عبّرت عدة عواصم عالمية وعلى رأسها واشنطن، منذ بداية الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، عن رفضها لتوسيع الصراع، خصوصا عن طريق أذرع إيران في المنطقة.
نجحت الولايات المتحدة حتى الآن، نجحت الولايات المتحدة في تخفيف المخاطر العسكرية المباشرة المرتبطة بهجوم حماس في أكتوبر الماضي، والتوسع الإقليمي الكبير للصراع، وفق تحليل لمعهد “أتلانتيك”رغم استهداف إسرائيل عدة مرات من قبل “حزب ”اللبناني، ناحية الشمال، وجماعة الحوثي في اليمن، من الجنوب.
ومع إعلان المتمردين الحوثيين في اليمن، الأسبوع الماضي، احتجازهم سفينة مملوكة لشركة لرجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر، وحادثة استهداف سفينة أخرى، بطائرة من دون طيار من صنع إيراني يوم الجمعة، زادت الخشية من توسع الحرب في المنطقة لتشمل “حرب سفن”.
وتعرضت سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، لهجوم في المحيط الهندي، الجمعة، بطائرة مسيّرة يشتبه بأنها إيرانية الصنع، وفق ما أفاد مسؤول عسكري أميركي، السبت.
وأضاف المسؤول الذي طلب من وكالة رويترز، عدم الكشف عن هويته، أن السفينة “سي.إم.إيه سي.جي.إم سيمي” التي ترفع علم مالطا وأعيدت تسميتها حديثا “ماييت” تعرضت لهجوم من طائرة مسيرة يبدو أنها إيرانية من طراز “شاهد-136” في الجزء الشمالي الشرقي من المحيط الهندي.
وحذّر الحوثيون الأسبوع الماضي من أنّ السفن الإسرائيلية “هدف مشروع” لهم.
وأكد قائد القوات البحرية التابعة للمتمرّدين اليمنيين اللواء محمد فضل عبدالنبي، الأسبوع الماضي، من على متن السفينة المحتجزة أن ما أسماهم “المتحالفين مع العدو الصهيوني والذي يؤمّنون له المرور في باب المندب يعتبرون أيضًا هدفًا مشروعًا”.
فهل يمكن أن تتطور هذه الاستهدافات لتصبح حرب سفن؟ وما خطورة ذلك على مساعي احتواء الصراع بين حماس وإسرائيل؟
“تهديد حقيقي”
يرى الخبير الأمني الأردني، بشير الدعجة، أن هناك تهديدا حقيقيا على السفن الإسرائيلية “في الأسابيع والأشهر المقبلة” حسب تعبيره.
وفي حديث لموقع الحرة، شدد الدعجة، على أن السفن الإسرائيلية أو تلك التي تحمل الراية الإسرائيلية أو يملكها إسرائيليون، سيتم الاستيلاء عليها بمجرد مرورها بمياه اليمن “لا سيما المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”.
في المقابل، يرى المحلل الإسرائيلي، روني شالوم، أن التهديد على السفن التي تمر بجانب اليمن ليس خاصا بالسفن الإسرائيلية “بل يسري كذلك على كل السفن التجارية التي تمر من هناك”.
شالوم، دلّل على موقفه، في اتصال مع موقع الحرة، بالقول إن السفينة الأولى التي أعلن المتمردون الحوثيون الاستيلاء عليها “لم تكن إسرائيلية، بل هي ملك لشركة بريطانية يابانية، وأحد أصحاب تلك الشركة إسرائيلي”.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، عكيفا دار، أنه “من حسن الحظ لم يكن في السفينة التي استولى عليها الحوثيون أي إسرائيلي” مشيرا هو الآخر في مقابلة مع موقع الحرة، أن السفينة ملك لشركة يملك بها إسرائيلي أسهما، وليست ملكا للدولة، وفق قوله.
وكان الجيش الإسرائيلي أيضا، نفى، أن تكون السفينة التي احتُجزت إسرائيلية، وقال إنها “طاقمها مدنيون من جنسيات مختلفة وليس بينهم إسرائيليون”.
ويطل الساحل اليمني على مضيق باب المندب، وهو ممرّ ضيّق بين اليمن وجيبوتي عند أقصى جنوب البحر الأحمر.
ويعدّ أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، إذ يعبره حوالى خمس الاستهلاك العالمي من النفط، بما في سفن إسرائيلية.
ويرى الدعجة أن “إيران وأذرعها في المنطقة، يحاولون الآن، التخفيف قدر الإمكان على غزة بالضغط على الإسرائيليين لحملهم على تخفيف حربهم عليها”.
وتوقع المتحدث أن يكون هناك رد أميركي على أي انزلاق خطير بالمنطقة، لا سيما ناحية السواحل وفي عرض البحر “حيث أن أسطولها موجود منذ بدء الحرب بالقرب من المنطقة” منعا لتوسع الصراع.
وقال الدعجة “إذا استمرت هذه الأعمال وزادت عن حدّها ستوف تتدخل الولايات المتحدة لمحاولة ردع إيران وأذرعها العسكرية”.
لكنه استبعد أن تكون هناك مواجهة مباشرة سواء بين أميركا وإيران أو إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أن الأخيرة اكتفت حتى الآن بتوظيف أذرعها وهو ما ستستمر عليه إذا ما استمرت الحرب بين إسرائيل وغزة بعد الهدنة الجارية.
وبعد أسابيع من الحرب بين إسرائيل وحماس، توصّل الطرفان بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق هدنة لأربعة أيام يتخللها إفراج الحركة عن رهائن لديها، لقاء إطلاق إسرائيل سراح فلسطينيين معتقلين في سجونها.
ودخل الاتفاق حيّز التنفيذ، الجمعة، مع إفراج حماس عن 13 إسرائيليا، وإطلاق الدولة العبرية سراح 39 فلسطينيا.
ومساء اليوم ذاته، أطلقت حماس سراح 10 تايلانديين وفيليبيني واحد، في “بادرة” من خارج الاتفاق الأساسي.
رغم ذلك، يقول المحلل الإسرائيلي، عكيفا دار، إن “إسرائيل لا يمكن أن تجلس مكتوفة الأيدي أمام استفزازات الحوثيين، في عرض البحر”.
وأضاف أن إسرائيل تضع العالم شاهدا حول ما تقوم به هذه الجماعة المتمردة، “لكنها حتما سترد إذا ما تم استهدافها مباشرة”.
ورجح الرجل أنه في هذه الحالة، سيصعب التحكم في نطاق الحرب، التي قد تتوسع فعلا بفعل “الاستفزازات الحوثية”.
“حرب شاملة”
في سياق حديثه، يُذكّر عكيفا دار، بالقصف الصاروخي الذي تعرضت له منطقة إيلات في إسرائيل، من قبل الحوثيين مرجحا أن يكون “صبر إسرائيل على ذلك، استجابة للضغط، الذي ما رسته الإدارة الأميركية مخافة توسع الصراع”.
ويرى أن توسع الحرب سيعني حتما دخول إيران و”الحزب “ إلى جانب حماس ضد إسرائيل ما يعني حربا شاملة في المنطقة.
ثم عاد ليؤكد أن “إسرائيل تقوم على مبدأ عدم تجاهل أي خطر لأن ذلك يعطي انطباعا عنها بأنها ضعيفة” وهو ما يعني أن توسع الحرب خطر لا يزال قائما طالما أن هناك خطرا يداهمها سواء من الحوثيين أو أي جهة أخرى برا أو بحرا. لكنه جدد التذكير بأنه “طالما لم يقتل أي إسرائيلي بسبب هذه الاستفزازات ستكتفي إسرائيل بالطرق الدبلوماسية”.
شدد من جانبه، الدعجة على أن إسرائيل لا ترغب في توسيع نطاق الحرب، بمواجهة اليمن أو إيران لأن ذلك “سيؤدي إلى تشتيت جهدها العسكري وفتح جبهات حرب هي في غنى عنها، حيث أن تركيزها الآن ينصب كاملا في قطاع غزة”.
يرى رغم ذلك بأن فرص توسيع الصراع “لا تزال قائمة” وأن الوضع مستقبلا مرتبط بما يجري بين إسرائيل وحماس.