تعرضت “أوشنغيت” الشركة المشغلة للغواصة المنكوبة “تايتن” لانتقادات متكررة بسبب نهجها في السلامة حتى قبل تعرضها لـ “انفجار داخلي كارثي” أودى بركابها الخمسة خلال رحلة هبوط عميقة إلى موقع حطام السفينة تايتانيك.
فقد اتصال الغواصة مع سفينة الدعم يوم الأحد بعد مضي حوالي ساعة و45 دقيقة من هبوطها فيما كان ينبغي أن تكون رحلة تستغرق ساعتين فقط إلى موقع حطام السفينة تايتانيك في شمال المحيط الأطلسي.
بعدها، قضت فرق من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا أياما في مسح آلاف الأميال المربعة من البحار المفتوحة بالطائرات والسفن بحثاً عن أي علامة على “تايتن”.
وأمس الخميس، عثرت فرق الإنقاذ على حطام الغواصة وأعلنت الشركة المشغلة لها أن الركاب الخمسة، بمن فيهم مدير الشركة ستوكتون راش، قضوا جميعهم في الحادث.
والأربعة الآخرون هم الملياردير والمستكشف البريطاني هيميش هاردينغ (58 عاماً) ورجل الأعمال من أصل باكستاني شهزاده داوود (48 عاماً) وابنه سليمان (19 عاما)، والاثنان مواطنان بريطانيان، والمستكشف وعالم المحيطات الفرنسي بول هنري نارغوليه (77 عاماً).
ووفقاً لموقع “بيزنس إنسايدر” فقد ارتكبت “أوشنغيت” خمسة أخطاء رئيسية قبل البدء بالمهمة “المميتة”، متجاهلة مخاوف السلامة المتعلقة بتصميم وتشغيل السفينة.
الخطأ الأول:
يقول الموقع إن هيكل الغواصة كان مصنوعاً من ألياف الكربون، وهي خطوة غير صحيحة لمركبة مصممة للغوص في أعماق سحيقة في المياه، حيث يفضل أن يكون لها بدن مصنوع من مواد أقوى مثل الفولاذ أو التيتانيوم.
ويعتقد أن ميزة استخدام ألياف الكربون لكونها أخف وزناً وأرخص بكثير، لكنها غير قادرة على تحمل الضغط الهائل للماء.
ويشير الموقع إلى أن أسئلة كثيرة أثيرت حول السلامة التي توفرها تيتان في 2018 خلال ندوة لخبراء صناعة الغواصات وفي دعوى قضائية رفعها رئيس العمليات البحرية السابق في “أوشنغيت” ديفيد لوكريدج، وتمت تسويتها في وقت لاحق من ذلك العام.
في بيان صدر في كانون الأول 2018 قالت الشركة إن “تيتان أكملت عملية غوص بعمق 4000 متر مما يثبت تماماً أن تصميمها المبتكر وبناء هيكل من ألياف الكربون يعد أمراً ناجحاً”.
الخطأ الثاني:
تجاهلت الشركة المصنعة لـ”تيتان” مراراً وتكراراً مخاوف تتعلق بشأن نظام الإنذار المبكر في الغواصة.
أكدت “أوشنغيت” أنها طورت نظام مراقبة صوتي متطور مصمم للتحذير من حدوث عطل ما في الهيكل في الوقت المناسب واتخاذ إجراء مناسب لتلافيه.
لكن في تحليله لعام 2018، حذر رئيس العمليات البحرية السابق في الشركة ديفيد لوكريدج من أن نظام الإنذار هذا عديم الفائدة فعلياً، لإنه ينطلق قبل أجزاء من الثانية من حدوث انفجار داخلي كارثي.
وقالت لوكريدج في دعواه القضائية ضد الشركة إن “أوشنغيت” رفضت اتباع توصياته بشأن اجراء اختبارات على الهيكل للتأكد من أنه منتج قوي وآمن لسلامة الركاب والطاقم.
الخطأ الثالث:
يقول الموقع إن الشركة المصنعة رفضت أكثر من مرة دعوات أطلقت من أجل الحصول على شهادات ترخيص للغواصة.
ويضيف أن هناك احتمالات كبيرة ألا تتمكن الغواصة مطلقاً من تجاوز أي اختبار صارم للسلامة وفقاً لمعايير الصناعة، على الرغم من أن الشركة جادلت في 2019 أنها لا تحتاج لمثل هكذا اختبارات.
وينقل الموقع عن الصحافي ديفيد بوغ، الذي استقل تيتان في عام 2022، إنه وقع على تنازل ينص على أن “هذه الغواصة التجريبية لم تتم الموافقة عليها أو يتم اعتمادها من قبل أي هيئة تنظيمية”.
في دعواه القاضية يؤكد لوكريدج أن كوة الرؤية الأمامية للغواصة مصممة لتحمل الضغط على عمق 1300 متراً فقط وهو أقل بكثير من العمق التي تستقر فيه سفينة تايتانيك (4000 متر).
الخطأ الرابع:
عمدت الشركة لطرد أو تجاهل تحذيرات أي موظف يثير المخاوف المتعلقة بسلامة الغواصة وفقاً للموقع.
ويضيف الموقع أنه بعد يوم واحد فقط من تقديم تقرير السلامة بشأن الغواصة، جرى استدعاء لوكريدج لاجتماع مع مدير الموارد البشرية في الشركة حيث أبلغ بأنه مطرود.
لم يكن لوكريدج هو الوحيد الذي طرد من الشركة بسبب إثارته قضايا تتعلق بالسلامة، فقد تم التعامل بنفس الطريقة مع المستكشف والمستشار السابق في الشركة روب مكالوم الذي اعترض بشكل علني على محاولات الشركة المبالغة وتسريع عمليات الانتاج.
وقال مكالوم للموقع إنه كان على دراية بالمعدات المستخدمة في غواصة “تيتان” ولا يعتقد أنها آمنة للاستخدام.
الخطأ الخامس:
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها الشركة مع مشاكل في غواصاتها، وفقاً لوثائق قضائية.
يقول الموقع إن رحلة جرت في 2021 على تيتان توقفت بعد وقت قصير نتيجة مشاكل في البطارية اضطرت المشغلين لربطها يدوياً بمنصة الرفع الخاصة بها.
وذكر الصحافي بوغ، الذي حضر تجربة لتيتان في عام 2022، أن الاتصال بالغواصة فقد لعدة ساعات أثناء وجوده على متن سفينة الدعم.
وقال بوغ، “كان بإمكانهم إرسال رسائل نصية فقط، لكنهم لم يعرفوا مكانها”.، مضيفاً أن “الوضع كان متوتراً للغاية، إذ قاموا بقطع الإنترنت عن سفينة الدعم لمنعنا من التغريد.”
وكشفت بوغ أيضاً أن الغواصة تفتقر إلى جهاز إرسال موقع الطوارئ، والذي من شأنه أن يرسل إشارات تسمح لعمال الإنقاذ بالعثور عليها.