لماذا يشعر الرئيس الصيني بالقلق من التقارب بين كيم وبوتين؟

27 يونيو 2024
لماذا يشعر الرئيس الصيني بالقلق من التقارب بين كيم وبوتين؟


ذكرت صحيفة “Financial Times” البريطانية أن “وكالة أنباء شينخوا المملوكة للدولة في الصين أعلنت في مقال عن الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً إلى كوريا الشمالية،أن الرحلة لا بد أن “مست وتراً حساساً” في واشنطن. إنما ما أغفلته الدعاية الصينية بطبيعة الحال هو كيف أن لقاء بوتين مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي أبرم صفقة المساعدة الدفاعية المتبادلة، لا بد أن يكون قد أثار غضب عاصمة كبيرة أخرى: بكين”.

Advertisement

وبحسب الصحيفة، “كان الرئيس الصيني شي جين بينج يراقب بحذر منذ أشهر التقارب بين شريكين مهمين، وإن كانا صعبين، حيث تزود بيونغ يانغ موسكو بالذخيرة التي تحتاجها بشدة لغزو أوكرانيا في مقابل وعود بتكنولوجيا عسكرية أفضل. وعلناً، امتنعت الصين عن توجيه أي انتقاد، لكن علامات الانزعاج آخذة في الارتفاع. وفي نيسان، أرسل شي أكبر شخصية في الحزب الشيوعي الصيني لزيارة كوريا الشمالية منذ خمس سنوات لإعادة تأكيد “الصداقة العميقة” بين الجانبين”.
وتابعت الصحيفة، “يعتقد المحللون أن الصين تشعر بالقلق من أن علاقات كيم العميقة مع بوتين يمكن أن تزيد من إحساسه بالاستقلال عن بكين. وإذا اكتسب الرئيس الكوري الشمالي الجرأة، فقد ينخرط في المزيد من التجارب الصاروخية التي تهدد بزعزعة استقرار منطقة متوترة بالفعل، ولن تساعد زيارة بوتين الأخيرة في تهدئة هذه المخاوف. ووقع الزعيمان الروسي والكوري الشمالي على “معاهدة الشراكة الإستراتيجية الشاملة”، التي تتعهد بالمساعدة العسكرية الفورية وغيرها من المساعدات “بكل الوسائل المتاحة” في حالة وقوع هجوم”.
وأضافت الصحيفة، “قال شين دينجلي، أستاذ الدراسات الدولية الصيني، إن المشكلة بالنسبة للصين هي أن بكين وبيونغ يانغلديهما اتفاقية دفاع مشترك خاصة بهما في “معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة”، التي تم التوقيع عليها لأول مرة في عام 1961. وهذا يعني أنه إذا شعرت بيونغ يانغ بأنها ملزمة بموجب المعاهدة بالتورط في إحدى حروب روسيا، مثل غزو أوكرانيا، فإن أعداء موسكو يمكن أن يضربوا كوريا الشمالية. وهذا بدوره قد يؤدي إلى تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين بكين وبيونغ يانغ، مما يضع الصين في موقف محرج. وقال شين: “لقد وضعت كوريا الشمالية الصين دون داعٍ في موقف خطير للغاية”.
وبحسب الصحيفة، “لكن باحثين آخرين أكثر تفاؤلا، مشددين على أن المعاهدة بين الصين وكوريا الشمالية تم التوقيع عليها منذ عقود مضت، وأن تفسير بكين لها تطور. وقال رين شياو، الأستاذ في معهد الدراسات الدولية في جامعة فودان، إن الاتفاق بالنسبة للصين “لا يعني المشاركة العسكرية التلقائية في أي صراع في شبه الجزيرة الكورية”. وكانت العلاقات الثنائية بين الصين وكوريا الشمالية متوترة منذ فترة طويلة، مما دفع بعض المحللين في الماضي إلى وصفهما بأنهما “حليفان مريران”. وتقوم بيونغ يانغ بانتظام باستفزازات عسكرية ضد جيرانها، مما يثير استياء بكين بسبب زعزعة الاستقرار الإقليمي. وربما كانت لغة المعاهدة الروسية الكورية الشمالية غامضة بما يكفي لمنح الجانبين حرية التصرف.خلال الحقبة السوفيتية، كان لدى البلدين أيضًا اتفاقية دفاع مشترك، لكن لم يتم تفعيلها أبدًا على الرغم من العديد من الاشتباكات ذات الصلة، وانتهت في النهاية”.
وتابعت الصحيفة، “قال يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث في واشنطن: “التحذير هو ما يمكن أن يشكل مساعدة. لذلك يبدو أنهم تركوا هذا الأمر ضبابيًا جدًا”. كل هذا يترك سؤالا حول الأسباب التي قد تجعل كيم وبوتين، الذي أصبح أكثر اعتمادا على شي أكثر من أي وقت مضى، يخاطران بإزعاج شريكهما القوي. وأشار شين إلى أنهما قد يشعران بأن الصين لم تساعدهما بما فيه الكفاية، فبوتين يريد من الصين أكثر من مجرد التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج لمساعدته في حربه في أوكرانيا، ويريد من بكين شراء المزيد من الغاز الروسي. ومن جانبه، قد يعتقد كيم أن بكين لا تقدم لنظامه الدعم الكافي ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وعندما تحدث زعماء الصين واليابان وكوريا الجنوبية عن نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية في قمة ثلاثية الشهر الماضي، نددت بيونغ يانغ بالمناقشة ووصفتها بأنها “استفزاز سياسي خطير”. كما وصف كيم روسيا بأنها “أصدق صديق” لكوريا الشمالية خلال زيارة بوتين الأخيرة،وهو انتقاد ضمني للصين يعكس مهارة بيونغ يانغ في التفوق على بكين وموسكو خلال الحرب الباردة. وكان كلا الزعيمين حريصين على إثبات أن لديهما أصدقاء أكثر من مجرد بكين”.
وأضافت الصحيفة، “قليلون يتوقعون أي احتجاجات واضحة من بكين، ولا تزال تريد الابتعاد عن نوع من الترتيب الاستراتيجي الثلاثي مع الدولتين المارقتين. وفي إشارة إلى الإحباط الذي تشعر به بكين، رفضت وكالة أنباء شينخوا المساهمة التجارية المحتملة لكوريا الشمالية مع روسيا. وكتبت أن كوريا الشمالية “لا تستطيع تقديم قوة دافعة بارزة لروسيا للخروج من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها على المدى القصير”. وبالنسبة لشي، الذي يتباهى بعلاقته الشخصية مع بوتين، فإن هذا الحدث بمثابة تذكير بأن الصداقة لا تشكل أهمية كبيرة في فن الحكم، حتى في الشراكة “بلا حدود” مثل تلك التي تدعي الصين أنها تقيمها مع روسيا”.