ويقول الصحافي الفلسطيني رومل سويطي، الذي يقيم في المنطقة، إنّ “نحو 20 عائلة تقيم في منازل على طريق شارع حوارة الرئيسي باتوا في سجن حقيقي، بعد أن أقدم الجيش الإسرائيلي أخيراً على نصب 4 بوابات إلكترونية على مسافة لا تزيد على 500 متر فقط، وبالتالي لا يمكن لنا الذهاب إلى نابلس أو إلى بلدة حوارة إلا بالمرور عبرها، وإن كانت مغلقة، فهذا يعني أننا بتنا أسرى داخلها”.
ويحاول الجيش الإسرائيلي، منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إحكام السيطرة على الضفة الغربية. ومع أن إسرائيل بدأت بتنفيذ سياسة البوابات الإلكترونية في ريف محافظة نابلس، إلا أن هناك تحذيرات من أن تكون هذه بداية سياسة لتحويل الضفة الغربية وقراها إلى مناطق معزولة، إذ يأتي ذلك بالتزامن مع يوم الأرض الذي تحلّ ذكراه اليوم السبت.
ويشير سويطي إلى أن الجنود الإسرائيليين يتحكمون بفتح البوابات وإغلاقها “عن بُعد”، ويراقبون تحركات المركبات من خلال كاميرات المراقبة المزروعة في كل مكان، غير أن المعاناة في عهد هذه البوابات ستتعاظم.
حصار قرى الضفة الغربية
ويقول الناشط نمر البوريني لـ”العربي الجديد”، إنّ “الجيش الإسرائيلي يبرر خططه بتحويل الضفة الغربية إلى (كانتونات معزولة) بتوفير الأمن للمستوطنين، وإن كان الأمر كذلك، لكنه يؤكد ما كنّا نحذر منه دوماً من أن حكومات إسرائيل المتعاقبة تريد تقطيع أواصر الضفة لتسهيل الانقضاض عليها منفردة واحدة تلو الأخرى”.
ويضيف البوريني: “من باب بيتي لوسط مدينة نابلس كانت الطريق تستغرق أقل من 15 دقيقة، هذا إذا كانت الطرق مزدحمة، أما اليوم فالأمر يحتاج إلى ساعتين على الأقل”، موضحاً أنه “مع نصب هذه البوابة وإغلاق حاجز حوارة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، بات السكان مجبرين من أجل الوصول إلى نابلس التي تقع شمال القرية على المرور عبر طرق فرعية وترابية إلى عدة قرى، ومنها إلى بلدة بيتا جنوباً، ثم قرية عورتا، ثم نقف في طابور لا ينتهي على الحاجز قبل السماح لنا بالمرور، وفي طريق العودة نسلك الطريق ذاته لنصل إلى بيوتنا”.
ووفق الناشط البوريني، فمنذ بداية الشهر الجاري، نصب الجيش الإسرائيلي نحو 20 حاجزاً وبوابة عسكرية على مداخل معظم بلدات وقرى جنوب نابلس.
طرق غير آمنة
ويعيش نحو 30 ألف مستوطن في 14 مستوطنة إلى جانب 52 بؤرة استيطانية مقامة على أراضي نابلس، وفق محافظ نابلس غسان دغلس، الذي كان يشغل منصب مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية المحتلة.
ويقول دغلس لـ”العربي الجديد”، إنّ “نابلس محاصرة من كل الجهات. المنطقة الوحيدة تقريباً في الضفة التي تعاني من حواجز عسكرية على مداخلها كافة، ومن حصار خانق لا هوادة فيه، عرقل حركة المواطنين، وضرب اقتصادها في مقتل، وقطع أواصر العائلات التي باتت تتردد في زيارة أقاربها هنا”.
ويشير دغلس إلى أنه في حال إغلاق الجيش الإسرائيلي قرية ما لعدة أيام، فهذا يعني صعوبة إدخال أي شكل من أشكال المساعدات إليها، كحليب الأطفال أو الأدوية أو حتى نقل المرضى، وهذا السيناريو مطروح بقوة في الفترة القادمة.
نزوح اضطراري
ويضيف دوابشة: “لا أملك أرقاماً، لكن الهجرة الداخلية من القرى إلى المدن تعاظمت أخيراً. الخوف أن تفرغ قرانا من السكان خلال السنوات القليلة القادمة، وهي خط الدفاع الأول في مواجهة الاستيطان، وبالتالي تصبح لقمة سائغة للاحتلال والمستوطنين”.
تحويل الضفة الغربية إلى سجن كبير
ويرى منصور أن وضع كل هذه المعوّقات هو تنفيذ لمخططات وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية بإقامة مناطق عازلة بمحيط المستوطنات ومنع الوجود الفلسطيني عبر البناء وغيره فيها، إلى جانب السيطرة على الطرق الرئيسية التي كان يسلكها الفلسطينيون وتحويلها للمستوطنين. (العربي الجديد)