صدارة بلا أغلبية.. هل تنتهي الانتخابات الفرنسية بـحكومة التعايش؟

6 يوليو 2024
صدارة بلا أغلبية.. هل تنتهي الانتخابات الفرنسية بـحكومة التعايش؟


حملة انتخابية حافلة بالمستجدات تشهدها فرنسا منذ فوز التجمع الوطني اليميني المتطرف بغالبية الأصوات بالتوالي، سواء في الانتخابات الأوروبية أو الجولة الأولى للانتخابات النيابية المبكرة. فقد شهدت الأسابيع الثلاثة الماضية ولادة تحالفات بين أعداء الأمس وانشقاق ما تبقى من حزب اليمين الديغولي وسط حملة عنيفة على الصعيدين الأخلاقي واللفظي والجسدي، إذ بلغ عدد الاعتداءات على المرشحين أو المساعدين لهم 55 حالة تعد في سابقة تعكس احتقان الأجواء.

تحالفات الأيام الأخيرة والتراجع عن الترشح في حال الوصول إلى المرتبة الثالثة قلبا المعادلات بصورة نسبية، إذ بلغ عدد التنازلات 221 وفق إحصاء صحيفة “لوموند”، مما خفض عدد الأضلاع الثلاثية بنسبة واضحة من 320 مرشحاً مؤهلاً لـ92.

ويرجح آخر استطلاعات الرأي “أودوكسا” الذي أجرته قناة “بابليك سينا” أن حزب مارين لوبن قد يفوز بـ210 إلى 250 مقعداً، أي بناقص 55 عن الاستطلاعات السابقة (ما بين 265-305)، مما يعني أنه ابتعد عن الغالبية المطلقة.

بدوره تحالف اليسار حسب الاستطلاع 10 مقاعد، مما يعني أن حظوظه ستكون عند 140 إلى 189 مقعداً، و115 إلى 155 للغالبية الرئاسية. والتحالفات لقطع الطريق على أقصى اليمين لم تعكس حركة متساوية بالاتجاهين، بل كشفت عن الحذر والترقب بين أطراف تحالف اليسار والشخصية الجدلية التي يمثلها جان لوك ميلينشون حين أعلن أنه يطلب مباشرة من نوابه الانسحاب من كل الدوائر التي يكون فيها في المرتبة الثالثة.

لم تكن الدعوة مماثلة من قبل الحزب الاشتراكي، فيما أعلن التكتل الرئاسي “معاً” أنه يعارض أي تحالف في الحكم مع ميلينشون عبر مقولة “التنازل لا يعني التحالف”، كما صرح أتال، وأكد ماكرون وزعيم الوسط الديمقراطي فرنسوا بايرو.

وبعد التنازلات وبهدف تأكيد عدم حصول زعيم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا على الغالبية المطلقة ارتأت ممثلة حزب الخضر ماري توندولييه ابتكار طريق حكم مستحدثة لم يجر اختبارها عبر تأسيس تحالف جمهوري واسع يضم اليسار والائتلاف الرئاسي واليمين التقليدي. وهو تحالف بدا وكأنه ينافس التحالف اليساري مما عارضه ميلينشون. ورأت صحيفة “لو بوان” أن ميلينشون لا يناسبه عودة الروح إلى الحزب الاشتراكي، فقد كان شارف على الانقراض واستعاد بعض ألوانه في الانتخابات الأخيرة. 

من جهة أخرى بدا اليسار مشتتاً ومتناقضاً وغير قادر على الاتفاق حول اسم رئيس حكومة في حال الفوز فيما بدا حزب التجمع الوطني منكباً على الاهتمام بشؤونه والبحث عن تشكيلة حكومته، كون اسم رئيسها معروفاً، وتجسيد المنصب بشخص بارديلا ربما لعب دوره في جذب الفئة التي سئمت الانقسام وتراءى لها أن الشاب الوسيم يملك مفتاح جميع المشكلات الاقتصادية. من هنا كان رأي عديد من هذه الفئة أنه “لم نختبر أقصى اليمين فهو يستحق أن نعطيه الفرصة”.

وبحسب صحيفة “لوموند” في آخر جلستين لمجلس الوزراء في الـ26 من حزيران الماضي والثالث من تموز الجاري صدقت الحكومة على مراسيم سلسلة تعيينات في مناصب إدارية وأوروبية وسفراء وعميد أكاديمية، إذ عين الحاكم العسكري لمدينة باريس وقائد الأركان للقوات الجوية ورئيس دائرة أوروبا في وزارة الخارجية وثلاثة سفراء وعميد أكاديمي، علماً أن هناك فترة ثلاثة أسابيع بين التعيينات وصدور المرسوم ليصبح التعيين نافذاً.

ما اعتبرته مارين لوبن يعارض إرادة الشعب ودليل ضعف كونه يتهيأ لمساكنة مع أقصى اليمين، ووصفها رئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي الذي انضم إلى جوردان بارديلا بأنها دليل انكسار، لكن الإليزيه ذكر بالمادة 13 من الدستور التي تعطي الرئيس صلاحية التعيينات في المناصب الإدارية العليا، مشيراً إلى أن “الرئيس أراد أن تعكس التعيينات على رأس الدوائر الإدارية إرادتنا، أي تسريع الإصلاحات بصورة يشعر بها المواطنون بصورة ملموسة”.

يذكر أن المادة 13 تعطي الرئيس صلاحية تعيين المستشار الأعلى لجوقة الشرف ممثلين في السفراء والمبعوثين الاستثنائيين وفي الوظائف المدنية والعسكرية والمستشارين وكبار موظفي دائرة المحاسبة والولاة وممثلي الحكومة في المناطق وأراضي ما خلف البحار والضباط العامين وعمداء الأكاديميات ومديري الدوائر الإدارية المركزية، وكلهم يعينون خلال جلسة مجلس الوزراء. 

وفي حال التعايش يكون ثلثا التعيينات للحكومة وثلث للرئيس، كما أن الرئيس ورئيس حكومته يتشاوران في التعيينات، لكن يمكن للرئيس الامتناع عن التوقيع، وهذا سبق أن حصل بين ميتران وشيراك، كما أن الأمر يبقى رهن هيبة رئيس الحكومة وحصوله على التأييد. في المقابل يمكن للرئيس معارضة تعيين شخص ما في وزارة لأجل التعطيل والمقاومة.(إندبندنت عربية)