ومع تصعيد القتال والعنف العرقي، خاصة في دارفور، لا يرجح أن يستطيع أي من الطرفين تحقيق انتصار حاسم، ما يمكن أن يؤدي إلى صراع مطول والتقسيم الفعلي للبلاد.
ضغوط لإنهاء الحرب
وتقول مارسدن الزميلة في برنامج إفريقيا بمعهد الشؤون الملكية البريطاني تشاتام هاوس: “في الوقت الحالي يتمثل الضوء المشرق للمدنيين السودانيين في غرف لمواجهة الطوارىء يديرها الشباب وغيرهم من الذين يقدمون العون في الخطوط الأمامية والذين يضحون بأرواحهم لمساعدة مجتمعاتهم”.
وتضيف مارسدن في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس أن السودان يحتاج بصورة ملحة في الوقت نفسه إلى بديل للأطراف المتحاربة ومؤيديها، كيان مدني يعتمد عليه ويمثل الجميع على نطاق واسع، يضع رؤية للسلام، ويضغط لإنهاء الحرب ويقدم للمجتمع الدولي نقطة ارتباط بديلة.
ويوفر المؤتمر الأول لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية المعروفة اختصاراً بـ ” تقدم” الذي يعد أكبر تحالف للمجتمع المدني السوداني، والقوى السودانية الفاعلة، بصيص أمل.
مستقبل السودان
وتأسس تحالف “تقدم” في تشرين الأول 2023 وعقد مؤتمره التأسيسي في أديس آبابا في آواخر أيار الماضي، وشارك فيه نحو 600 شخص من كل ولايات السودان رغم القبض على بعض المدعويين في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع, ورغم تعرض تحالف “تقدم” للانتقاد لانفصاله عن نشطاء القواعد الشعبية سعى جاهداً ليصبح أكثر شمولاً.
فقد حضر المؤتمر مشاركون من 24 دولة، وعقد ممثلون للنساء والشباب مؤتمراتهم التمهيدية، وقدم آلاف السودانيين إسهاماتهم عبر الانترنت.
كذلك، شاركت بعض الفئات السياسية والعسكرية بصفة مراقبين، بما في ذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، وهي حركة مسلحة تسيطر على منطقة كبيرة في جبال النوبة، والنيل الأزرق.
كذلك، فإن مشاركة حزب المؤتمر الشعبي بصفة مراقب كان هدفها توضيح أن الإسلاميين الذين يدعمون الحكم المدني يمكنهم أيضا الانضمام إلى المعسكر المناهض للحرب.
وأقر المؤتمر رؤية سياسية لمستقبل السودان، حيث أكدت أن أكثر الأولويات إلحاحاً هي التوقف الفوري للقتال، وتكثيف الجهود لمواجهة الكارثة الإنسانية، ووضع آليات لحماية المدنيين وتمكينهم من العودة إلى ديارهم من خلال مهمة مراقبة على الأرض.
وتوضح مارسدن التي عملت ممثلة شخصية للاتحاد الأوروبي في السودان من 2010 إلى 2013 أنه من أجل تجنب التقسيم الفعلي للبلاد، من الضروري أيضا تعجيل الجهود للتوصل لحل سياسي بترسيخ حكم مدني ديمقراطي و المساواة في المواطنة دون تمييز على أساس الديانة أو الهوية أو الثقاقة.
وفي أعقاب مؤتمر تحالف “تقدم” أصبحت له قيادة برئاسة رئيس وزراء السودان السابق عبدالله حمدوك، وقاعدة سياسية وجغرافية واجتماعية أكثر تنوعاً، ما يمكنه من دور أكثر قوة لدعم التحالف في العواصم الدولية والإقليمية.
وتضيف مارسدن أن التحالف يحتاج إلى مواصلة توسيع نطاق الاصطفاف مع الآخرين في المعسكر المدني المناهض للحرب، وطرح أي خلافات سياسية أو أيديولوجية جانباً، وتعميق التواصل مع المجتمع المدني الشعبي الفاعل، بما في ذلك لجان المقاومة التي يقودها الشباب، والجماعات الحقوقية النسائية، والنقابات العمالية والمهنية، والجماعات السياسية الأخرى التي تريد إنهاء الحرب ودعم التحول الديمقراطي.
ولتحقيق ذلك، يسعى تحالف “تقدم” إلى تنظيم مائدة مستديرة لكل القوى الديمقراطية السودانية للإعداد لعملية سلام شاملة. وستحتاج هذه المائدة إلى تنسيق دقيق مع مبادرات السلام الأخرى.
وأشارت مارسدن إلى أن الطرفين المتحاربين سعيا إلى جر تحالف “تقدم” إلى صراع السودان.
وتعرض قادة التحالف إلى هجمات دائمة من القوات المسلحة السودانية باعتبارهم الجناح السياسي لقوات الردع السريع، كما تعرض التحالف للشيطنة من جانب رجال الدعاية الإسلاميين وأنصار نظام البشير الذين يرون أنه التهديد الرئيسي لطموحهم للعودة للسلطة.
وفي مؤتمر أديس أبابا، رد حمدوك على الاتهام للتحالف بالتحيز وأكد موقفه المحايد، وأدان بيان المؤتمر النهائي الجانبين بشدة بسبب انتهاكاتهما.
ولتواجه قيادة “تقدم” مثل هذه الانتقادات والتمتع بدعم أوسع نطاقا بين المدنيين ستحتاج إلى مساءلة الأطراف المتحاربة عن جرائمها. (24)