فيما تشهد الضفة الغربية اشتباكات متقطعة مع القوات الإسرائيلية منذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من تشرين الاول الماضي، كان آخرها، اليوم الجمعة، في مدينة نابلس، يتزايد القلق في صفوف قيادات الجيش الإسرائيلي.
فقد حذر الجيش الإسرائيلي الحكومة من أن سياستها في قطع التمويل عن السلطة الفلسطينية قد تدفع الضفة الغربية المحتلة إلى “انتفاضة” ثالثة، وفق ما نقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان).
كما بين في مذكرة له أن التوترات الناجمة عن القيود المالية تهدد بتحويل الضفة من مسرح ثانوي في الحرب إلى مسرح أساسي. وأبدى قلقه المتزايد بعد أن أذكت الصعوبات الاقتصادية أعمال العنف التي تصاعدت في كافة أنحاء الضفة حيث قُتل مئات الفلسطينيين، من بينهم مقاتلون وشبان صغار من راشقي الحجارة ومدنيون. لاسيما بعدما أضحت المداهمات العنيفة التي تقوم بها مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين على القرى الفلسطينية أمرا شائعا.
كذلك نبهت المذكرة التي أعدها مسؤولون من الجيش وشين بيت من أن تقليص الدخل قد يدفع كثيرا من الفلسطينيين صوب الجماعات المسلحة المدعومة بالمال من إيران.
لكن متحدثة باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدت ألا علم لها بهذه المذكرة. غير أن مسؤولا إسرائيليا طلب عدم نشر اسمه أكد وجود المذكرة، قائلا إنه جرى تداولها بين عدة وزارات حكومية والجيش ووكالات أمنية “قبل أكثر من أسبوع”، حسب ما نقلت رويترز.
مئات آلاف العمال
أتى هذا التحذير مع دخول الحرب في غزة شهرها التاسع، وسط تردي الوضع الاقتصادي في الضفة على نحو متزايد حيث فقد مئات الآلاف من العمال وظائفهم في إسرائيل ولم يتقاض موظفو القطاع العام أجورهم ولو بشكل جزئي منذ أشهر. إذ منعت السلطات الإسرائيلية العمال الفلسطينيين من الدخول من الضفة الغربية منذ هجوم حركة حماس بأكتوبر الماضي، على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، ما فجر حربا إسرائيلية مدمرة على غزة.
أكثر من مليار ونصف دولار
كما احتجزت إسرائيل نحو ستة مليارات شيقل (1.61 مليار دولار) إجمالا من عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية، ما فاقم الضغط المالي الكبير الذي أدى إلى صعوبات متزايدة مع انحسار أموال المانحين.
وفي السياق، قال نصر عبد الكريم، الخبير الاقتصادي المحاضر في الجامعة العربية الأميركية في رام الله، إن السلطة الفلسطينية تمكنت من تعويض بعض النقص بالحصول على قروض خاصة لكن هذا لن يدوم على الأرجح على الأمد البعيد.
كما أضاف “هذا الشهر كان لدى السلطة خيار لدفع نصف راتب من خلال أخذ قرض من البنوك أو أحد الصناديق كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، لكن هل سيكون هذا الخيار متاحا الشهر القادم أو الذي يليه؟”.
وحتى قبل تفجر حرب غزة، أثار تصاعد العنف مخاوف من اندلاع انتفاضة ثالثة على غرار الانتفاضتين السابقتين في ثمانينيات القرن الماضي وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتشتبك السلطة الفلسطينية في مواجهة مريرة منذ أشهر مع بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي المنتمي إلى اليمين المتطرف والذي يرفض صرف عوائد الضرائب ويتهم السلطة الفلسطينية بدعم حماس المعادية لإسرائيل.
يذكر أن الضفة الغربية التي يقطنها 2.8 مليون فلسطيني و670 ألف مستوطن إسرائيلي تخضع للاحتلال العسكري الإسرائيلي. فيما تمارس السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا حكما ذاتيا محدودا.
وبموجب اتفاقيات السلام التي وقعت في التسعينيات، تقوم إسرائيل بجمع الأموال للسلطة. لكنّ تل أبيب تواصل منع تحويل الإيرادات للسلطة منذ أن شنّت حماس هجوم السابع من تشرين الاول. (العربية)