تحملوا مسؤوليتكم ولا علاقة للعقوبات بالملف الرئاسي –

25 أبريل 2023
تحملوا مسؤوليتكم ولا علاقة للعقوبات بالملف الرئاسي –

يكرّر المسؤولون الأميركيّون في لقاءاتهم مع نوّاب لبنانيّين، من أطياف عدّة، أنّهم لا يفضّلون مرشّحاً على آخر، وأنّ كلّ ما يريدونه قيام مجلس النوّاب بإجراء الاستحقاق الرئاسيّ، وانتخاب رئيس للبلاد بدل الغرق في هدر كلّ هذا الوقت.
وسمع هذا الموقف الوفد النيابيّ الذي حطّ في واشنطن، من مساعدة وزيرة الخارجيّة الأميركيّة بربارا ليف، في الأسبوع الفائت، على مسمع النوّاب فؤاد مخزومي، أديب عبد المسيح، نديم الجميّل، بلال حشيمي، غسّان سكاف، الياس اسطفان وراجي السعد، ويجمع كلّهم عل إيجابيّات محطّتهم الأميركيّة، بعد ستوكهولم وبروكسيل، ولاسيّما في ما ينقلونه عن حقيقة الواقع في لبنان، الى مسؤولي الإدارة الأميركيّة والجهات الديبلوماسيّة المعنيّة لدى دول الاتّحاد الأوروبيّ.
وإضافة الى ذلك، ما يركّزون عليه أمام مسؤولين فاعلين في صندوق النقد الدوليّ الذين يقدّمون سلسلة من الملاحظات على أداء الحكومة وتعاطي المؤسّسات اللبنانيّة المعنيّة التي لم تستطع تلبية الشروط المطلوبة من طرفَي مجلسَي الوزراء والنوّاب، حيال التوصّل الى اتّفاق نهائيّ مع الصندوق.
وتقول ليف بالحرف الواحد إنّ بلادها “مستاءة من أداء الكتل النيابيّة في عمليّة التباطؤ الحاصل في انتخاب رئيس الجمهوريّة”، وإنّ واشنطن لن تتدخّل في النهاية في موضوع سياديّ يخصّ اللبنانيّين.
وينقل النوّاب الذين التقوها لـ “النهار” بأنّ الإدارة الأميركيّة لن تتدخّل في تفضيل أيّ اسم، والطلب من النوّاب الاقتراع له. وتتوجّه الى الوفد المشارك الذي يمثّل تشكيلة من الكتل المعارضة، بضرورة الاتّفاق على مرشّح، وخَوض الانتخابات من خلاله، ولا تمانع أن يقوم الفريق الآخر بالمهمّة نفسها.
ولم تأتِ على ذكر ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجيّة ولا غيره من الوجوه المارونيّة المطروحة، “وفي النهاية عليكم كنوّاب حصلتم على ثقة الناخبين اللبنانيّين أن تتحمّلوا مسؤوليّاتكم”. وثمّة نقطة إيجابية تطرّقت إليها ليف وهي استمرار واشطنن في دعم الجيش اللبنانيّ، لكن من دون أن تحسم بقاء هذا الأمر مفتوحاً، فبدت وكأنّها تقول بأنّ عواملَ قد تدخل في المستقبل، وتمنع الإدارة الأميركيّة من مواصلة تقديم هذه المساعدات، رغم ثقتها بالمؤسّسة العسكريّة وبالأدوار التي تقوم بها، ولاسيّما في مثل هذه الظروف الصعبة في لبنان.
من جهة أُخرى، كان هناك تركيز من عدد من المدراء المؤثّرين في صندوق النقد، على موضوع مستقبل الاتّفاق المنتظر بين هذه المؤسسة الدوليّة ولبنان. وجرى الحديث الى قانون السرّية المصرفيّة الذي أقرّه البرلمان، والذي تبيّن أنّه لم يكن على مستوى طموحات صندوق النقد أو بالأحرى ما طلبه في هذا الشأن، ليتبيّن أن ولادته في ساحة النجمة جاءت في طريقة “ملغومة” وفق نوّاب، كانوا في عداد الوفد، يقولون أنّ الصندوق في اختصار، غير موافق على الصيغة التي خلص إليها القانون، مع الإشارة الى أصحاب الودائع في المصارف الذين يتعرّضون الى عمليات “هيركات” مفتوحة مع شروق كلّ شمس.
ويقولون إنّهم سيقفون بالمرصاد من الآن وصاعداً، لمواجهة أيّ قانون يجري العمل على إقراره في اللجان، قبل إقراره في الهيئة العامّة.
ويكشف النائب عبد المسيح عن تشكيل لجنة نيابيّة تمثّل أكثر من كتلة معارضة ستكون مؤلّفة من قانونيّين وتقنيّين ماليّين، وستكون على تعاون مفتوح مع لجنة مماثلة في الصندوق، بغية معرفة حقيقة ما يريده صندوق النقد وطرحه بالفعل في ساحة النجمة، من دون أيّ عمليّة التفاف أو مواربة من نوّاب، فضلاً عن الحكومة التي لا تقوم بالواجبات المطلوبة منها.

وتطرّق النوّاب أيضاً مع صندوق النقد الى مسألة ضرورة تصنيف الودائع في المصارف بالأرقام والأسماء، ووضع جداول تحدّد أسماء الموظّفين ورجال الأعمال وغيرهم من أصحاب الودائع.
وفي وقت كان فيه الوفد النيابيّ في واشنطن، والتقى مسؤولين في وزارة الخزانة الأميركيّة، صدرت عقوبات في حقّ رجل أعمال من الجنوب، تمّ الادّعاء عليه واتّهامه بأنّه يتعاون مع “حزب الله” وقبله ريمون وتيدي رحمة.
وسُئلت مسؤولة في وزارة الخزانة عن مغزى هذه العقوبات ولماذا في هذا التوقيت؟ وهل ترتبط بالملفّ الرئاسيّ بغية توجيه رسائل الى جهات نيابيّة أو حزبيّة؟ كان الردّ بأن لا علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالملفّ السياسيّ اللبنانيّ وتشعّباته.
وشرحت بأنّ العقوبات التي توجّه الى أيّ شخص تحتاج الى أشهر عدّة من خلال جمع المعلومات عنه، والتحقّق من علاقاته، ومع من يتعامل ويتعاون في أعمال ومشاريع ماليّة.
وقبل الإعلان عن أيّ قرار في تنفيذ عقوبات ضدّ أيّ شخص مشتبه ينبغي تأكّد الدائرة القانونيّة في وزارة الخزانة، والتواصل مع وزارة الخارجيّة تحسّباً من إقدام الموجهة له هذه العقوبات على القيام بالادّعاء على وزارة الخزانة أمام المحاكم الأميركيّة التي لا تتساهل في التعاطي مع هذا النوع من الملفّات ومتابعته الى النهاية.
وينفي عبد المسيح بأن يكون الوفد يعمل على الطلب من وزارة الخزانة فرض عقوبات على أسماء أو جهات سياسيّة لا يلتقون معها، لأنّ الأميركيّين لا يعملون عندنا في النهاية.
وسمع مسؤولون في هذه الوزارة على لسان المستشارة السياسيّة للنائب مخزومي كارول زوين بأنّنا “لسنا سعداء عندما تُفرض عقوبات على مواطنين لبنانيّين. ونحن كلّ ما نريده ونعمل عليه ككتل نيابيّة معارضة هو انتخاب رئيس للبلاد، وإطلاق عجلة الحياة السياسيّة والاقتصاديّة في البلد، مع عدم التقليل من آثار أعداد النازحين السورييّن في لبنان، حيث لا نريد أن تكون أوضاعنا على شكل أفغانستان والعراق، حيث نحمل كنوّاب كلّ هذ الملفّات في رحلاتنا الى أوروبا وواشنطن انطلاقاً من واجباتنا الوطنيّة والمسؤوليّات التي حملناها من الناخبين في الانتخابات”.
ويلتقي كلام عبد المسيح مع نائب “القوّات اللبنانيّة” الياس اسطفان على أهميّة حصيلة الوفد النيابيّ الذي زار واشنطن “حيث نمارس ديبلوماسيّة برلمانيّة مطلوبة، وعرض كلّ مشكلاتنا أمام المجتمع الدوليّ بدل التفرّج على كلّ التحدّيات التي تواجهنا من انتخابات الرئاسة الى تطبيق الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد بغية انتظام العمليّة السياسيّة والماليّة في البلد، مع التشديد على ضرورة مساعدة أنفسنا لأنّ انتخابات الرئاسة الأولى تبقى مهمّة لبنانيّة أولاً”.​