كشفت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، الأحد، ميله نحو اليمين، مع وجود المزيد من القوميين المشككين في الاتحاد الأوروبي وعدد أقل من الليبراليين ومناصري التيار “الأخضر”.
وبما أن دور البرلمان هو مراجعة التشريعات الجديدة والموافقة عليها، عادة ما يأتي بتعديلات يتعين على حكومات الاتحاد الأوروبي الاتفاق عليها قبل أن تدخل اللوائح أو التوجيهات حيز التنفيذ، وفق رويترز.
وسيتعين على جمعية الاتحاد الأوروبي الجديدة الموافقة على الرئيس القادم للمفوضية الأوروبية، على الأرجح ستستمر الرئيسة الحالية أورسولا فون دير لاين لولاية ثانية، ومفوضيها الستة والعشرين الآخرين.
ومن الممكن أن يخلف التحول نحو اليمين تأثيرا على سلسلة من المجالات السياسية المهمة في فترة الخمس سنوات المقبلة أبرزها ملفات المناخ، والدفاع، والتجارة وغيرها من القضايا التي تربط بين دول التكتل.
المناخ
ستكون السنوات الخمس المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت أوروبا ستحقق أهدافها المتعلقة بتغير المناخ لعام 2030.
وأنفق الاتحاد الأوروبي السنوات الخمس الماضية في إقرار حزم من قوانين الطاقة النظيفة وخفض ثاني أكسيد الكربون لتحقيق أهدافه لعام 2030، وسيكون من الصعب التراجع عن هذه السياسات.
وسوف يتفاوض البرلمان الأوروبي مع دول الاتحاد الأوروبي على هدف جديد ملزم قانونا لخفض الانبعاثات بحلول عام 2040.
وهذا الهدف سيحدد المسار لموجة مستقبلية من السياسات للحد من الانبعاثات في ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين في كل قطاع، من الزراعة إلى التصنيع إلى ينقل.
الدفاع
السياسة الخارجية والدفاعية تبقى في المقام الأول من اختصاص البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وليس البرلمان الأوروبي. لذا فإن نتيجة الانتخابات لا ينبغي أن تخلف أي تأثير فوري على دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا مثلا أو المسائل العسكرية.
مع ذلك، سيكون للبرلمان دور يلعبه في خطط تشجيع التعاون الأوروبي بين الدول والشركات في مشاريع الدفاع وحث الحكومات على شراء المزيد من المعدات العسكرية الأوروبية.
ويحتاج برنامج الصناعات الدفاعية التابع للمفوضية الأوروبية، والذي يهدف إلى تحقيق هذه الأهداف، إلى موافقة حكومات الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي.
وربما تؤدي المكاسب التي حققتها الأحزاب التي تعارض المزيد من التكامل الأوروبي إلى زيادة صعوبة تحقيق هذه الطموحات.
وعلى نحو مماثل، لكي تتمكن خطط المفوضية من تحقيق أي نفوذ حقيقي، فإنها سوف تحتاج إلى أموال ضخمة من ميزانية الاتحاد الأوروبي المقبلة الطويلة الأجل، والتي يجب أيضاً أن يوافق عليها البرلمان.
التجارة
الدور الأساسي للبرلمان الأوروبي في السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي هو الموافقة على اتفاقيات التجارة الحرة قبل أن تدخل حيز التنفيذ. ولا يشارك بشكل مباشر في الدفاع التجاري، مثل فرض التعريفات الجمركية.
وتقول المفوضية الأوروبية وبعض زعماء الاتحاد الأوروبي إن الكتلة بحاجة إلى المزيد من الاتفاقيات التجارية مع شركاء موثوقين لتعويض الأعمال المفقودة مع روسيا وتقليل الاعتماد على الصين.
ولا يزال عدد من الاتفاقيات التجارية في انتظار الموافقة، مثل المكسيك وتكتل “ميركوسور” في أميركا الجنوبية، في حين تسعى المفوضية الأوروبية أيضًا إلى إبرام صفقات مع دول مثل أستراليا.
وقد واجهت كل هذه الصفقات، واتفاقية “ميركوسور” على وجه الخصوص، معارضة، وقد يكون تمريرها عبر البرلمان المقبل أكثر صعوبة في ظل وجود أعداد أكبر من القوميين المتشككين في أوروبا.
العلاقات مع واشنطن.. وبكين
تقول المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تقديم موقف موحد تجاه المنافسين الرئيسيين مثل الصين والولايات المتحدة، خاصة إذا عاد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
وتقول أيضا إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى استراتيجية صناعية موحدة أكثر وضوحًا ليظل قاعدة صناعية رئيسية للسلع الخضراء والرقمية حيث يضخ المنافسون إعانات ضخمة.
ويقول المنتقدون إن الأحزاب اليمينية القومية تدعو إلى أوروبا أكثر مرونة وأكثر تجزئة، بحيث تكون أقل قدرة على مواجهة هذه التحديات.
التوسيع والإصلاح
يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعمل على إصلاح سياسته الزراعية الداخلية والطريقة التي يدعم بها أعضاءه لتحقيق المساواة في مستويات المعيشة قبل أن يقبل بلدانا جديدة، وخاصة البلدان الكبيرة مثل أوكرانيا، لأن نظام التحويلات الحالي يُنظَر إليه باعتباره مكلفا للغاية.
ولكي يتمكن الاتحاد الأوروبي من قبول أعضاء جدد مثل أوكرانيا، ومولدوفا، ودول غرب البلقان، سوف يحتاج أيضاً إلى تغيير الكيفية التي يتخذ بها قراراته، والحد من الحاجة إلى الإجماع، وهو الأمر الذي أصبح تحقيقه أمراً متزايد الصعوبة.
وإذا تم اقتراح مثل هذه الإصلاحات في السنوات الخمس المقبلة، فسيكون للبرلمان دور حاسم يلعبه في تشكيلها، وقد يكون لصوت أقوى لليمين المتطرف، الذي يعارض التكامل الأعمق مع الاتحاد الأوروبي، تأثير مهم. (الحرة)