“تفاصيل اللحظات الأخيرة” ترجئ تنفيذ اتفاق الهدنة

23 نوفمبر 2023
“تفاصيل اللحظات الأخيرة” ترجئ تنفيذ اتفاق الهدنة

أعلن مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون اليوم الخميس أن اتفاق الهدنة مع “حماس” والذي ستفرج بموجبه عن 50 امرأة وطفلاً من بين الرهائن المحتجزين في قطاع غزة في مقابل إطلاق 150 امرأة وطفلاً فلسطينيين من السجون الاسرائيلية، لن يبدأ سريانه قبل الجمعة.

وبعد الضوء الأخضر من الحكومة الاسرائيلية وموافقة “حماس”، أعلنت قطر الأربعاء “نجاح” وساطتها في التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار مدتها أربعة أيام قابلة للتمديد، تشمل عملية تبادل رهائن وأسرى.

وكانت وسائل إعلام ومسؤولون أكدوا أن اتفاق الهدنة سيدخل حيّز التنفيذ الخميس عند الساعة 08,00 بتوقيت غرينتش، كما أنّ مسؤولاً في “حماس” قال إنه يتوقّع أن يشمل “أول تبادل عشرة رهائن مقابل 30 أسيراً”.

لكن رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغبي قال ليل الأربعاء في بيان: “إن المفاوضات من أجل إطلاق سراح مختطفينا مستمرّة من دون توقف”، مضيفاً أنّ الافراج عن الرهائن لن يبدأ “قبل الجمعة”.

وأوضح مسؤول فلسطيني لوكالة “فرانس برس” اليوم الخميس أن التأخير في بدء سريان الهدنة في قطاع غزة “له علاقة بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بتفاصيل حول أسماء الأسرى الاسرائيليين وآلية تسليمهم”. وقال: “تم أمس (الأربعاء) تبادل قوائم الأسماء للأسرى من الطرفين عبر الوسطاء في قطر ومصر”.

ضربات على خان يونس

وأعلن اتفاق الهدنة في اليوم السابع والأربعين من الحرب التي أطلقتها إسرائيل رداً على الهجوم الدامي الذي شنّته “حماس” عليها في 7 تشرين الأول، وتسبّب بمقتل 1200 شخص في إسرائيل، غالبيتهم مدنيون، بحسب السلطات الاسرائيلية. في حين تختطف “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى نحو 240 شخصاً في قطاع غزة منذ الهجوم.

ومنذ ذلك الحين، تردّ إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلاً بينهم 5840 طفلاً، وفق حكومة “حماس”.

كذلك، بدأت إسرائيل عمليات برية واسعة داخل القطاع منذ 27 تشرين الأول، وتفرض “حصاراً مطبقاً” عليه فلا تصله إمدادات وقود ومواد غذائية ومياه.

وتواصل القتال طوال ليل الأربعاء – الخميس في قطاع غزة. وأوردت وكالة “وفا” الفلسطينية للأنباء أن “طائرات الاحتلال شنت غارات عنيفة على منازل المواطنين في مخيم النصيرات، ما أدى الى استشهاد وإصابة عشرات المواطنين”.

وأشارت حركة “الجهاد الإسلامي” إلى معارك في قلب مدينة غزة في شمال القطاع حيث يشن الجيش الاسرائيلي عمليات على الأرض. وفي الجنوب طالت الضربات خان يونس التي ارتفعت في سمائها سحب دخان أسود. وكان عشرات الأشخاص مجهولي الهوية قتلوا قي مستشفيات في شمال قطاع غزة، دفنوا الأربعاء في مقبرة جماعية في خان يونس.

كما طاولت الضربات مدينة رفح الواقعة عند الحدود مع مصر، وأدت إلى ارتجاج المنازل.

وفي مدينة غزة، قال الطبيب في مستشفى “الشفاء” خالد أبو سمرة فجر الخميس، إنه تم اعتقال محمد أبو سلمية مدير المؤسسة الخاضعة حالياً لسيطرة الجيش الاسرائيلي فضلاً عن كوادر آخرين فيه.

خيار صعب

ووافقت الحكومة الاسرائيلية على اتفاق الهدنة والتبادل على الرغم من الخلافات الداخلية، إذ وصفه وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير (يمين متطرف) بأنه “خطأ تاريخي” لأن وقف إطلاق النار، بحسب قوله، سيسمح لـ “حماس” بتعزيز صفوفها.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مساء الأربعاء: “كرئيس للوزراء أواجه قرارات صعبة وقرارات أكثر صعوبة ولدينا فرصة هنا لتحرير الرضع والأطفال والنساء”.

واعتبر الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي اليوم أن إسرائيل “لم تحقق أياً من أهدافها” خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 40 يوماً مع حركة “حماس”. ونقلت وكالة “إرنا” الرسمية عن رئيسي قوله: “إذا أردنا إجراء تحليل بعد 40 يوماً (من الحرب)، فهو أن العدو قد هُزم”.

وأفاد الناطق الرسمي لوزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري في بيان الخميس بأن “المحادثات (..) مستمرة وتسير بصورة إيجابية”. وأشار الى أن “الإعلان عن موعد بدء سريان اتفاق الهدنة التي جرى التوصل إليها سيكون خلال الساعات القادمة”.

ووفقاً للسلطات الاسرائيلية، قد تجري عمليات تبادل أخرى كجزء من تمديد للهدنة، تشمل 100 رهينة مقابل 300 أسير فلسطيني.

ونشرت إسرائيل قائمة بأسماء 300 أسير فلسطيني من المحتمل أن يُطلق سراحهم بينهم 33 امرأة و123 أسيراً دون سنّ 18 عاماً. وتظهر في القائمة أسماء 49 عضواً في “حماس”.

وأعربت الجمعية الرئيسة لعائلات الرهائن عن “سعادتها” للاتفاق الذي سيؤدي إلى “الافراج جزئياً” عن الرهائن.

وقالت مايان زين وهي أم لطفلتين محتجزتين في غزة: “هذا يمدني بالأمل لاحتمال عودة بناتي”.

وفي القدس الشرقية المحتلة، قالت الفلسطينية سميرة دويات عن احتمال الافراج عن ابنتها شروق البالغة 26 عاماً بعدما أمضت نصف عقوبتها البالغة 16 عاماً، لوكالة “فرانس برس”: “أبكي وأضحك وأرتجف”.

حاجات ملحة

ويتطلّع سكان غزة الذين نزح قرابة 1,7 مليون منهم (2,4 مليون) بسبب الحرب، الى هدنة في ظل صعوبة الحصول على مواد غذائية ومياه للشرب وملابس للشتاء ومأوى.

وأعلنت وزارة الخارجية القطرية في بيان أن الاتفاق سيتيح “دخول عدد أكبر من القوافل الانسانية والمساعدات الاغاثية، بما فيها الوقود المخصّص للاحتياجات الإنسانية”.

وقال المسؤول في “حماس” طاهر النونو: “لا بدّ من أن يدخل 200 إلى 300 شاحنة على الأقلّ من احتياجات القطاع والمواد اللازمة للمواطنين الفلسطينيين، وعلى الأقلّ ثماني شاحنات من الوقود والغاز”.

واعتبر الكثير من المنظمات غير الحكومية الأربعاء أن إمكان إرساء هدنة لأربعة أيام بموجب الاتفاق بين اسرائيل و”حماس” هو أمر “غير كاف” لإدخال المساعدة المطلوبة الى قطاع غزة، داعية الى وقف لإطلاق النار.

ورأت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” كاثرين راسل الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي أن قطاع غزة بات “المكان الأخطر في العالم بالنسبة إلى الأطفال”.

أي هدنة؟

وحذّر وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت مساء الثلاثاء من أن اتفاق الهدنة لا يعني نهاية الحرب في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الجيش سيستأنف العمليات “بكامل قوته” بعد الهدنة من أجل “القضاء” على حركة “حماس” و”تمهيد الظروف اللازمة لإعادة الرهائن الآخرين”.

من جهتها، أكدت “حماس” أن “أيدينا ستبقى على الزناد”.

وقال ميسرة الصباغ (42 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى خان يونس في جنوب القطاع: “أرفض الهدنة”، متسائلاً “عن أي هدنة يتحدثون؟ شهداء، جرحى، وبيوت مدمرة”. واعتبر أن العودة إلى شمال قطاع غزة هو الإنجاز الحقيقي، مضيفاً: “هدنة لإدخال بعض المساعدات لا نريدها، نريد العودة إلى بيوتنا”.

“حزب الله” والحوثيون

وتثير الحرب مخاوف من تصعيد إقليمي بين إسرائيل وحلفائها من جهة و”محور المقاومة” الذي يضم مجموعات مسلحة مدعومة من إيران بما فيها “حماس” و”حزب الله” والحوثيون، من جهة أخرى.

في لبنان، نعى “حزب الله” ليل الأربعاء الخميس خمسة من مقاتليه، بينهم نجل رئيس كتلته البرلمانية النائب محمّد رعد، بعد مقتلهم بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان.

واعترضت مدمّرة أميركية صباح الخميس أثناء إبحارها في مياه البحر الأحمر طائرات مسيّرة مفخّخة عدة أُطلقت من اليمن من مناطق يسيطر عليها المتمرّدون الحوثيون الموالون لإيران، بحسب البنتاغون.

وقالت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى “سنتكوم” في منشور على منصة “إكس”: “إن الطائرات المسيّرة تمّ إسقاطها بينما كانت السفينة الحربية الأميركية يو إس إس توماس هودنر في دورية في البحر الأحمر. لم تتعرّض السفينة ولا طاقمها لأيّ ضرر أو إصابة”.

وفي مكالمة هاتفية مع نتانياهو، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيواصل العمل لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقّين، مشدّداً على أهمية الحفاظ على الهدوء على طول الحدود اللبنانية وكذلك في الضفة الغربية.

المصدر لبنان الكبير