ارتفعت أصوات في الحزب الديمقراطي الأميركي تطالب الرئيس، جو بايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي بعد أدائه الذي وصف بـ”الكارثي” خلال المناظرة التي جمعته مع منافسه مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي.
وكان النائب من تكساس، لويد دوجيت، أول ديمقراطي في الكونغرس يدعو بايدن إلى الانسحاب من السباق، قبل أن يحذو حذوه، الأربعاء، النائب راؤول غريجالفا.
وقال دوجيت في بيان إن على بايدن أن “يتخذ القرار المؤلم والصعب بالانسحاب”.
وكشف أن قراره بإعلان هذه “التحفظات القوية علنا لم يتم باستخفاف، ولا يقلل بأي حال من الأحوال من احترامه لكل ما حققه الرئيس بايدن.
من جانبه، قال غريجالفا، وهو ليبرالي يمثل منطقة في جنوب أريزونا على طول الحدود مع المكسيك، لصحيفة نيويورك تايمز “إذا كان هو المرشح، فسوف أدعمه، لكنني أعتقد أن هذه فرصة للبحث في مكان آخر”.
وتابع “ما يحتاجه بايدن هو تحمل مسؤولية الاحتفاظ بهذا المقعد وجزء من هذه المسؤولية هو الخروج من هذا السباق”.
وكاد السيناتور، جو مانشين، أن يكون الاسم الأثقل في قائمة المطالبين بانسحاب بايدن، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
وبحسب ما ورد، كان من المقرر أن يعلن مانشين، الذي أعاد تسجيل نفسه مؤخرًا من ديمقراطي إلى مستقل، تركه دعم بايدن، لكن مقربين من الرئيس أقنعوه بالعدول عن ذلك.
ذعر
تسبب أداء بايدن “الضعيف” وفق وصف العديد من وسائل الإعلام الأميركية، في حالة من الذعر حتى بين أكثر مؤيديه حماسة، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان السياسي البالغ من العمر 81 عاما هو أقوى مرشح ديمقراطي لمواجهة ترامب، وما إذا كان يمكن أن يتنحى عن الترشح، بعدما ثبت أن أصواتا تتساءل حول قدرته على مواصلة السباق.
والأربعاء، نقلت وكالة بلومبرغ، عن مسؤول كبير في الحزب الديمقراطي، قوله، إن عشرات من المشرعين الديمقراطيين يفكرون في التوقيع على رسالة تطالب بايدن بالانسحاب من السباق، مع تصاعد الذعر من أنه سيكلفهم السيطرة على الكونغرس.
وقالت الوكالة إن بايدن “يخسر بسرعة دعم المشرعين والمرشحين الديمقراطيين الذين يخشون أن يؤدي استمرار ترشيح الرئيس الحالي البالغ من العمر 81 عامًا إلى اكتساح الجمهوريين لواشنطن”.
وقلت وكالة رويترز عن سبع مصادر من الحملة الانتخابية لبايدن ومن البيت الأبيض واللجنة الوطنية الديمقراطية، إن كاملا هاريس نائبة الرئيس “هي البديل الأول لبايدن في سباق الرئاسة إذا قرر عدم الاستمرار”.
ورفض مساعدو هاريس أي حديث عن بطاقة للحزب الديمقراطي لا تشمل كلا من بايدن وهاريس.
وجاء في بيان صادر عن مكتبها أن “نائبة الرئيس هاريس تتطلع إلى ولاية ثانية مع الرئيس جو بايدن”.
وفي ظلّ تزايد الضغوط على بايدن، أكّد البيت الأبيض أن الرئيس لا يعتزم “أبدًا” الانسحاب من الانتخابات الرئاسية بل هو “ماضٍ قدمًا” في حملته.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار لصحفيين لدى سؤالها عن احتمال انسحاب المرشح الديموقراطي: “أبدا أبدا”. وأكدت أنه “ماضٍ قدما” في حملته الانتخابية، مضيفة “يركّز الرئيس على كيفية مواصلة هذا العمل. وكل أمر آخر نسمعه أو يُقال، كاذب تمامًا”.
من جانبه، تعهد بايدن، بالبقاء في السباق وسعى إلى طمأنة كبار النواب الديمقراطيين في الكونغرس بأنه لائق للترشح لفترة جديدة وفق وكالة رويترز.
وتحدث بايدن خلال مكالمة مع أعضاء فريق حملته القلقين وأخبرهم بأنه مستمر في مسعاه الرئاسي، وفق مصدرين على دراية بتفاصيل المكالمة، تؤكد الوكلة.
وقال أحد المصادر إن بايدن قال “سأترشح”، مضيفا أنه لا يزال زعيما للحزب الديمقراطي.
في تعليقه عى ذلك، قال المحلل السياسي الأميركي، القريب من الحزب الديمقراطي، إيريك هام، إن ” بايدن لن يتنحى”.
هام أكد لموقع “الحرة” أن الرئيس يمتلك القدرة على مواصلة السباق، وقال “أؤكد أنه سيستمر، ولن يتوقف بسبب بعض المطالبات هنا وهناك”.
وتابع “هل يرى المطالبون بتنحّيه شخصا آخر بثقله يمكنه أن يحقق الفوز في نوفمبر؟”، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
هام مضى مؤكدا أنه لو كان مرشح آخر في السباق الآن لما استطاعت الحملة الديمقراطية من جمع مبالغ مالية كبيرة لمواجهة مرشح الحزب الجمهوري.
وقالت حملة بايدن، الثلاثاء، إنها وحلفاءها الديمقراطيين جمعوا 264 مليون دولار في الربع الثاني من العام بما يشمل 127 مليون دولار في يونيو وتبرعات قياسية “على المستوى الشعبي” في يوم المناظرة بين بايدن وترامب.
وذكرت الحملة أن جهود إعادة انتخاب الرئيس الديمقراطي لديها حاليا 240 مليون دولار نقدا.
وجمع ترامب تبرعات كبيرة أيضا إذ قالت حملته واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري الشهر الماضي إنهما جمعا 141 مليون دولار في مايو، وهو مبلغ يقترب من ضعف ما تم جمعه الشهر السابق بفضل سيل من الدعم بعد إدانته في محاكمة تتعلق بدفعه أموالا لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية.
وفيما يخص حملة بايدن، قالت جولي تشافيز رودريغز، مديرة الحملة في بيان “جمع التبرعات في الربع الثاني من العام شهادة على القاعدة المخلصة والمتنامية من المؤيدين الذين يقفون بثبات خلف الرئيس ونائبته ودليل واضح على أن ناخبينا يدركون أن الاختيار في هذه الانتخابات بين الرئيس بايدن الذي يكافح من أجل الشعب الأميركي وبين ترامب الذي يناضل من أجل نفسه”.
“خيار صعب”
يرى المحلل الأميركي، باولو فان شيراك، أن “هذه الأموال هي من ستضع مؤيدي بايدن أمام الخيار الصعب، في مواجهة التساؤلات حول قدراته”.
وفي مقابلة مع موقع “الحرة”، شدد شيراك على أن جمع هذه المبالغ الكبيرة لدعم بايدن هي التي قد تغذي أكثر التساؤلات حول استطاعته المواصلة وبالتالي دعم مسعى انسحابه.
وقال “لا أعتقد أن المانحين لديهم نفس الفكرة مثل المؤيدين العاديين، لأن المانح لا يريد المجازفة بل يريد دعم مرشح يفوز في نهاية السباق”.
وأضاف “على كل يصعب الجزم بأنه سينسحب أم سيواصل لأن هذا أمر يتعلق به شخصيا وبمقربيه”، ثم تابع “كل شيء يمكن أن يتغير بين يوم وليلة، هناك معطيات ستظهر حتما خلال الأيام المقبلة”.
ورغم عدم تأكيده بأن بايدن سيذعن للأصوات المطالبة بتنحيه، قال فان شيراك إن هناك ما يدعو للنظر في هذه الفرضية على اعتبار أنه (بايدن) ظهر بوجه باهت خلال المناظرة الأخيرة، وقبل ذلك في عدة مناسبات. وقال “لقد بدا بايدن شارد الذهن في عدة مناسبات، كيف يمكن التصديق بأنه على مايرام”.
فان شيراك عاد مجددا ليؤكد أن هذه الوضعية مستجدة في المشهد السياسي الأميركي، وقال “يصعب التكهن بقرار الرجل، لكن يمكن التنبؤ بأن الأصوات المطالبة بانسحابه لن تسكت قريبا”.
من البديل؟
يذكر أن بايدن نفسه اعترف بأن المناظرة لم تسر على ما يرام بالنسبة له، لكنه أصر على أنه مستعد للعمل من أجل ولاية ثانية كرئيس.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير عندما سُئلت، الثلاثاء، عن المخاوف المتزايدة بين الديمقراطيين، إن الإدارة الأميركية تحترم آراء وأفكار أعضاء الحزب المعنيين، مضيفة “هذا ما يجعل هذا الحزب مختلفًا عن الجانب الآخر”، في إشارة إلى الحزب الجمهوري.
تعليقا على ذلك، رجح فان شيراك أن تتم مناقشة فكرة الانسحاب بين بايدن ومقربيه، لكنه لم يؤكد في المقابل أن القرار سيكون الانسحاب، رغم تذكيره بالاستطلاع الذي نشرته وكالة رويترز والذي أظهر تنامي الشك في قدرة بايدن على المواضلة.
وأظهر استطلاع لرويترز/أبسوس انتهى، الثلاثاء، أن واحدا من بين كل ثلاثة ناخبين ديمقراطيين يرى أنه يتعين على بايدن الانسحاب من انتخابات الرئاسة، وذلك بعد أدائه في المناظرة.
وخلُص الاستطلاع الذي أجري على مدى يومين إلى أن ترامب (78 عاما) وبايدن (81 عاما) يحتفظان بدعم 40 بالمئة من الناخبين المسجلين، مما يشير إلى أن بايدن لم يفقد شعبيته بعد المناظرة.
ومن المقرر إجراء الانتخابات في الخامس من نوفمبر المقبل.
وفي حين يشكك إيريك هام في أن يكون هناك اسم آخر في الحزب الديمقراطي بوزن بايدن لمواجهة ترامب، طرح استطلاع رويترز أسماء بينها زوجة الرئيس السابق، باراك أوباما التي تنتمي لنفس الحزب.
ومن بين أسماء كبار الديمقراطيين التي طرحها الاستطلاع على المشاركين فيه، لم يتفوق على بايدن سوى ميشيل أوباما، التي تقدمت على ترامب بنسبة 50 بالمئة إلى 39 بالمئة في انتخابات افتراضية.
وذكرت ميشيل أوباما عدة مرات أنها لا تنوي الترشح للرئاسة.