توالت تصريحات مسؤولين إيرانيين بشأن برنامج طهران النووي، فمباشرة بعد تهديد مستشار المرشد الإيراني، كمال خرازي، بأن بلاده قد تغيير عقيدتها النووية، إذا أصبح وجودها مهددا، زعم سياسي معروف أن طهران ربما تمتلك بالفعل سلاحا نوويا.
ونقل أحمد بخشيشي أردستاني، الذي أعيد انتخابه عضوا في البرلمان في اذار، لموقع “رويداد 24” الإلكتروني اعتقاده بأن قرار إيران بالمخاطرة بمهاجمة إسرائيل في أبريل ينبع من امتلاكها أسلحة نووية.
أردستاني أحال محاوره لتصريحات خرازي، التي أدلى بها الخميس الماضي.
قال مستشار المرشد الإيراني، كمال خرازي، إن بلاده قد تجد نفسها مضطرة لتغيير عقيدتها النووية لو وجدت أن إسرائيل تمثل تهديدا على وجودها.
ولسنوات، أصرت الجمهورية الإسلامية على أن برنامجها النووي سلمي بالكامل، على الرغم من تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60%، والتي لا يمكن أن يكون غرض التسلح.
وأضاف أردستاني “برأيي، لقد توصلنا إلى امتلاك السلاح النووي، لكننا لا نعلن عن ذلك”.
ونُقل عن أردستاني قوله “عندما تريد دولة مواجهة دولة أخرى، يجب أن تكون قدراتها متوافقة”، مشددا على أن قدرات إيران توافق قدرات الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشار عضو البرلمان الإيراني إلى أنه “في مناخ هاجمت فيه روسيا أوكرانيا وهاجمت إسرائيل غزة.. وإيران من أشد المؤيدين لجبهة المقاومة، فمن الطبيعي أن يتطلب نظام الاحتواء أن تمتلك إيران قنابل نووية، لكن الإعلان عن كل هذا أمر آخر”.
وأرسلت قناة فوكس نيوز التي تناولت الموضوع، استفسارات صحفية إلى وزارة الخارجية الإيرانية في طهران وبعثتها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، لكنها لم تتلق أي رد.
وشهر إبريل الماضي، شنّت طهران هجوما على إسرائيل ردا على قصف للقنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نفس الشهر اتهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.
والأسبوع الماضي، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بعد عودته من زيارة لإيران إن طهران والوكالة ستواصلان محادثات بهدف إنهاء الجمود بشأن قضايا عديدة معلقة بين الطرفين وإن عليهما إبرام اتفاق بشأن حزمة إجراءات لحلها “قريبا”.
اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لدى عودته من إيران، الثلاثاء، أن التعاون مع طهران بشأن برنامجها النووي “غير مرضٍ على الإطلاق”، داعيا إلى الحصول على “نتائج ملموسة في أسرع وقت ممكن”.
وتواجه الوكالة مجموعة من الصعوبات في إيران، منها حقيقة عدم تنفيذ طهران سوى قسم صغير مما يرى غروسي أنها ملتزمة به في “بيان مشترك” أصدراه في اذار 2023 بشأن التعاون المستقبلي، وتوقفت الخطوات الملموسة القليلة التي اتخذنها طهران في حزيران من العام الماضي.
في المقابل قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي إن المباحثات بين إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة إيجابية وبناءة.
انهيار اتفاق 2015
فرض اتفاق 2015 قيودا صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية.
وخفضت الاتفاقية مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، ولم يتبق لها سوى كمية صغيرة بدرجة نقاء تصل إلى 3.67 بالمئة، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن درجة النقاء المستخدمة في صنع الأسلحة وهي 90 بالمئة تقريبا.
وقالت الولايات المتحدة حينئذ إن الهدف الرئيسي هو زيادة الوقت الذي ستحتاجه إيران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، وهي أكبر عقبة في أي برنامج للأسلحة، إلى عام على الأقل.
وفي سنة 2018، انسحب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات على طهران أدت إلى خفض مبيعاتها النفطية وألحقت الضرر باقتصادها.
وفي عام 2019، بدأت إيران في انتهاك القيود على أنشطتها النووية ثم ذهبت إلى مدى بعيد في تجاوزها.
وتنتهك طهران الآن جميع القيود الرئيسية المفروضة بموجب الاتفاق، بما في ذلك أماكن التخصيب والآلات المستخدمة فيه وإلى أي مستوى يمكنها تخصيب اليورانيوم، فضلا عن كم المواد التي يمكنها تخزينها.
ووفقا لأحدث تقرير ربع سنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تفتش منشآت التخصيب الإيرانية، فقد بلغ مخزونها من اليورانيوم المخصب 5.5 طن في فبراير، بعد أن كان قد تم تحديد سقف له عند 202.8 كيلوغرام بموجب الاتفاق، تقول وكالة رويترز.
وتقوم إيران الآن بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، ولديها كمية من المواد المخصبة إلى هذا المستوى تكفي، في حالة تخصيبها بدرجة أكبر، لصنع سلاحين نوويين، وفقا للتعريف النظري للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويعني هذا أن ما يسمى “زمن الاختراق” بالنسبة لإيران، وهو الوقت الذي تحتاجه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية، يقترب من الصفر، فقد يستغرق على الأرجح أسابيع أو أياما.
وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مواقع التخصيب المعلنة في إيران وهي محطة فوق سطح الأرض، ومحطة أكبر تحت الأرض في مجمع نطنز، ومنشأة أخرى داخل جبل في فوردو.
ونتيجة لتوقف إيران عن تنفيذ عناصر الاتفاق، لم تعد الوكالة قادرة على مراقبة إنتاج إيران ومخزونها من أجهزة الطرد المركزي، كما لم يعد بإمكانها إجراء عمليات تفتيش مفاجئة. وأثار ذلك تكهنات حول ما إذا كان بإمكان إيران إنشاء موقع سري للتخصيب، ولكن لا توجد مؤشرات محددة على وجود مثل هذا الموقع.
إنتاج سلاح نووي
بغض النظر عن تخصيب اليورانيوم، هناك سؤال حول المدة التي ستستغرقها إيران لإنتاج الجزء الباقي من قنبلة نووية، وربما تصغيرها بما يكفي لوضعها ضمن منظومة إطلاق مثل الصواريخ الباليستية إذا أرادت ذلك. ويصعب تقدير ذلك لأنه من غير الواضح مدى المعرفة التي تمتلكها إيران.
وتعتقد أجهزة المخابرات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كانت تمتلك برنامج أسلحة نووية منسقا أوقفته عام 2003. وخلصت الوكالة في تقريرها عام 2015 إلى أن إيران عملت على تطوير قطاعات من برنامج للتسليح النووي واستمر بعض العمل حتى أواخر عام 2009.
وتنفي الجمهورية الإسلامية امتلاك برنامج أسلحة نووية على الرغم من أن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي قال إنه إذا أرادت طهران ذلك “فلن يكون بوسع زعماء العالم منعنا”.
كم تبقى من الوقت؟
تختلف تقديرات المدة التي ستحتاجها إيران للحصول على سلاح نووي بين أشهر وعام تقريبا.
وفي اذار 2023، شهد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة آنذاك الجنرال مارك ميلي أمام الكونغرس بأن حصول إيران على سلاح نووي سيستغرق عدة أشهر رغم أنه لم يذكر ما يستند إليه هذا التقييم.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي الصادر في فبراير من هذا العام إن “التصريحات العلنية في إيران بشأن قدراتها التقنية على إنتاج أسلحة نووية تزيد من مخاوف المدير العام بشأن صحة واكتمال الإعلانات المتعلقة بالضمانات الإيرانية”.
وقال دبلوماسيون إن تلك التصريحات شملت مقابلة تلفزيونية مع الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي شبّه فيها إنتاج سلاح نووي بصنع سيارة، وقال إن إيران تعرف كيف تصنع الأجزاء اللازمة. (الحرة)