ولا يتلقى هؤلاء الأطفال أي تعليم أو زيارات عائلية، ولا يحصلون على خضار أو فواكه طازجة وذلك بحسب ما نقلت الصحيفة عن مصادر متعددة وصفتها بأنها ذات صلة مباشرة والتي وصفت الوضع دون الكشف عن هويتها لتجنب تعريض علاقاتها مع السلطات للخطر.
وتقدر الصحيفة بأن 750 فتىً لا تتجاوز أعمارهم 9 أعوام، بينهم غربيون ومواطن بريطاني واحد على الأقل، يقبعون إلى أجل غير مسمى في سجن تموله المملكة المتحدة شمال شرق سوريا، تم بناؤه للأشخاص الذين يزعم وجود صلة بينهم وبين تنظيم “داعش” إلا أنه لم يتم توجيه التهم لأي منهم ولم تتم محاكمتهم.
وسلطت أنباء عن وفاة مراهق أسترالي محتجز في وقت سابق من هذا الشهر، وما تلاه من عدم توفّر أي معلومات أو أدلة حول مصيره، الضوء على كيف أصبحت السجون التي يديرها الأكراد ثقباً أسود يبتلع الأطفال.
ويعتقد أن الكثيرين قد قتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة، أو اختفوا من دون ترك أثر منذ الغارة الدموية على سجن غويران في الحسكة من قبل متشددي “داعش” في كانون الثاني/يناير.
وتنقل الصحيفة عن مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب فيونوالا ني أولين أن “هناك ما لا يقل عن 100 طفل مفقود، إما قتلوا أو تم نقلهم إلى أماكن مجهولة. نسمي ذلك اختفاءً قسرياً”.
وتضيف أولين “هناك عدد من الأطفال يعانون من إصابات خطيرة قد تهدد حياتهم، ومع ذلك يتم إبقاؤهم في السجن، وبعض هؤلاء الأطفال قدموا من دول غربية”.
وتلتزم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الصمت حيال مصير احتجاز الأطفال، وبحسب معلومات “التلغراف”، فإن قسد رفضت طلباً قدمته منظمات غير حكومية لإجلاء الأطفال الجرحى والمرضى، متذرعة بحجج أمنية.
وفي شباط/فبراير، قام ممثل اليونيسف في سوريا بو فيكتور نيلوند بجولة في السجن ونقل لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن الأولاد المحتجزين يفتقرون إلى الطعام والدواء وهو ما أنكرته قسد قائلة إن “المراهقين داخل المعتقل يتلقون ثلاث وجبات رئيسية بشكل يومي بالإضافة إلى مياه نظيفة، ورعاية صحية”.
وأقرت قسد بحسب “التلغراف”، بمقتل 121 من مقاتليها وحراسها في حصار كانون الثاني/يناير إلى جانب أكثر من 380 متشدداً وسجيناً. لكنهم لم يذكروا أبداً عدد القاصرين الذين أصيبوا أو ماتوا.
وبعد معارك العام 2019، احتجزت قسد حوالي 1000 رجل متهمين بالانتماء لتنظيم “داعش”، من بينهم 750 طفلاً دون 18 عاماً، أطلقت عليهم قسد إسم “أشبال الخليفة”. معظم هؤلاء كانوا سوريين وعراقيين، إلا أن حوالي 150 منهم أتوا من أماكن أخرى، وعلى الأقل طفل واحد من المملكة المتحدة بحسب خبراء في الأمم المتحدة.
وتجاهل العديد من الدول الدعوات لاستعادة مواطنيها حيث تتذرع المملكة المتحدة بأن هؤلاء يشكلون خطراً أمنياً وقامت بسحب الجنسية من بعضهم. إلا أنها أبدت رغبتها باستعادة الأطفال وحدهم. وبدلاً من إعادتهم، استثمرت المملكة المتحدة بكثافة في تعزيز السجون في شمال شرق سوريا.
وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية لم تحدد المبلغ الذي أنفقته إلا أن قائد التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية الجنرال بول كالفيرت قال في 2021، إن المملكة المتحدة قدمت 20 مليون دولار لتوسيع المنشآت. وقالت الحكومة هذا العام إنها تعمل على زيادة التمويل.
وحذّر خبراء الأمم المتحدة الحكومة البريطانية من أن تمويل السجون حيث يتم احتجاز آلاف الأشخاص بشكل تعسفي إلى أجل غير مسمى دون توجيه اتهامات، ينتهك القانون الدولي. وفي رسالة وجهوها إلى الحكومة البريطانية تعود إلى 1 شباط/فبراير، قالوا إن تقديم المساعدة “لتعزيز استمرار الاحتجاز التعسفي الجماعي” بما في ذلك لمواطني المملكة المتحدة “يتعارض ببساطة” مع واجبات الحكومة. إلا أن حكومة المملكة المتحدة نفت وجود هكذا تمويل، معربة عن قلقها على حالة القاصرين الذين تعرضوا لإصابات تهدد حياتهم.
وقال نيكولاس سيون وهو رئيس قسم التطوير في إحدى المنظمات غير الحكومية، لصحيفة “التلغراف”، إنه منذ آذار/مارس، أجرى موظفو المنظمة تقييمات فردية للاحتياجات لنحو 600 طفل في السجن. لكنه لم يستطِع تحديد عدد الأطفال الذين فُقدوا أو قُتلوا أو أصيبوا نتيجة هجوم السجن في كانون الثاني/يناير.