سيئ للغاية.
التقرير ختم بالقول إن الصعوبات التي تواجهها روسيا في أوكرانيا، تجعل الدعم العسكري للأسد ضعيفا، وذلك في غمرة وضع جيوسياسي يبدو أنه يتجدد في منحى مضاد لهما (روسيا وسوريا) “وهذه المرة، يمكن لهذه المعطيات أن تؤدي إلى نهاية نظامه”.