يتأكد أكثر يوما بعد يوم ان انبعاث المفاوضات النووية بات بعيدا كي لا نقول مستحيلا. في الساعات الماضية، قال وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، إن ايران ستتخذ “إجراءات انتقامية” ضد القرار الأخير الذي اتخذه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقا لما ذكرته قناة “برس تى فى” التى تديرها الدولة. وأعلن ان “سنتخذ إجراءات انتقامية وفعالة مع الالتزام بالقانون الدولي والتزاماتنا الدولية”. وكان وزير الخارجية الإيراني يتحدث خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العماني بدر البوسعيدي في طهران حيث اعتبر ان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتخذ خطوة “غير بناءة” بتبنيه “القرار المناهض لإيران”. وذكر أمير عبداللهيان أن القرار طُرح بشكل غير متوقع للتأثير على الوضع الداخلي في إيران، وبما يتماشى مع “سياسة الضغط القصوى” للولايات المتحدة ضد طهران، حسب ما أفادت “برس تي في”.
نعم، تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هناك ضغوط دولية كبرى تمارس على طهران، لانها تخل بالتزاماتها النووية ولانها ايضا تقمع المحتجين في شوارعها. غير ان النظام ، رغم كل هذه المواقف، لا يرتدع، بل على العكس. ففي نهاية الاسبوع، وعلى وقع حملة اعتقالات واسعة في حق المعارضين للنظام مِن متظاهرين وكتاب وصحافيين (…)، أكد المرشد الاعلى للثورة الإيرانية علي الخامنئي أن “مشكلة الاستكبار مع الجمهورية الاسلامية، هي ان تطور ايران وازدهارها وتألقها سيقضي على منطق الليبرالية الغربية في العالم”، وفق ما نقلت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية. وذكر أنّ “البعض في داخل ايران ينجرون خلف الدعاية الغربية ويقولون بان النظام الاسلامي يفتقد الحرية وسيادة الشعب، لكن ابداء هذا الكلام هو نفسه يدل على وجود الحرية، وأن توالي حكومات تختلف أفكارها السياسية عن بعضها البعض، على الحكم، يدل على وجود حق الانتخاب لدى الشعب وشعبية النظام الاسلامي”. واعتبر أنّ “في المواجهة الرئيسية بين ايران والاستكبار فإن اميركا هي في الخط الأمامي وتقف اوروبا خلفها”، موضحًا أنّ “المحركين الاصليين لاحداث الشغب الاخيرة، والذين عجزوا عن جرّ الشعب خلفهم، يريدون عبر اطالة شرورهم، إتعاب المسؤولين، لكن احداث الشغب ستطوى، والشعب سيواصل عمله وجهوده وتقدمه بمزيد من النفور والكره لهؤلاء، وبقوة مضاعفة ومعنويات جديدة”. واشارإلى أن “هذه الاحداث والجرائم واعمال التخريب تتسبب بمشاكل للشعب واصحاب العمل، لكن هؤلاء المتواجدون في الساحة ومن يقف خلف الكواليس ايضا هم أحقر من ان يستطيعوا الاضرار بالنظام الاسلامي”، مشيرا الى أن “العدو قد تلقى الهزيمة حتى هذه اللحظة”.
في موازاة ادائها “النووي” و”الداخلي” الخارق لكل القوانين الدولية، فان طهران تقصف ايضا جارتها كردستان فيما تتوعد السعودية بالامر عينه، مشيرة الى ان للدولتين يدا في تحريك الشارع الايراني..
هذا السلوك التصعيدي، لا يؤكد فقط ان احياء فيينا صعب في ظل تحدّي طهران الارادة الدولية، بل يدل ايضا على ان النظام مأزوم جدا ومُطوّق من الداخل والخارج، وقد ارتأى التصعيدَ واختاره وسيلة للمواجهة.. لكن اذا حافظ المجتمع الدولي على حزمه، فان طهران ستجد نفسها مع الوقت مضطرة الى النزول عن الشجرة العالية التي صعدت عليها… فهل يبقى الغرب على صرامته؟