بعد أيام قليلة، تتم الحرب في غزة شهرها الثالث، حيث يشهد القطاع الأحد يوماً جديداً من التصعيد والاقتتال بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، فيما يدفع سكان غزة الثمن لتلك الحرب بأرواحهم، حيث يعيشون مأساة إنسانية مؤلمة، فيما لا تظهر أي بادرة لوقف إطلاق النار.
وفي آخر التطورات الميدانية، قُتل أكثر من 200 فلسطيني خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية جراء قصف الجيش الإسرائيلي المستمر وعملياته البرية في غزة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع الذي تحكمه حماس.
يأتي ذلك فيما قال الجيش الإسرائيلي اليوم إن “9 جنود قتلوا في قطاع غزة، ليرتفع العدد المعلن للقتلى في العمليات القتالية هناك إلى 152 منذ الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع في 20 تشرين الأول. وهذه الحصيلة هي من الأكبر منذ بدء الهجوم البري على القطاع”.
وبعد نحو 3 أشهر من بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، أعلنت الأخيرة عن “اكتشاف القتلى عشرات الفلسطينيين” وقالت إن “عدداً منهم أُعدموا خلال عملية برية إسرائيلية في جباليا بشمال قطاع غزة”.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق من ناحية النطاق والشدة نفذه مقاتلون من حماس بعد اقتحامهم الحدود بين غزة وجنوب إسرائيل، وأدى إلى مقتل نحو 1140 إسرائيلياً أسر واقتياد 250 شخصاً إلى داخل القطاع، لا يزال 129 منهم محتجزين في القطاع وفق السلطات الإسرائيلية.
وأدى القصف الإسرائيلي الانتقامي بآلاف القنابل براً وبحراً وجواً، إلى مقتل 20,258 شخصاً في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة في غزة.
وأكدت وزارة الصحة أن “الطائرات والمدفعية الإسرائيلية قصفت عدة مناطق من شمال القطاع إلى جنوبه، من بينها مخيم النصيرات للاجئين (وسط) حيث أسفرت غارة ليلية عن مقتل 18 شخصاً”.
وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن السبت مكالمة هاتفية “طويلة” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حضّه فيها على حماية المدنيين، وفق ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وأصدر مسؤولون إسرائيليون بياناً مقتضباً عن المكالمة جاء فيه أن “رئيس الوزراء أوضح أن إسرائيل ستواصل الحرب حتى تحقق جميع أهدافها”.
وفي مدينة خان يونس الكبيرة بجنوب غزة حيث تصاعدت أعمدة الدخان بعد القصف، تم نقل الجثث والجرحى إلى مستشفى ناصر.
واتهم المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع أشرف القدرة أمس السبت “الوحدات الإسرائيلية بارتكاب عدة مجازر بشعة هذا الأسبوع أسفرت عن سقوط عشرات القتلى في مخيم جباليا ومنطقة تل الزعتر وفي بلدة جباليا”.
وبحسب القدرة، أعدم الجيش الإسرائيلي “العشرات من المواطنين في الشوارع”.
وقال إنه “تمّ انتشال العشرات”، مضيفاً أن “الوحدات الإسرائيلية أعدمت أعداداً منهم أمام عائلاتهم”.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن “ضرباته ضد أهداف عسكرية تمتثل لأحكام القانون الدولي” وتنفَّذ بعد “تقييم مفاده أن الأضرار الجانبية المتوقعة على المدنيين والممتلكات المدنية ليست مفرطة مقارنة بالنتيجة العسكرية المتوقعة من الهجوم”.
في بيت لاهيا في شمال القطاع، أعلن الدفاع المدني عن “انتشال عشرات الجثث المتحلّلة من الشوارع”.
من جهته، نشر الجيش الإسرائيلي صورا تظهر جنوده يتقدمون وسط الأنقاض ويطلقون النار على أهداف جنوب مدينة غزة. وقال إنه تم “تدمير العديد من المباني التي تستخدمها حماس مواقع عسكرية”.
وبعد خمسة أيام من المفاوضات الشاقة، تبنى مجلس الأمن الدولي الجمعة نصا يدعو إلى “إتاحة وتسهيل الإيصال الفوري والآمن ومن دون عوائق لمساعدة إنسانية واسعة النطاق”.
ولا ينص القرار على “وقف إطلاق النار المرفوض من إسرائيل وحليفها الأميركي، لكنه يدعو إلى “تهيئة الظروف لوقف دائم للأعمال القتالية”.
ويبقى تأثيره على الأرض موضع تساؤل، إذ إن “المساعدات التي تدخل قطاع غزة بكميات محدودة لا تقارن بالحاجات المتعاظمة لسكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة نزحت غالبيتهم العظمى في ظل الحرب والدمار”.
وتزامناً، تتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى “هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعاً في نهاية تشرين الثاني أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع”.
لكن وجهات نظر طرفي النزاع ما زالت متباعدة.
تطالب حماس بوقف الحرب قبل بدء أي مفاوضات بشأن الرهائن.
وإسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل “القضاء” على الحركة.