التهديدات النووية الروسية بدأت تفقد تأثيرها

4 يونيو 2024
التهديدات النووية الروسية بدأت تفقد تأثيرها


رأت صحيفة “Financial Times” البريطانية أن “روسيا تلوّح مرة أخرى باستخدام أسلحتها النووية. وفي الأسبوع الماضي، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دول الناتو من السماح لأوكرانيا باستخدام الذخائر الغربية لضرب روسيا، كما وحذر من “عواقب وخيمة”، قائلا إن حلفاء أوكرانيا يجب أن يكونوا على دراية بـ “الأراضي الصغيرة” و”الكثافة السكانية” في العديد من الدول الأوروبية. وكرر هذا التهديد الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف قائلاً “إن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية يمكن أيضًا أن يكون خطأً في الحسابات. سيكون هذا خطأً قاتلاً”. وفي الواقع، اتخذت موسكو أيضًا إجراءات مؤخرًا للتأكيد على تهديداتها، حيث أجرت القوات الروسية تدريبات نووية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا”.

وبحسب الصحيفة، “لم تردع هذه التحركات العديد من دول الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة، من اتخاذ الخطوة الأخيرة على سلم التصعيد من خلال الموافقة على استخدام أسلحتها داخل الحدود الروسية. وتعكس هذه الخطوة الأخيرة من جانب دول حلف شمال الأطلسي مزيجا من الثقة والتوتر. ومن الناحية الإيجابية، أصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الآن أقل قلقاً بشأن التهديد المتمثل في اكتساب روسيا أسلحة نووية عما كانت عليه قبل ثمانية عشر شهراً. ومن الناحية السلبية، فإنهم يشعرون أيضًا بعدم الارتياح بشكل متزايد بشأن الوضع في ساحة المعركة. إن الاستعداد الجديد للسماح لأوكرانيا بالرد على مواقع مدفعية العدو وقواعده الصاروخية، حتى لو كانت داخل روسيا نفسها، يعكس المخاوف من أن أوكرانيا تخسر الحرب تدريجياً. ونتيجة لذلك، يشعر داعمو كييف الغربيون بأنهم مضطرون إلى تحمل مستوى أكبر من المخاطرة لإبقاء أوكرانيا في المعركة”.
وتابعت الصحيفة، “يمثل استعداد الغرب لتحمل هذا المستوى من المخاطرة تحولا جذريا في التفكير منذ الغزو الروسي الواسع النطاق في شباط 2022. في ذلك الوقت، كانت دول الناتو متوترة بشأن تزويد أوكرانيا بأي أسلحة هجومية. إن توفير كل قدرة كبيرة جديدة لكييف، من الصواريخ البعيدة المدى، إلى الدبابات والطائرات المقاتلة، كان مصحوباً بنقاش طويل، ومؤلم في بعض الأحيان، في الغرب، وتهديدات نووية من روسيا. ولكن في كل مرة تتجاوز فيها دول حلف شمال الأطلسي العتبة، يفشل الكرملين في تنفيذ تهديداته النووية، ما سهل على التحالف الغربي اتخاذ الخطوة التالية. ولكن حقيقة أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يعودوا يشعرون بالقلق إزاء الموقف النووي الروسي لا يعني أنهم يرفضون التهديد بالكامل. في الواقع، هناك بعض المسؤولين الغربيين الذين ما زالوا يشعرون بالقلق الشديد بشأن احتمال التصعيد الذي ينطوي عليه السماح باستخدام الأسلحة، التي يقدمها الغرب، لضرب الأراضي الروسية”.
وأضافت الصحيفة، “يكمن قلق هؤلاء المسؤولون في أن روسيا ستعتبر هذه الخطوة الأخيرة بمثابة تصعيد لحرب بالوكالة من قبل الغرب، ويمكن أن تقوم بما تعتبره رد فعل متماثل، يتضمن ضربات مضادة على أراضي الناتو. كما وقد يؤدي ذلك إلى اقتراب روسيا وحلف شمال الأطلسي من الصراع المباشر الذي سعى القادة الغربيون دائمًا إلى تجنبه. ويُعتقد أن العقيدة العسكرية الروسية تفترض أن موسكو لا يمكنها أن تنتصر في حرب تقليدية مع الغرب، وبالتالي تسعى للاستخدام المبكر للأسلحة النووية. وعلى الرغم من حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نشر قوات فرنسية في نهاية المطاف على الأراضي الأوكرانية، فإن التحالف الغربي لا يزال يحاول الحفاظ على خطه الأحمر الواضح ضد التدخل المباشر في صراع مع روسيا”.
وبحسب الصحيفة، “عندما أطلقت إيران مؤخراً وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، تورطت الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل مباشر في إسقاطها، أما أوكرانيا فلم تتلق مثل هذا الدعم ضد الهجمات الصاروخية الروسية على المدن والبنية التحتية، ويرجع ذلك جزئيا إلى خطر قيام القوات الجوية الغربية بإطلاق النار مباشرة على القوات الروسية. وحتى الآن، فرضت الولايات المتحدة قيوداً كبيرة على المدى الذي يمكن لأوكرانيا أن تذهب إليه في الرد على القوات الروسية بأسلحة قدمتها لها الولايات المتحدة. وتتلخص السياسة الجديدة في أن أوكرانيا حرة في ضرب القوات الروسية التي تطلق النار على أوكرانيا عبر الحدود مباشرة، لكن الضربات على أهداف في عمق الأراضي الروسية لا تزال غير مطروحة على الطاولة”.
ورأت الصحيفة أنه “وعلى الرغم من المخاوف بشأن رد روسيا المحتمل على هذه الخطوة الأخيرة، لا يزال صناع القرار في الولايات المتحدة يعتقدون أن الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى رد فعل نووي روسي بعيدة إلى حد ما. وهناك حالتان قد تدفعان روسيا إلى القيام بذلك إما إذا كان الجيش الروسي على وشك الهزيمة في ساحة المعركة، أو إذا هددت القوات البرية الأوكرانية شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا رسميًا في عام 2014”.