أعلنت أميركا وألمانيا اعتزامهما تزويد أوكرانيا بمركبات قتالية مصفّحة، بعد يومين من كشف باريس عن خطتها لإرسال دبابات قتالية خفيفة لكييف، لتكون أول مرة يتم فيها إرسال دبابات غربية التصميم إلى القوات الأوكرانية، وهو ما اعتبره محللون “محاولات غربية للضغط على موسكو لتسريع الاتجاه للحل الدبلوماسي”.جاء الدعم العسكري الغربي عكس رهانات موسكو التي اعتبرت أن الغرب بعد مرور 10 أشهر على الحرب وتداعياتها الاقتصادية والسياسية خاصة على أوروبا، بات غير قادر على تمويل كييف بالأسلحة.
يأتي ذلك بينما بدأ، ظهر الجمعة، سريان هدنة أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من جانب واحد في أوكرانيا بمناسبة عيد الميلاد لدى الأرثوذكس، حيث سيتم بموجب وقف إطلاق النار الذي شككت كييف بالنوايا الكامنة وراءه، توقف القوات الروسية القتال حتى منتصف ليل السبت، في أول هدنة على نطاق عام في أوكرانيا منذ بداية الحرب شباط الماضي.
بلغ إجمالي قيمة الدعم المقدم من ألمانيا إلى أوكرانيا من الأسلحة والمعدات العسكرية حتى الشهر الماضي، أكثر من مليارَي يورو، شملت نظام الدفاع الجوي إيريس-تي و30 دبابة دفاع جوي طراز جيبارد، ومدفعية طراز هاوتزر 2000، وقاذفات صواريخ متعددة من طراز “مارس 2”.
في تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن التكلفة الإجمالية للدعم العسكري لكييف بلغت 19.3 مليار دولار، كما وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي منتصف الشهر الماضي، على تخصيص ملياري يورو لصندوق يستخدم لدفع تكاليف الدعم العسكري لكييف.
باتريوت ودبابات ومركبات
حسب بيان أميركي ألماني مشترك، ستمنح برلين وواشنطن بطارية باتريوت المضادة للطائرات للدفاع الجوي.
وفق إعلام أميركي فإن المركبات المدرعة التي سيتم إرسالها، مركبات مشاة قتالية من طراز ماردر، تم تطويرها من قبل الجيش الألماني قبل أكثر من 50 عاما، بعدما طلبت أوكرانيا مرارا إرسال دبابات قتالية رئيسية من طرز ليوبارد ومركبات مشاة قتالية.
طرحت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ونائب المستشار روبرت هابيك، احتمالية تقديم التزامات عسكرية جديدة لأوكرانيا، مؤكدين أنه سيتم تكييف التوريدات دائما مع متطلبات ساحة القتال.
يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، أن حكومة بلاده تدرس توريد ناقلات جند مدرعة طراز برادلي التي تشبه ناقلات ماردر الألمانية، وحتى الآن لم يتم تسليم سوى طرازات سوفياتية من دول شرقي أوروبا.
تلقت أوكرانيا خلال الشهر الأخير صواريخ مضادة للطائرات ومركبات نقل ومركبات مدرعة من شركات غربية.
يأتي ذلك الإعلان بعد قرار فرنسي بتزويد كييف بمركبات استطلاع، تم وصفها بأنها “دبابات خفيفة” من نوع “AMX-10 RC”.
تحذير روسي
نقلت وكالة “تاس” الروسية الحكومية عن السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف، أن جميع التحركات الغربية الأخيرة تكشف أن واشنطن ليست لديها رغبة في حل سياسي في أوكرانيا.
أنتونوف أوضح أنه ينبغي ألا يكون هناك أدنى شك لأي أحد بشأن مَن هو المسؤول عن إطالة أمد الصراع الحالي، لافتا إلى أن الأسلحة التي تم تسليمها إلى كييف تفتقر إلى الطبيعة الدفاعية كما يدعي الغرب.
حذر مِن أن قرار أميركا تزويد أوكرانيا بمركبات برادلي القتالية للمشاة يعد تأكيدا على أنها لن تستمع إلى الدعوات المتكررة من الجانب الروسي لأخذ التداعيات المحتملة لمثل هذا المسار الخطير لواشنطن في الاعتبار.
فشل رهانات بوتين
بشأن زيادة الدعم العسكري الغربي وانعكاساته، قال الأكاديمي والمحلل السياسي آرثر ليديكبرك، لموقع “سكاي نيوز عربية”:
إصرار بوتين على مفاوضات مشروطة بـ”حقائق اليوم” يدفع الغرب لمضاعفة المساعدات العسكرية في محاولة لإسناد كييف وتحقيق تقدمها أمام القوات الروسية، ومن ثم تغيير موقف موسكو.
الدعم العسكري والتأكيد الدائم من قِبل قادة دول أوروبا، يعطيان رسائل لروسيا بأن رهانات توقفها غير مطروحةٍ، رغم الأزمات الاقتصادية، وهو ما كان يعول عليه الرئيس الروسي بوقف الحرب وتداعياتها.
أميركا تدير الحرب بطريقة غير مباشرة، وتعلم جيدا أن هناك العديد من الأمور التي قد تدفع بإنهاء المعارك؛ منها الانهيار الداخلي جراء مقتضيات الحرب كما حدث مع ألمانيا نهاية الحرب العالمية الأولى. واشنطن تكثف الضغوط في مسعى لمضاعفة استياء الروس من تأثير الحرب، خاصة بعد أن انتهت جزئيا أزمة الطاقة لدى الغرب عبر تجهيز بدائل لغاز ونفط موسكو.
الأوكرانيون مستعدون للقتال بقوة للدفاع عن أرضهم في ظل استمرار حجم المساعدات الأميركية، في المقابل، بوتين يأمل في نصر كبير سريع أو الصمود حتى عام 2024 لرؤية الجمهوريين يزيحون بايدن من السلطة بعد فشل الموجة الحمراء في السيطرة على الكونغرس.