ذكر موقع “The National Interest” الأميركي أن ” الرد الإيراني على الهجوم الذي استهدف القنصلية الإيرانية في سوريا، هو مجرد جزء من تحدٍ أكبر بكثير، إذ تعمل إيران على تسريع هدفها الطويل الأمد، وهو الدفع نحو الهيمنة الإقليمية. ويتمثل المظهر الرئيسي في سعيها الحالي لإخراج القوات الأميركية من العراق وسوريا. ومن بين أمور أخرى، تستخدم طهران قادة المجموعات الوكيلة لها والأحزاب الإسلامية المؤيدة لإيران لإجبار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على الضغط على واشنطن لوضع جدول زمني للانسحاب العسكري الأميركي الكامل”.
وبحسب الموقع، “سيلتقي السوداني بالرئيس الأميركي جو بايدن في 15 نيسان. وقبل ذلك، أعرب بالفعل عن رغبته في أن يركز الاجتماع على الانسحاب. وتعلم إيران أن الانسحاب الأميركي من العراق وفقدان الخدمات اللوجستية المصاحبة له سيجعل الوجود العسكري الأميركي في سوريا غير مستدام. ويجب على السوداني أن يدرك أن الانسحاب من العراق سيزيد من تعزيز الهيمنة الإيرانية على بلاده، والتي تشكل القوات الأميركية الرادع الفعال الوحيد لها.إلا أن قدرته على العمل محدودة، فهو لا يحظى بدعم حزب سياسي أو قوى أمنية، مما يجعله مجرد رئيس صوري في حكومة تهيمن عليها هاتان القوتان. كما ويعتمد موقفه إلى حد كبير على إرادة الأحزاب الإسلامية الشيعية الموالية لإيران وقوات المجموعات الموالية لإيران”.
وتابع الموقع، “حافظ السوداني على علاقات جيدة مع الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين الأميركيين. فهو الوجه الودود للإسلاميين الموالين لإيران والقوى الوكيلة لها في مواجهة الولايات المتحدة والمنطقة. ولكن من المهم أن نتذكر أنه ليس المسؤول، ويكتفي بنقل الرسائل من المسؤولين والقيام بدور الوسيط. ويضع القادة الإيرانيون والمجموعات الوكيلة والأحزاب السوداني في موقف غير مريح، حيث يتم الضغط عليه من أجل وضع جدول زمني محدد لانسحاب القوات الأميركية، وإلا فإنه يخاطر بفقدان منصبه، الذي يبدو أنه مصمم على الاحتفاظ به. وعلى الأقل، يجب أن يبدو وكأنه يحاول بجدية استيعاب تعليماتهم، وسيريد أن تبدو إدارة بايدن وكأنها تفكر بجدية في المفاوضات من أجل الانسحاب”.
وأضاف الموقع، “يمثل الوجود المستمر للقوات الأميركية عقبة هائلة أمام أحد الأهداف الإقليمية الاستراتيجية الرئيسية للنظام الإيراني: الهيمنة على الهلال الخصيب، والعراق، وسوريا، ولبنان، والمناطق الفلسطينية. وتهدف طهران إلى إنشاء ممر بري مستمر ودون عوائق إلى البحر الأبيض المتوسط. وسوف تظل العقبات المحلية أمام طموح إيران قائمة، وتشمل حكومة إقليم كردستان، وبعض العرب السنة، وحتى عدد قليل من الجماعات الشيعية الوطنية التي تعارض هيمنة إيران على بلادها، على الرغم من أنها لم تتخذ موقفاً علنياً ضد الانسحاب، خوفاً من الانتقام والاغتيال من قبل المجموعات الوكيلة لطهران. فهم يراقبون عن كثب رد الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الانسحاب الأميركي الكامل من شأنه أن يزيل أهم عائق أمام أهداف إيران العدوانية ويخلق فراغًا ستدخل فيه إيران نفسها. إذاً، سيؤثر الانسحاب أيضًا على حسابات العديد من اللاعبين الآخرين أثناء تقييمهم للتوازن والنظام المستقبلي في منطقتهم”.
وبحسب الموقع، “من الواضح أن هيمنة إيران على الشرق الأوسط ليست في مصلحة الولايات المتحدة. فنظامها معادٍ للولايات المتحدة، ويدعم الإرهاب، ويسعى للحصول على أسلحة نووية، ويبني صواريخ طويلة المدى لإيصال الأسلحة التقليدية والنووية في نهاية المطاف، وقد وضع الشكوك المتبادلة جانباً للدخول في شراكة مع خصوم الولايات المتحدة العالميين، الصين وروسيا. سيكون من الخطأ تسهيل هيمنة إيران على الهلال الخصيب من خلال الخضوع لمطلب طهران والانسحاب من العراق وسوريا. ومع ذلك، إذا رفضت الولايات المتحدة، يجب أن تكون ايران مستعدة لزيادة الضغط ومن المحتمل أن نصدر تعليمات لمجموعاتها الوكيلة بمهاجمة القوات الأميركية في العراق أو في كلا البلدين”.
ورأى الموقع أنه “من الضروري أن تقوم الولايات المتحدة بمراجعة وإجراء التعديلات اللازمة على سياستها وموقفها لردع هذا التهديد بشكل فعال، وذلك يشمل تطبيق أربع خطوات. أولا، يجب على أميركا تعزيز الردع. إن الرد من خلال مهاجمة القوات الوكيلة لطهران غير كافٍ، لأن حياة المجموعات العراقية أو السورية أو اللبنانية أو اليمنية، بالنسبة لطهران، رخيصة وقابلة للاستهلاك. وفي الوقت نفسه، فإن القيام بذلك يفرض على أميركا تكاليف كبيرة، ماليا وجسديا. إذاً، يتطلب الردع الفعال أن تجعل تصرفات المجموعات مشكلة بالنسبة لإيران. فالولايات المتحدة بحاجة إلى أن توضح لإيران أن استئناف الهجمات من قبل وكلائها ضدها سيؤدي إلى تحييد أهداف طهران ذات القيمة العالية سواء في المنطقة أو داخل إيران”.
وبحسب الموقع، “ثانياً، يجب أن تنقل أميركا بوضوح إلى إيران أن استئناف الهجمات بالوكالة سيؤدي إلى تشديد العقوبات الأميركية المشابهة لتلك التي تم تنفيذها خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. فقد كانت تلك العقوبات كبيرة وشملت القطاعين النفطي وغير النفطي، وأثرت على أكثر من 700 شخص وكيان، كما وكانت مكلفة للغاية بالنسبة لإيران، وتخشى طهران من استعادتها.ثالثاً، يجب على أميركا زيادة ضغوطها السياسية على النظام الإيراني من خلال التركيز على نقاط ضعفه. رابعاً، في الوقت الذي تتحول فيه الولايات المتحدة جدياً نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يجب عليها أن تشجع دول المنطقة على تعزيز قدراتها العسكرية والتعاون لمعارضة جهود طهران المستمرة للهيمنة. وهناك عنصران حاسمان في هذا الجهد هما تطبيع العلاقات السعودية -الإسرائيلية وتعزيز معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والسعودية”.
وختم الموقع، “إن النظام الإيراني لاعب طموح ولكنه أيضاً لاعب ذكي ودقيق ويتجنب المخاطرة، وسوف تستمر طهران في زيادة هيمنتها على العراق والتقدم نحو الهيمنة الإقليمية إذا سمح لها بذلك”.