ذكرت مجلة “Foreign Policy” الأميركية أنه “إذا فقدت أوكرانيا وداعميها الغربيين عزمهم، فقد تواجه أوروبا سيناريو إخضاع روسيا بقية أوكرانيا، وتثبيت نظام عميل لها، ودمج معظم أو كل البلاد تدريجياً في إمبراطورية روسية جديدة. وعلى المدى الطويل، سيكون هذا انتصاراً باهظ الثمن لموسكو. ولكن، عاجلاً أم آجلاً، سوف تواجه روسيا انهيار الدولة الثالثة في غضون ما يزيد قليلاً عن قرن من الزمان”.
وبحسب المجلة فإن “انتصار روسيا وانهيار الدولة الأوكرانية من شأنه أن يخلّف عواقب وخيمة للغاية على أوروبا أيضاً. بداية، يمكننا أن نتوقع عشرات الملايين من اللاجئين الجدد. في الواقع، في الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا أصبح عدد السكان الآن جزءًا صغيرًا مما كان عليه من قبل. وإذا استمرت الغزوات الروسية بتحقيق النسبة عينها، فستكون أوروبا أمام معضلة وهي استضافة 10 ملايين إلى 15 مليون لاجئ، بالإضافة إلى ما يزيد قليلاً عن 4 ملايين لاجئ تستضيفهم القارة بالفعل”.
وتابعت المجلة: “إن النصر الروسي من شأنه أن يحوّل السياسة الأوروبية في عدة جوانب. إن أفكار التسوية مع روسيا الجديدة ستكون غير واقعية على الإطلاق. وستعمل الحكومة الأوكرانية في المنفى من وارسو أو من مكان آخر في أوروبا الوسطى. وسوف تحتاج نفقات الدفاع، التي من المقرر أن تصل إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في بولندا هذا العام و2% على الأقل في معظم أنحاء الناتو، إلى الضعف مرة أخرى من أجل ردع التهديدات بشكل موثوق من النظام الروسي اليائس بشكل متزايد”.
ورأت المجلة أن “صراعات جديدة قد تلوح في الأفق. في الحقيقة، كانت فنلندا، وبولندا، ودول البلطيق تُحكم ذات يوم من موسكو. إلا أنه قد تكون استعادة الإمبراطورية خارج أوكرانيا احتمالاً غير واقعي بالنسبة لنظام مثقل بالأعباء، ولكن من يجرؤ على اعتبار ذلك أمراً مسلماً به في هلسنكي، أو ريجا، أو وارسو؟ لقد بات من المؤكد أن عصراً جديداً من المواجهة الأوروبية قد بدأ. يشن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه لإخضاع أوكرانيا وإعادة التوازن إلى النظام العالمي بعيدًا عن الغرب وما يعتبره هيمنة الولايات المتحدة. بالنسبة لهدفه الأول، فهو يحظى بدعم صيني فاتر، ولكن بالنسبة للهدف الثاني، لديه حليف قوي في بكين، التي ترى بنفس القدر أن أي إضعاف غربي هو بمثابة دعم لموقفها”.
وتابعت المجلة: “قال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أمام الكونغرس الأميركي في نيسان إن أوكرانيا اليوم قد تصبح شرق آسيا غداً. وكما هو الحال مع سقوط سايجون وسقوط كابول، فإن النصر الروسي في أوكرانيا سوف يُنظر إليه في كل أنحاء العالم باعتباره علامة أكثر أهمية على تراجع قوة الولايات المتحدة. وفي الواقع، لا بد أن تزداد شهية المغامرة لدى العديد من الجهات الفاعلة. إن العواقب المترتبة على السماح لروسيا بالانتصار في أوكرانيا سوف تكون كارثية بالنسبة للأوكرانيين، وخطيرة للغاية بالنسبة لأمن أوروبا، ومزعزعة بشدة لاستقرار بقية العالم”.
وختمت المجلة: “في النهاية، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انهيار روسيا نفسها، وهو ما من شأنه أن يقدم لأوروبا مجموعة كاملة أخرى من العواقب التي يتعين عليها الاستعداد لها”.