كيف تتزايد ضغوط الداخل على نتنياهو؟

26 مايو 2024
كيف تتزايد ضغوط الداخل على نتنياهو؟


بات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تُحاصره الضغوط الداخلية من كافة الاتجاهات، مع تعقد الحرب في قطاع غزة وتعثر مفاوضات التوصل إلى هدنة تسمح بموجبها بالإفراج عن عدد جديد من الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس.

ويعتقد محللون إسرائيليون ومراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن نتنياهو يتأثر بحكومته اليمينية، ويسعى جاهدًا لتلبية طموحات عناصرها المتشددة للاحتفاظ بائتلافه الحكومي والتمسك بمقعده، مرجحين نجاحه في تجاوز التحديات الداخلية طالما استمرت الحرب في غزة، التي تحظى بالاهتمام الداخلي والدولي.

تحقيق.. ومهلة

آخر تلك الضغوط الواقعة على عاتق نتنياهو، ما دعا إليه الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، الأحد، بتشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث 7 تشرين الأول وحرب “السيوف الحديدية” التي اندلعت نتيجة لذلك.

ووفق صحيفة “معاريف” الإسرائيلية فإن الاقتراح الذي تقدم به غانتس إلى أمانة الحكومة شمل التحقيق في جميع الأحداث التي سبقت الحرب، وصنع القرار على المستويين السياسي والعسكري، وكذلك السلوك أثناء الحرب نفسها.

وجاءت دعوة غانتس بعد بضع أيام من تحديده مهلة حتى الثامن من حزيران المقبل أمام حكومة نتنياهو لتحديد استراتيجية واضحة للحرب.

كما انتقد عضو كابينت الحرب الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، نتنياهو في أكثر من مرة معتبرًا أنه “لا يقول الحقيقة”.

وبشأن مدى نجاح غانتس وآيزنكوت، في الضغط على نتنياهو، قال المحلل السياسي الأمريكي مهدي عفيفي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “رئيس الوزراء الإسرائيلي سيستمر في منهجه لأن المتشددين هم من يسيطرون على الحكومة”، موضحًا أن غانتس لا يستطيع منفردًا إسقاط الحكومة.

ضغوط أهالي الأسرى

تأتي مظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين كضغط إضافي على نتنياهو، خاصة بعد مطالبتهم بالعمل للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع حماس، فضلًا عن دعوتهم لإجراء انتخابات مبكرة.

وككل يوم سبت، يجري تنظيم مظاهرتين في تل أبيب، الأولى في مفرق “كابلان”، والأخرى مقابل مقر وزارة الدفاع، في الوقت الذي تقع مناوشات بين الحين والآخر، بين المتظاهرين من جانب، وعناصر الشرطة من الجانب الآخر.

وعقدت العائلات مؤتمرا صحفيا في تل أبيب بعد وقت قصير من بث حركة حماس، فيديو يظهر صورا لرهائن قتلوا في تفجيرات داخل غزة، حيث قرأوا بيانا شدد على أن “الطريقة الوحيدة لإعادة الرهائن هي إنهاء الحرب”.

ووفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن معظم الإسرائيليين يؤيدون وقف الحرب “على الفور”.

في حين أكد نتنياهو قبيل انعقاد مجلس الحرب، يوم الأحد، معارضته لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.

ضغوط المعارضة.. و”التمرد”

أيضًا، قادة المعارضة هم حلقة أخرى للضغوط حول نتنياهو، وخاصة التصريحات التي تصدر من زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي أوضح أن ما يهم رئيس الوزراء والمقربين منه هو البقاء السياسي وإحداث الفوضى في إسرائيل.

وأشار “لابيد” إلى أن “إسرائيل لن تربح الحرب مع نتنياهو، وعليه أن يغادر فورًا”.

وتتزامن تلك التصريحات مع الضجة التي أثارها “فيديو التمرد” الذي نشره جندي إسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا لمناهضة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع، فيما قيل لاحقًا إنه جرى تحديد هويته وضبطه.

أيضا، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقاله بصحيفة “هآرتس”، انتقاده لحكومة بنيامين نتنياهو وحربه في قطاع غزة، مشددًا على أن الطريق لإرجاع الأسرى الإسرائيليين سالمين يمر عبر “وقف فوري للحرب”.

هل أصبح “أسيرًا” في الائتلاف؟

وفي رأي المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور، فإن “تصرفات نتنياهو منذ تشكيله الحكومة اليمينية المتشددة قبل عام ونصف وقبل هجوم حماس، تختلف عن تصرفاته السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي عما كانت عليه في حكوماته الـ 5 الماضية”.

وأرجع “غانور” في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، السبب في تحول سياسات نتنياهو إلى “طبيعة الشركاء في الائتلاف من حيث التشدد والاعتماد عليهم إلى درجة تحوله أسيرا بأيديهم ولأهوائهم، وعدم وجود شخصية أو قوة سياسية في حزبه أو خارجه بوسعها أن تواجههم”.

وأوضح أن هذه العوامل تجعله يتصرف بـ”صورة غير مألوفة”، وهذا ما يفسر الدعوات الجماهيرية الآخذة بالازدياد لتبكير موعد الانتخابات.

لكن هذه الرغبة تصطدم بأركان الائتلاف الحكومي الذي يرفضون تقليص فترة بقائهم في سدة الحكم إلى النصف، وفق “غانور” الذي أوضح أن أعضاء الائتلاف يدركون الاستياء والقلق من إمكانية عدم عودتهم مرة أخرى إلى “الوضع الذي يعيشونه في ظل رئاسة نتنياهو”.

الحرب.. ومستقبله السياسي

وعلى هذا المنوال، مضى المحلل السياسي الأمريكي مهدي عفيفي، قائلًا إن “الضغوط التي تُمارس على نتنياهو، لن تثنيه وحكومته من الاستمرار في الحرب”.

وأرجع “عفيفي” ذلك إلى أن انتهاء حرب غزة يعني نهاية مستقبل نتنياهو السياسي، وسيكون أكثر عرضة للمحاكمة بكل الإخفاقات سواءً كانت العسكرية أو الاستخباراتية والأمنية، فضلًا عن أزماته الشخصية وقضايا الفساد المثارة بشأنه.

وعما كانت لتلك الضغوط تأثير على دفعه لقبول التفاوض، قال عفيفي: “لا أعتقد أنه سيغير رأيه، بل سيمطال في مباحثات تبادل الأسرى لأن الرهائن لا يشكلون فارقا بالنسبة له، فهدفه الأساسي تدمير حماس بشكل كلي، لكن ما قام به هو تدمير غزة وتهجير أهلها”.

ختامًا يوضح عفيفي أن “مستقبل نتنياهو السياسي على المحك، وظنه أنه كلما أطال أمد الحرب كلما استمر في منصبه”.