يعيش الليبيون حالة من الخوف على وقع ما تردد خلال الفترة الماضية عن اكتشاف مواد تسبب الإصابة بالسرطان، في تحليل عينات للدقيق بالبلاد.
البداية كانت مع تداول صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقرير منسوب إلى المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية، بشأن تحليل 8 عينات أخذت من منتجات أشهر شركات الدقيق في البلاد.
وتمت إحالة 8 عينات دقيق للتحليل في مختبر “لاب ڤيت” المعتمد دوليا في تونس، وجاءت نتيجة جميعها بنسب عالية من مادة “برومات البوتاسيوم”، حيث سجل وجودها في العينات بنسبة بين 300 إلى 1300 بالمئة أكثر من الحد الطبيعي.
و”برومات البوتاسيوم” هي مادة مؤكسدة قوية جدا، تأخذ شكل بلورات بيضاء أو مسحوق، وتستخدم كمادة محسنة للخبز ولأغراض أخرى مثل تعقيم المياه، لكن بعد تبين وجود مضاعفات صحية لها، جرى إيقاف استخدامها في عدة دول.
وأظهر التقرير أن بعض العينات وصلت نسبة “برومات البوتاسيوم” فيها إلى 26 ملغراما، بينما المعدل الطبيعي أقل من مايكروغرام واحد.
نفي “الرقابة”
من جانبهم، خرج مسؤولو مركز الرقابة على الأغذية والأدوية لينفوا وجود مادة “برومات البوتاسيوم” في الدقيق أو الخبز المصنوع داخل ليبيا، خلال مؤتمر صحفي.
وقالوا إن “المركز أقام تحاليل في 41 مصنعاً للدقيق، ولأنواع من الدقيق الأخرى منها المستوردة في السوق الليبية، وفي عدد كبير من المخابز في 50 مدينة ليبية، خلال الفترة من يناير 2021 حتى كانون الثاني 2022، ولم يجد أيا من آثار تلك المادة”.
وأشاروا إلى إجراء تحليل جديد للدقيق بالتعاون مع مكتب النائب العام للتأكد من خلوه من مادة “برومات البوتاسيوم”، متعهدين باتخاذ إجراءات التحقيق اللازمة حيال ذلك.
مفاجأة “التحاليل”
لكن مدير المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية ناجي قريش، فجر مفاجأة بتأكيد اكتشاف مادة “برومات البوتاسيوم” في عينات خبز ودقيق حول ليبيا، وليس في تحليل واحد فقط، لكن عدة تحاليل.
وأوضح أن “أول تحليل، وهو المتداول على مواقع التواصل، أجري بجامعة طرابلس خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2019، شمل عينات للخبز من العاصمة، ظهر أن أقل نسبة مسجلة في العينات هي أكثر بـ300 بالمئة عن المسموح به، بينما أعلى نسبة كانت 1300 بالمئة”.
وتابع، “بحث آخر من جامعة طرابلس أكد وجود المادة، وفي العام الجاري أيضا هناك بحث منشور في جامعة طبرق، حيث جرى تجميع عينات من الخبز، يؤكد وجود هذه المادة به، وهناك مشروع بحثي قائم الآن في أجدابيا، والنتائج تؤكد وجود المادة أيضاً”.
وأردف، “لمزيد من التأكيد، جمعنا عينات بطريقة قانونية بالتعاون مع الحرس البلدي، وأرسلناها في 13 يونيو الماضي إلى معمل تحليل معتمد دوليا في تونس، ووصلت النتائج في الشهر نفسه، وظهر أن جميع عينات الدقيق تحتوي على نسب متفاوتة من برومات البوتاسيوم”.
ارتفاع عدد مرضى الأورام
وبدوره، أشار الدكتور جمال الطلحي الذي يعمل بمركز بنغازي الطبي، إلى “وجود ارتباط بين ارتفاع عدد مرضى الأورام بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، وبين الحديث حاليا حول اكتشاف مادة برومات البوتاسيوم في خبز الليبيين”.
وأضاف أن “تلك المادة تستخدم دون رادع كمحسنات للخبز، بينما أثبتت الأبحاث أنها مسرطنة، وتم منع استخدامها ومعاقبة من يستخدمها في كثير من الدول”، مردفاً أن الأمر “لم يحدث في ليبيا التي تشهد انتشارا كبيرا لمرض السرطان بين سكانها”.
وأوضح أن “الإحصائية العامة الصادرة عن المستشفى الجامعي في طرابلس، لعدد مرضى الأورام المسجلين في المراكز الطبية بليبيا منذ عام 2011 حتى شباط الماضي، أظهرت وجود نحو 29 ألف مصاباً يتلقون العلاج”.
وأكد الطالحي أن “نسبة الإصابات مقارنة بعدد السكان تعد مرتفعة”، لافتا إلى أن “الإحصائيات العالمي تظهر ارتفاعا ملحوظا في عدد مرضى الأورام خلال السنوات القليلة الماضية”.