القضاء على حماس”.. هدف إسرائيل بين الواقعية والوعود “غير القابلة للتحقيق

28 ديسمبر 2023
القضاء على حماس”.. هدف إسرائيل بين الواقعية والوعود “غير القابلة للتحقيق

تكررت التصريحات الإسرائيلية خلال الأيام الماضية بشأن استمرار الحرب في قطاع غزة إلى حين تحقيق أهدافها، وأبرزها “القضاء على حماس”، لافتة إلى أنها قد تستمر “لأشهر”، مما أثار الجدل بشأن واقعية تحقيق هذا الهدف، خاصة مع تصاعد الأصوات التي تطالب بتوصل إلى صفقة جديدة لاستعادة أكثر من 100 رهينة لا يزالون محتجزين في القطاع الفلسطيني.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد نشر مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الإثنين، وضع فيه “3 شروط مسبقة” لا بدّ منها، “لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين في غزة”.
وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقاله: “يجب تدمير حماس، وينبغي نزع سلاح غزة، ولا مناص من استئصال التطرف من المجتمع الفلسطيني”.
أضاف: “لا بد من إقامة منطقة أمنية مؤقتة على محيط غزة، وآلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر، تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع”.
وأكد نتانياهو رفضه إسناد إدارة القطاع مستقبلاً إلى السلطة الفلسطينية، التي اتهمها بـ”تمويل الإرهاب وتمجيده” في الضفّة الغربية المحتلة.
وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي القول إنه “في المستقبل القريب، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بالمسؤولية الأساسية عن الأمن في غزة”، القطاع الذي انسحبت منه بصورة أحادية الجانب في 2005 بعدما احتلّته طوال 38 عاماً.
من جانبه، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إن “الحرب ستدوم لأشهر طويلة”، لافتا إلى أن إسرائيل “ستتبع الأساليب المختلفة بغية ضمان صمود الإنجاز طويلاً”.
تابع: “جيش الدفاع يوشك على استكمال تفكيك الكتائب الحمساوية شمالي القطاع.. وسنصل أيضًا إلى القيادة الحمساوية، سواء استغرق ذلك أسبوعًا أو أشهر”.
وفي معرض تعليقه على واقعية القضاء على حركة متجدزة في قطاع غزة، لاسيما بعد سيطرتها عليه عام 2007، رأى الباحث الإسرائيلي، إيدي كوهين، في تصريحات إلى موقع “الحرة”، أن “دروس التاريخ تعلمنا أن أية جماعة إرهابية أمامها خياران لا ثالث لهما، إما الاندماج بالعمل السياسي الواقعي بعيدا عن التطرف والعنف، أو القضاء عليها بشكل مبرم ونهائي ملثما حدث مع داعش والقاعدة”.
وأردف: “أيضا منظمة التحرير الفلسطينية كانت إرهابية قبل التوصل إلى اتفاقيات أوسلو في 13 ايلول 1993، والتي وقع عليها رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، إسحاق رابين، مما أفضى إلى حكم ذاتي للفلسطينيين في قطاع غزة ومناطق من الضفة الغربية”.
وشدد كوهين على أن “منظمة التحرير تحولت لاحقا إلى سلطة وطنية، مما قد يفضي يوما إلى نشوء دولة فلسطينية مستقلة”.
أما المحلل الإسرائيلي اليساري، يوآف شتيرن، فأوضح في اتصال مع موقع “الحرة”: “على الجيش الإسرائيلي أن ينقل المعارك خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة إلى مستوى آخر، بحيث لا يعرّض حياة المدنيين أو الجنود للخطر، خاصة أنه يخوض حرب عصابات مع ميليشيات مسلحة”.
وشدد على أن “الاكتظاظ السكاني في قطاع غزة يصعب من مهمة الجيش، وبالتالي عليه أن يتقدم ويتراجع حسب تطورات المعركة”.
من جانب آخر، يرى بعض الخبراء العسكريين أنه “من الممكن القضاء على الجناح المسلح لحركة حماس (كتائب القسام)”.

وفي هذا الصدد، قال مدير عام المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، العقيد الإسرائيلي المتقاعد، ميري آيسين، في تصريحات لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية: “نعم، يمكن إلغاء الجزء العسكري، بمعنى أنه يمكنك تدمير الأسلحة، والتسليح، ومواقع الإنتاج، والمواقع فوق الأرض وتحت الأرض بشكل منهجي.. قد تأخذ وقتا طويلا، لكن يمكن تحقيق ذلك”.
ويتفق مع الرأي السالف، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، الذي قال في لقاء سابق مع قناة الحرة، إن “مسلحي حماس يستغلون ميزة الأنفاق، لكن مع نفاد الوقود، لن يكونوا قادرين على الحصول على الإضاءة والتهوية الجيدة، وبالتالي سيضطرون إلى الخروج من تحت الأرض، وعندها يمكن القضاء عليهم”.
من جانبه، اعتبر كوهين أن “القضاء على هذه الجماعة المتطرفة أمر ممكن، لكنه لن يحدث بين ليلة وضحاها”. وأضاف: “حماس أضحت (دويلة) لديها أنفاق وآليات ومسلحون وأموال طائلة وعتاد كبير من السلاح، ومع ذلك فإن الجيش الإسرائيلي يقضم كل يوم من قوتها وإمكانياتها”.
وزاد: “حتى أكون دقيقا، فإنني أتحدث عن بضعة أشهر وليس سنوات لإنجاز هذا الهدف، وذلك في حال لم تغير القيادة الإسرائيلية رأيها بهذا الشأن”.
ولدى سؤاله عن الخيارات في حال عدم القدرة على “القضاء على حماس”، أجاب: “للأسف حينها ستنمو وتتمدد مثل ثعبان ضخم، وسيستمر إطلاق الصواريخ تجاه المدن والبلدات الإسرائيلية، وشن هجمات داخل البلاد، وغير ذلك من أشكال الإرهاب، وبالتالي وبعد كل هذه التضحيات في الأرواح”.
تابع: “أعتقد جازما أنه لا خيار أمامنا سوى تدمير تلك الحركة، أو أن تتحول إلى العمل السياسي السلمي”.
كن كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، حسين إبيش، يعتقد أن القضاء على الحركة الفلسطينية “أمر غير واقعي”، موضحا في حديثه إلى شبكة “سي إن بي سي” الأميركية: “حماس ليست مجموعة من الأفراد، أو مجموعة من المعدات والبنية التحتية. إنها علامة تجارية، وطالما أن هناك مجموعة من الفلسطينيين الأحياء الذين يريدون أن يطلقوا على أنفسهم اسم حماس، فإن تلك الجماعة ستبقى موجودة”.
وزاد: “من الغباء الشديد إعلان أهداف لا يمكن تحقيقها، لكن هذا ما فعلته إسرائيل، وما لم تبدأ حكومتها في التخفيف من لهجتها بشأن أهداف الحرب، فإنها ستفشل.. لأنها وضعت لنفسها أهدافاً غير قابلة للتحقيق”.
واعتبر إبيش أن “الإصرار على ما سبق، يجعل حماس تكتب انتصارها بفضل مثل تلك التصريحات الإسرائيلية”.
وفي نفس السياق، رأى شتيرن أن “القضاء على حماس بشكل كلي غير ممكن”، مضيفا: “بالإمكان إضعاف قوتها، لكن في النهاية لا يمكن التمييز بين من هو مؤيد لتلك الحركة أو معارض لها”.
وشدد على أن “نتانياهو لن يوافق على إنهاء الحرب حاليا، لأن ذلك يعني انتهاء مستقبله السياسي مباشرة، وهذا يعني أن حرب الاستنزاف قد تستمر لفترة طويلة، وذلك لأن حماس رفضت الوصول إلى هدنة مؤقتة جديدة مثلما اقترحت مصر ودول أخرى”.
أضاف: “حسب ما نسمع من القيادات السياسية والعسكرية، فإننا مستمرون في القتال إلى ما لا نهاية، أي قد يمتد الأمر لسنوات، وبالتالي فإنها ستكون حرب استنزاف”.