تشير التجارب السابقة، في الانتخابات الأميركية المتعاقبة، إلى أن عدة سياسيين، تمكنوا من الترشح للاستحقاق الرئاسي من وراء القضبان.
يوجين دبس.. “الراديكالي”
في عام 1920، ترشح الاشتراكي يوجين دبس للمكتب البيضاوي من سجن أتلانتا الفيدرالي، حيث كان يُعرف باسم “السجين رقم 9653″، وفقا لمجلة سميثسونيان.
كان يُطلق على دبس اسم “الراديكالي” في ذلك الوقت، إذ كان ينتقد الرأسمالية ومسودة الحرب العالمية الأولى، ما أدى إلى حبسه.
لكن دبس حصل على كثير من المؤيدين أثناء سجنه. وكان ترشح لمنصب الرئيس عن الحزب الاجتماعي خمس مرات سابقة (قبل سجنه)، وغالبا ما قام بحملة داخل حزبه، وصفها مؤرخون بأنها كانت سباقات رمزية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه في ليلة الانتخابات عام 1920، لم يلق دبس خطابا، وبدلا من ذلك كتب بيانا.
وقال دبس في بيانه، بحسب الصحيفة: “أشكر السادة الرأسماليين على وضعي هنا.. إنهم يعرفون المكان الذي أنتمي إليه في ظل نظامهم الإجرامي والمفسد. إنها المجاملة الوحيدة التي يمكنهم أن يقدموها لي”.
وحصل دبس على نحو 3% من الأصوات خلال تلك الانتخابات “وهي نسبة ملفتة بالنسبة لسياسي اشتراكي، ومسجون.
نتائج دبس رغم كونها ملفتة، لم تكن كافية لإجبار الولايات المتحدة على التعامل بجدية مع السؤال الدستوري الملح، وفق تقرير لمجلة “بوليتيكو”، هل يستطيع ترامب الترشح في حال تم سجنه فعلا.
بعد قصة دبس بـ 70 عاما، ترشح سياسي مُدان آخر لمنصب الرئيس من السجن، وهو ليندون لاروش، والذي وصفته صحيفة “بيزنس إنسايدر” بالسياسي الهامشي وصاحب نظرية المؤامرة.
لم يكن لاروش غريبا على الحملات الانتخابية، فقد خاض كل الانتخابات (الحزبية) من عام 1976 إلى عام 2004، لكن حملته الانتخابية عام 1992 من السجن الفيدرالي حظيت باهتمام خاص.
وخلال منافسته لكلينتون في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، رفع لاروش شعار التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة، وقام بحملة تهدف إلى إصلاح الأنظمة المالية، وحصل إثر ذلك على أكثر من 26000 صوت في الانتخابات الحزبية، أي حوالي 0.02% من الأصوات المعبر عنها.
كيث جود
في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لعام 2012 في ولاية ويست فرجينيا، فاز كث جود بنسبة 41% من الأصوات ضد الرئيس السابق باراك أوباما، وهي أعلى نسبة تصويت في ولاية واحدة حققها أي من خصوم أوباما الأساسيين في تلك السنة.
حصل كيث جود على تلك النتائج بينما كان يقضي حكما بالسجن لمدة 17 عاما ونصف العام في المؤسسة الإصلاحية الفيدرالية في تيكساركانا بولاية تكساس، بتهمة الابتزاز.
لا عوائق دستورية
وإلى جانب الأمثلة السابقة، يرى خبراء قانون أن الحاجة إلى رئيس منتخب للوفاء بواجبات منصبه من شأنها أن تتجاوز الإدانة الجنائية “وإذا أدين ترامب بجريمة فيدرالية، فقد يحاول حتى العفو عن نفسه فور توليه منصبه ــ وهي المناورة التي وعد دبس نفسه بالقيام بها إذا فاز”، يلفت تقرير “بوليتيكو”.
الخبير القانوني، يوجين مازو، يقول في هذا الصدد للمجلة “سندخل في منطقة مجهولة، لا أعتقد أن لدينا إجابة على هذا” السؤال.
ومثلما يصور ترامب مجموعة التحديات القانونية التي يواجهها على أنها استهداف سياسي، حاول دبس وحلفاؤه استخدام مشاكله القانونية لصالح ترشحه للرئاسة.
وقال بيتر دراير، أستاذ السياسة في كلية أوكسيدنتال (كاليفورنيا): “لقد استخدموا سجنه ليقولوا إنه كان ضحية للخوف من الاشتراكية، واعتبروا ذلك بمثابة وسام شرف له”.
ثم تابع “لقد نظموا مسيرات في جميع أنحاء البلاد مع صورة دبس في السجن على لافتات الاعتصام. ربما حصل على مزيد من الدعاية من السجن.. ويمكنك أن تتخيل ترامب يفعل الشيء نفسه “. (الحرة)