سلط تحليل لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الضوء على الخطوة التي اتخذتها إسبانيا والنرويج وأيرلندا، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وما قد يترتب عليها فيما يتعلق بقيام دولة فلسطينية من جهة، و”الوحدة الأوروبية” من جهة أخرى.
واعتبرت الصحيفة أنه فيما يُتوقع أن تزيد الضغوط الدولية على إسرائيل بعد قرار الدول الأوروبية الثلاث، فإن الخطوة أظهرت أيضًا أنه لن تكون هناك وحدة أوروبية أو تحركات منسقة بشأن هذه المسألة.
وأضافت أن اعتراف الثلاثي الأوروبي “لن يقرّب بمفرده مسألة إقامة الدولة الفلسطينية، لكنها خطوة تعكس السخط العالمي المتزايد نحو إسرائيل، مما قد يتسبب في زخم يسمح في نهاية المطاف بتنفيذ حل الدولتين”.
وفي إعلان مشترك مع أيرلندا وإسبانيا، الأربعاء، أكد رئيس الوزراء النرويجي، يوناس غار ستور، أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية اعتبارا من 28 مايو، رغم التحذيرات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل على الفور باستدعاء سفرائها في الدول الثلاث “للتشاور”.
فيما رحبت منظمة التحرير الفلسطينية ودول عربية أخرى بقرار الدول الأوروبية الثلاث. واعتبرت حركة حماس القرار خطوة مهمة على طريق تثبيت حقوق الفلسطينيين في أرضهم وفي إقامة دولتهم.
وتعترف بالفعل نحو 144 دولة من أصل 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، بما في ذلك أغلب دول نصف الكرة الأرضية الجنوبي وروسيا والصين والهند.
لكن على الصعيد الأوروبي، لم يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة حتى الآن سوى من عدد قليل من دول الاتحاد البالغ عددها 27.
“ليس من المحرمات”
وأوضح تحليل “نيويورك تايمز” أيضًا أن الخطوة لن تجعل من الحتمي أن تحذو دول أوروبية أكبر حذو الدول الثلاث، فقد صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في شباط، بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “ليس من المحرمات”.
وكرر وزير الخارجية الفرنسية، هذا التصريح، الأربعاء. وقال وفق ما نقلته وكالة فرانس برس، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “ليس من المحظورات” بالنسبة لفرنسا، مضيفًا أن باريس تعتبر أن الظروف غير متوفرة “الآن ليكون لهذا القرار تأثيرا فعليا” على العملية الهادفة إلى قيام دولتين.
وكان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، قد صرح في فبراير أيضًا، بأن بلاده يمكن أن تعترف رسميا بالدولة الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار في غزة، دون انتظار نتيجة ما ستسفر عنه محادثات مستمرة منذ سنوات بين إسرائيل والفلسطينيين حول حل الدولتين.
وأشار تحليل “نيويورك تايمز”، إلى أن تلك التصريحات من الدول الأوروبية الكبرى، وإن لم تصل إلى مرحلة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنها تمثل “تجاوزا لكل ما كان يقال في السابق”.
وتابع أنه حال توحدت الدول الأوروبية وانضمت دول كبرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية و”تركت الولايات المتحدة معزولة” لرفضها الخطوة في هذا التوقيت، فإنه “ربما يكون هناك تأثير عظيم، لكن لا يزال الأمر بعيد المنال حاليًا”.
كانت الولايات المتحدة اعتبرت، الأربعاء، أن “الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق من خلال المفاوضات وليس باعتراف من أطراف منفردة”، وذلك في أول تعليق على اعتراف الدول الأوربية الثلاث.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن “الرئيس الأميركي، جو بايدن، مؤيد قوي لحل الدولتين وكان كذلك طوال حياته المهنية”.
وأضاف كيربي أن “الرئيس بايدن، يعتقد أن الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق من خلال المفاوضات وليس باعتراف من أطراف منفردة”.
ولفتت نيويورك تايمز أيضًا إلى أن الانقسام الأوروبي “لم يجعل للقارة أي نفوذ حقيقي على الصراع أو تأثير عليه لبعض الوقت”، حيث كانت “لاعبا هامشيا” منذ أثمرت المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية مطلع التسعينيات عن اتفاقيات أوسلو.
وبات الصوت الوحيد حاليا الذي يمكن أن تستمع إليه إسرائيل هو واشنطن، حتى وإن تحداها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو خلال الفترة الأخيرة، وفق التحليل.
وقال السفير الإسرائيلي الأسبق لدى الولايات المتحدة، إيتمار رابينوفيتش، إنه “لا يوجد تأثير فعلي للأوروبيين.. الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمر رمزي ولن يغير شيئا. لو أرسلوا 30 ألف جنديا أوروبيا إلى غزة لإنهاء الحرب، حينها سيكون هناك اختلاف، لكننا ندرك أنه لو قتل منهم 10 جنود، فسيغادرون جميعا”.
وأوضحت الصحيفة أن اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية، جزء من “السخط العالمي” نحو إسرائيل، كما قد “يدفع الزخم إلى الأمام لو تغيرت عدة أمور، ليس أقلها استبدال القيادة الإسرائيلية والفلسطينية الحالية، وإنهاء الحرب، وتشكيل سلطة حكم في غزة لا يربطها أي شيء بحماس”. (الحرة)