ما الذي تسعى حماس إلى تحقيقه في غزة ما بعد الحرب؟

12 مايو 2024
ما الذي تسعى حماس إلى تحقيقه في غزة ما بعد الحرب؟

ذكرت مجلة “Foreign Affairs” الأميركية أنه “في السادس من أيار، وفي محاولة لإحباط عملية إسرائيلية شبه مؤكدة في رفح، قال قادة حماس إنهم قد يكونون على استعداد لقبول اتفاق مع إسرائيل بشأن تبادل الرهائن في مقابل السجناء. ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من المماطلة من قبل حماس، مما أثار الآمال في واشنطن بإمكانية التوصل إلى نوع من الصفقة التي يمكن أن تؤدي إلى تحرير عشرات الرهائن وإيقاف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

 

ولكن حتى الآن، ظل من غير الواضح مدى التزام حماس بتنفيذ هذه الصفقة، أو ما إذا كانت تسعى ببساطة إلى إيجاد وسيلة للحفاظ على معقلها في رفح، حيث تعتقد إسرائيل أن ألويتها المتبقية وقيادتها المتمركزة في غزة تتحصن هناك. وبعد سبعة أشهر من الحرب في غزة، هناك بعض الأسئلة التي يجب أن تُطرح: ما هي أهداف حماس؟ وما هي استراتيجيتها لتحقيقها؟”

 

وبحسب المجلة، “مع هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، سعت الحركة إلى إعادة نفسها والقضية الفلسطينية إلى مركز الأجندة الدولية، حتى ولو كان ذلك يعني تدمير قسم كبير من غزة نفسها. وكان الهدف من الهجوم أيضًا إحباط اتفاق تطبيع محتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية من شأنه أن يعزز المعتدلين الفلسطينيين ويهمش حماس. لكن قادة حماس لديهم أيضاً أهداف سياسية قد تبدو للوهلة الأولى غير بديهية، إنهم يحاولون إعفاء أنفسهم من العبء الوحيد المتمثل في حكم قطاع غزة، الذي أصبح عائقًا أمام تحقيق هدف المجموعة المتمثل في تدمير إسرائيل.وكما أكدت المحادثات التي استضافتها الصين في أوائل شهر أيار بين مسؤولي حماس وفتح، تحاول قيادة حماس أيضاً إطلاق عملية مصالحة مع فتح والسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها فتح، على الرغم من سنوات العداء العنيف بين المجموعتين”.

 

وتابعت المجلة، “هذه الأهداف بدورها تخدم غرضًا أعمق. ففي سعيها إلى فرض بنية حكم جديدة على غزة وإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية على صورتها، تأمل حماس في فرض نموذج حزب الله على القطاع. تماما كما حزب الله، تريد حماس مستقبلا تكون فيه جزءا من أي هيكل حكم فلسطيني سيظهر بعد ذلك في غزة وبعيدا عنه. وبهذه الطريقة، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، تأمل في ممارسة الهيمنة السياسية والعسكرية في غزة وفي نهاية المطاف الضفة الغربية دون تحمل أي مسؤولية تأتي من الحكم وحده”.

 

وأضافت المجلة، “في الواقع، كان قادة حماس في غزة يتطلعون إلى حزب الله طلباً للتوجيه أثناء تخطيطهم لهجوم 7 تشرين الأول. ورغم أن قيادة حماس الخارجية في قطر وتركيا ولبنان كانت أكثر اهتماما بإنهاء الحرب، فإن رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار يركز بشدة على استيعاب ضربات إسرائيل، والبقاء على قيد الحياة، وإعلان “النصر الإلهي”. ومن الواضح أنه يتطلع إلى حرب عام 2006 مع إسرائيل، حيث أصبح حزب الله أول جيش عربي لم يدمره الجيش الإسرائيلي، على الرغم من الخسائر الفادحة، وتمكن من تعزيز مكانته الإقليمية نتيجة لذلك. ويبدو أن السنوار قد اعتقد أن نجاته من الهجوم العسكري الإسرائيلي، سيضعه في موقع جيد لتولي منصب رفيع في الحكومة الفلسطينية المستقبلية”.

 

وبحسب المجلة، “على الرغم من إعلان حماس المتأخر في أوائل أيار أنها قد توافق على نسخة ما من صفقة الرهائن مقابل السجناء، فإن مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طالما ألقوا اللوم على قيادة حماس لإطالة أمد الحرب من خلال عدم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإلقاء السلاح. ولكنهم ليسوا الأشخاص الوحيدين، فهناك دلائل تشير إلى أن سكان غزة أنفسهم، الذين أصبحوا يائسين بشكل متزايد بعد ما يقرب من سبعة أشهر من الحرب المدمرة، بدأ صبرهم ينفد تجاه الحركة وفشلها في اتخاذ خطوات لحمايتهم من الانتقام الإسرائيلي الذي كانت حماس عازمة على استفزازه”.

 

وتابعت المجلة، “من المؤكد أن قادة حماس، الذين يختبئون في أنفاقهم تحت الأرض، يدركون أن المدنيين الذين تركوهم دون حماية فوق الأرض يتزايد غضبهم ضد الحركة، وهو ما قد يفسر النبرة الأكثر اعتدالاً في بعض التصريحات التي أطلقها قادة الحركة مؤخراً. لكنهم يشعرون بالقلق من الموافقة على أي مبادلة للرهائن بالأسرى دون أن يصاحبها وقف كامل لإطلاق النار وإنقاذ ما تبقى من كتائب حماس في رفح. وتدرك حماس أنها بعد إطلاق سراح الرهائن المتبقين، فإن أفضل وسيلة ضغط لديها هي كادرها القتالي المتبقي. لذا، وكما ترى حماس، يتعين عليها أولاً أن تحقق نصراً على غرار نصر حزب الله، وذلك ببساطة من خلال البقاء على قيد الحياة. وبعد ذلك، يجب عليها أن تتبنى نموذج حزب الله في علاقتها بهيكل الحكم الذي سينشأ بعد الحرب، أي الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتغيير الحركة الفلسطينية من الداخل مع الحفاظ على حماس كقوة مقاتلة مستقلة”.

 

وختمت المجلة، “لإيقاف هذه الخطة قبل أن يتم تنفيذها، سيكون من الأهمية بمكان بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهم العرب والغربيين إبقاء حماس خارج أي بنية حكم فلسطينية يتم تأسيسها. وإذا لم يفعلوا ذلك، فقد يخلق التنظيم قريباً وضعاً أكثر خطورة وزعزعة للاستقرار من ذلك الذي سمح له بشن هجوم 7 تشرين الأول. ويكمن الخطر في حقيقة مفادها أن حماس وحزب الله يعتقدان حقاً أن تدمير إسرائيل أمر لا مفر منه، وأن السابع من تشرين الأول مجرد بداية لعملية لا رجعة فيها من شأنها أن تحقق ذلك الهدف على وجه التحديد. إن كل من يؤيد حقاً فكرة التوصل إلى تسوية دائمة لهذا الصراع لابد وأن يعارض ضم حماس إلى الحكم الفلسطيني لسبب بسيط وهو أن أهداف حماس الأساسية تتعارض مع السلام”.

 

المصدر:
ترجمة “لبنان 24”