دأب مركز “ألما” للبحوث والدراسات الإسرائيلي، والذي يتخذ من الجليل موقعاً له، عبر السنوات الماضية، الكشف عما يزعم أنها مواقع حزب الله العسكرية في لبنان وحتى في سوريا. ويشدد المركز مع كل تقريرٍ جديد ينشره في موقعه الإلكتروني على التأكيد أن معلوماته مستقاة من الاستخبارات الإسرائيلية، ولها أهدافٌ واضحة ومحددة لإثبات قدرة الدولة العبرية في الاختراق والحصول على معلوماتٍ دقيقة.
خريطة جديدة
لطالما اعتاد مركز “ألما” نشر خرائط لمناطق حزب الله العسكرية في لبنان، وخرج رئيس المركز تال بيري في مقابلاتٍ صحفية، ليجاهر علناً بوقوف الاستخبارات الإسرائيلية وراء تسريب لقطات لأقمار صناعية، وصور من طائرات إسرائيلية مسيّرة، بحكم أنها المالك الحصري لها. وشدّد بيري في مناسباتٍ عدة أن العديد من المناطق في أنحاء جنوب لبنان هي مواقع عسكرية للحزب، ويُمنع دخولها، سواء من قبل السكان المحليين، أو قوات “اليونيفيل” وحتى الجيش اللبناني.
أخر التقارير التي نشرها المركز الإسرائيلي اليوم الاثنين 11 تموز، كشف فيها خريطة مواقع وحدة الحرب الإلكترونية لحزب الله. وحسب توصيف المركز “تعمل وحدة الحرب الإلكترونية التابعة لحزب الله من قلب بيروت. ويستخدم “جيش حزب الله الإلكتروني” شبكات التواصل الاجتماعي ضد المعارضين، ويروج لرواياتٍ للحزب إياه، ويشن حملاتٍ على مختلف الشبكات، ويؤثر على الرأي العام، كما ينفذ هجمات إلكترونية ضد المعارضين”.
وحدة سرية
وفق المعطيات التي يستند إليها المركز الإسرائيلي، فإن وحدة الحرب الإلكترونية التابعة للحزب تعمل بسريةٍ تامة، وتقع في مبنى خاص تابع لوحدة اتصالات حزب الله. هذه الوحدة هي تحت السيطرة المباشرة لمساعد رئيس المجلس التنفيذي للحزب عبد الله قصير، ويعمل بها أكثر من مئة شخص.
ويبدو أن المركز يرى، ومن خلفه الاستخبارات الإسرائيلية، بضرورة إضافة هذه الوحدة السرية إلى بنك الأهداف العسكرية. إذ يعمل “الجيش الإلكتروني” على شبكات التواصل الاجتماعي ضد معارضي حزب الله، ويشن حملاتٍ على شبكات مختلفة، ويؤثر على عقلية الرأي العام، وينفذ، إذا لزم الأمر، هجماتٍ إلكترونية على معارضي الحزب.
“سيميا”
وبالاستناد إلى المعلومات التي كُشف عنها النقاب، تعمل وحدة فرعية تُسمى “سيميا” داخل الجيش الإلكتروني. و”سيميا” هي الوحدة المسؤولة عن إنشاء جيش آلي لحزب الله من حوالي ألف حساب يُستخدم للترويج لأهداف الحزب السياسية. كما تستخدم المجموعة خبرتها لإبلاغ موقعيّ “فيسبوك” و”تويتر” عن المستخدمين المناهضين للحزب إياه، ما يؤدي بدوره إلى حظر المستخدمين “المناهضين لحزب الله” أو إزالتهم من الشبكة. كما تدير الوحدة هذه العديد من المواقع الإلكترونية والصفحات التابعة لحزب الله والمنتشرة على نطاق واسع على “فيسبوك”. وإضافةً إلى كل ذلك، تعمل الوحدة أيضاً في مجال أمن البيانات.
أما تحت قيادة الوحدة الإلكترونية، فيشير المركز لاحتمال وجود وحدتين فرعيتين إضافيتين. الأولى تعالج وتحلل المعلومات الموجودة على الهاتف أو الكمبيوتر الذي تعرض للاختراق. أما الثانية فتتعلق بمراقبة الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
سلسلة تحقيقات
ونشير في السياق، أن هذا التقرير الجديد هو جزء من سلسلة تحقيقات نشرها المركز، تتناول تركيبة حزب الله بشكلٍ عام مع المجالس المختلفة والمجلس التنفيذي في كياناته المدنية بشكلٍ خاص. والهدف من هذه السلسلة كان توضيح أن الأنشطة اليومية المستمرة للمؤسسات المدنية التابعة للمجلس التنفيذي تدعم وتساعد الأنشطة العسكرية لحزب الله. وبذلك تؤثر إجراءات المجلس التنفيذي وتدعم وتندمج في النشاط العسكري للحزب. وبالتالي فإن المُراد منها دعم فكرة عدم الفصل بين جناحيّ الحزب السياسي والعسكري.
وسبق للمركز التفرد بنشر تحقيقاتٍ وخرائط مسربة من الجيش الإسرائيلي، نذكر منها إفصاحه سابقاً عن 23 موقعاً لإطلاق صواريخ تابعة للحزب في لبنان، وكثيرٌ منها قريب من البنى التحتية المدنية، وتتركز في منشآتٍ مدنية ومؤسسات تعليمية ومصانع بالقرب من العاصمة بيروت ووادي البقاع وجنوب لبنان. كما كشف العام الماضي عن خريطة ستة مواقع عسكرية جديدة يستخدمها الحزب جنوبي لبنان. وعن وجود شبكة أنفاق تابعة للحزب، تربط منطقة بيروت، أي المقر المركزي، ومنطقة البقاع التي يستخدمها الحزب كقاعدة خلفية عملياتية لوجستية، بجنوب لبنان. وتحتوي الأنفاق على غرف قيادة وتحكم تحت الأرض، ومستودعات أسلحة وإمدادات، وعيادات ميدانية، وممرات مخصصة لإطلاق الصواريخ من جميع الأنواع.
وخارج الحدود اللبنانية، أكد مركز “ألما” أن وجود مواقع لحزب الله في جنوب سوريا أكبر بكثير مما تم الكشف عنه سابقاً. كاشفاً أن للحزب نحو 58 موقعاً، 28 منها للقيادة الجنوبية للحزب، و30 لمشروع الجولان، واستند تقرير المركز في تحديد تلك الأماكن على مواقع معارضة سورية وأماكن فعلية تم استهدافها من قبل الجيش الإسرائيلي.