تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية، على الرغم من أمر المحكمة الدولية بوقف هجومها على رفح، إذ تحاول السير على خط فاصل بين عدم إثارة غضب حلفائها بالولايات المتحدة ومحاولة تحقيق أهداف استراتيجية تعتبرها أكثر أهمية من أن تتخلى عنها، وفق تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وبعد أسابيع عديدة من التحذيرات من البيت الأبيض، يصف كل من الإسرائيليين والأميركيين العملية العسكرية في رفح بأنها “محدودة”، مما يسمح للجيش الإسرائيلي بالمضي قدما، ولو بشكل أبطأ وحذر مما حدث في أجزاء أخرى من غزة.
لماذا تستمر إسرائيل في مهاجمة رفح؟
السبت، قصف الجيش الإسرائيلي السبت قطاع غزة ولا سيما رفح، غداة صدور أمر عن محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في المحافظة الجنوبية “فورا”.
وكثف الجيش الإسرائيلي، ليل السبت-الأحد، قصفه بالمدفعية والطائرات مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوبه وكذلك لمناطق في وسط القطاع وشماله، بحسب ما أفاد شهود عيان لوكالة “فرانس برس”.
وبالنسبة لإسرائيل، فإن الاستيلاء على رفح والحدود من شأنه أن يكمل عملية “إعادة احتلال” قطاع غزة بشكل فعال، وقد يعني الانتقال إلى مرحلة مختلفة من الغارات الأقل كثافة.
ويقول الإسرائيليون إن رفح تضم آخر أربع كتائب تابعة لحماس منظمة نسبيا، وبنية تحتية رئيسية للأنفاق وقاذفات صواريخ.
وتظل الأهداف العسكرية الإسرائيلية دون تغيير، فهي تريد تأمين الحدود بالكامل مع مصر، وتدمير أنفاق التهريب وتفكيك آخر كتائب حماس، وإعادة الرهائن المتبقين لدى الحركة إلى إسرائيل، وكسر السيطرة الحمساوية الإدارية على قطاع غزة بالكامل.
وركزت القوات الإسرائيلية في البداية على تأمين الحدود ذات الكثافة السكانية المنخفضة، والتي تدور حول مدينة رفح وتضغط على ما يقرب من مليون شخص نزحوا من أجزاء أخرى من غزة للانتقال إلى مناطق من المفترض أن تكون أكثر أمانا ولكن الظروف لا تزال مزرية.
ما أسباب “تخفيف التكتيكات”؟
يقول المحللون لـ”نيويورك تايمز”، إن الغضب والتحذيرات من إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وغيرها من الحلفاء المقربين لإسرائيل كان لها تأثير في تخفيف التكتيكات الإسرائيلية، حتى لو ظل الهجوم مدمرا.
ويقول الضباط الذين تركوا القتال في رفح للتو إن إسرائيل “تستخدم قدرا أقل من القوة الجوية والمدفعية، وقنابل أقل وأصغر حجما”، مما يجبر الجنود الإسرائيليين على الانخراط في حرب عصابات في المناطق الحضرية مع مقاتلي حماس.
ومع إصرار الأميركيين على أن تقوم إسرائيل بإجلاء المدنيين قدر الإمكان من مناطق العمليات المخطط لها، في الأسبوعين الماضيين، انتقل ما يصل إلى مليون مدني غربا نحو البحر والمناطق الأكثر أمانا، حتى لو توفرت مرافق للإيواء فالتغذية والرعاية بالنسبة لهم “غير كافية”.
ولكن حتى لو لم يكن المدنيون في خط النار، فإن التهديدات التي يتعرضون لها تظل خطيرة مع عبور القليل من المساعدات من مصر أو عدم عبورها على الإطلاق.
إغلاق الحدود مع مصر؟
قال تامير هايمان، المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي واللواء الاحتياطي والرئيس السابق للمخابرات العسكرية من 2018 إلى 2021، إن المفاوضين الإسرائيليين أخطأوا في قراءة نظرائهم المصريين واعتقدوا أن القاهرة لن تعترض بشدة على استيلاء إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
ويعتقد كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي، أن بعض مقاتلي حماس يقومون بالإخلاء مع المدنيين، على أمل القتال مرة أخرى في المناطق التي احتلتها إسرائيل ثم انسحبت منها، كما هو الحال في جباليا، حيث اشتد القتال المتجدد.
ويتفق مايكل مع المسؤولين الإسرائيليين على أن كتائب حماس الأربع التي لا تزال في رفح “ليست مدربة بشكل جيد مثل تلك الموجودة في الشمال ولا تمثل مشكلة ملحة”.
ومن جانبه، قال هايمان إنه من الناحية الاستراتيجية، من المهم للغاية بالنسبة لإسرائيل أن تغلق الحدود مع مصر.
وعلى الرغم من النفي المصري لأي تسامح مع التهريب إلى غزة، قال هايمان، إن “المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن معظم أسلحة حماس ومكوناتها جاءت من مصر، إما عبر أنفاق التهريب أو عبر المعبر نفسه، وغالبا ما كانت مخبأة بعناية على مر السنين في شاحنات تجارية عادية”.
وقالت إسرائيل علنا إنها اكتشفت في رفح وما حولها حوالي 700 فتحة نفق تؤدي إلى 50 نفقا أكبر للتهريب إلى مصر.
وقال مايكل إن الجيش اختار عدم تفجير الأنفاق بعد لأنه سيتسبب في أضرار داخل مصر.
وأضاف أنه لنفس السبب، لا يكشف الجيش عن صور الأنفاق لمحاولة تجنب إحراج الحكومة المصرية، التي تصرفت في الماضي بقوة للعثور على مثل هذه الأنفاق وتدميرها. (الحرة)