قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إنَّ “التغييرات في ساحة المعركة” بقطاع غزة، حفزت إحياء محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بعد أسابيع بدت فيها المفاوضات متوقفة تماماً.
ووافق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، على إرسال وفد لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حماس غداة إعلان الحركة أنّها تبادلت مع الوسطاء “أفكاراً” جديدة لإنهاء الحرب.
والجمعة، أجرى رئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد برنيع، محادثات في الدوحة مع الوسطاء القطريين تناولت خطة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإنّ هذا التحول خلق فرصة لكلا الجانبين، حيث أصبح المدنيون في إسرائيل وغزة يشعرون بالإحباط بشكل متزايد إزاء الافتقار إلى التقدم في المفاوضات، مع تزايد الضغوط الدولية، كما “بات الجيش الإسرائيلي ومسلحو حماس منهكين ويبحثان عن إعادة تجميع صفوفهما لخوض معارك مستقبلية”.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس جهاز المخابرات (الموساد) عاد من الدوحة بعد اجتماع مبدئي مع الوسطاء، وإن المفاوضات ستستأنف الأسبوع المقبل.
وأضاف مكتب نتنياهو في بيان أنه لا تزال هناك فجوات بين الجانبين، وفقا لما أوردته وكالة “رويترز”.
وخلال الأشهر الماضية، فشلت جهود تبذلها قطر ومصر، وتدعمها الولايات المتحدة، في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، اللتين تتهمان بعضهما بالتسبب في هذا الجمود.
وكانت حماس تقول إن أي اتفاق يجب أن ينص على إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بينما تقول إسرائيل إنها لن تقبل سوى بوقف مؤقت للقتال لحين القضاء على حماس التي تحكم غزة منذ عام 2007.
“تغيرت الظروف”
ولكن بالنسبة لكلا الجانبين، “تغيرت الظروف”، وفق “وول ستريت جورنال”، والتي نقلت عن النائب الإسرائيلي السابق والمحلل العسكري في معهد دراسات الأمن القومي، عوفر شيلح، قوله إن “الوقت يمر، وكل الأطراف تدرك أن الوقت لا يعمل لصالحها، وخاصة الجانب الإسرائيلي”.
وبالنسبة لإسرائيل، أدى التحول في حسابات ساحة المعركة إلى استنتاج المحللين أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي تضم الجيش والموساد وجهاز الأمن الداخلي “الشاباك”، تدفع الآن الحكومة إلى التوصل إلى اتفاق، حسب الصحيفة.
ومن المقرر أن تستكمل إسرائيل قريباً عمليتها العسكرية في رفح، التي وصفتها بأنها آخر معقل لحماس وجزء من طريق تهريب سمح للأسلحة بالاستمرار في التدفق إلى جنوب غزة، على ما أفادت “وول ستريت جورنال”.
وقالت إسرائيل إن جيشها سينتقل إلى عمليات عسكرية أقل كثافة، والتي تتألف من غارات تستند إلى معلومات استخباراتية، في المناطق التي تحاول فيها الجماعات المسلحة إعادة تجميع صفوفها.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فمع إعلان انتهاء العمليات الكبرى في غزة، وتزايد قلق الجيش إزاء تصعيد الصراع المحتدم مع حزب الله اللبناني على الحدود الشمالية لإسرائيل، فقد تكون اللحظة قد حانت لإبرام صفقة.
لهذا، قال شيلح: “المؤسسة الأمنية الإسرائيلية توصلت إلى إدراك مفاده أن الإنجازات المحتملة لاستمرار القتال في غزة ضئيلة، بل وربما سلبية. ولهذا السبب، فإن صفقة الرهائن (…) تشكل وسيلة لإنهاء القتال”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول مطلع على المفاوضات قوله إن مسؤولين في الموساد أبلغوا الدول التي تتوسط في المحادثات أنهم متفائلون بأن مجلس الوزراء الإسرائيلي سيقبل الاقتراح الأخير.
كذلك، قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لذات الصحيفة إن الاقتراحات الجديدة من حماس، تشير إلى استعدادها للتسوية، مما أدى إلى “اختراق في طريق مسدود حرج”.
والسبت، نقلت وكالة “رويترز”، عن مصدر كبير في حماس، قوله إن الحركة قبلت مقترحاً أميركياً لبدء محادثات بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، بما في ذلك الجنود والرجال، خلال 16 يوماً بعد المرحلة الأولى من الاتفاق.
وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم ذكر هويته نظراً لسرية المحادثات، أن الحركة وافقت على التخلي عن مطلب التزام إسرائيل أولا بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق، وستسمح بتحقيق ذلك عبر المفاوضات خلال مرحلة أولى تستمر ستة أسابيع.
بدورها، نقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن التغيير الرئيسي كان تحول حماس عن المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي الكامل خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، وهي المرحلة التي تتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن خلال وقف إطلاق النار المقترح لمدة 6 أسابيع.
ويرى رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، آموس يادلين، أن الولايات المتحدة تمارس الآن ضغوطا كبيرة على حماس من خلال قطر ومصر للتوصل إلى اتفاق.
وأضاف أن الضغط العسكري الإسرائيلي على الأرض، وخاصة السيطرة على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر والتي يبلغ طولها حوالي 9 أميال، والمعروفة باسم ممر فيلادلفيا، ساعد أيضا في دفع الجماعة المسلحة إلى طاولة المفاوضات.
ومن المقرر أن يشمل الاتفاق بين إسرائيل وحماس خلال المرحلتين الأوليتين، الإفراج التدريجي عن الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
وستتضمن المرحلة الثالثة، إعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب، وإعادة رفات الرهائن الذين لقوا حتفهم.
“خلافات كبيرة”
ومع ذلك، تقف “خلافات كبيرة”، في طريق التوصل إلى اتفاق، خاصة بشأن مدة وقف إطلاق النار، وفق “وول ستريت جورنال”.
ومن بين نقاط الخلاف الحالية، وفقا لشخص مطلع على المفاوضات، تحدث، الجمعة، لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية والضمانات المكتوبة من قبل الولايات المتحدة وقطر ومصر بأن الجانبين سوف يلتزمان بالاتفاق.
وقال موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين إن مطالبة حماس بالتزامات مكتوبة من الولايات المتحدة ومصر وقطر تشكل ثغرة رئيسية قبل أن يتمكن الوسطاء من القدوم إلى طاولة المفاوضات والبدء في مناقشة تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار لـ”أكسيوس”، إن الفجوة المتبقية بين الطرفين تتركز حول المادة 14 في الاقتراح، والمتعلقة بمدة المفاوضات التي من المفترض أن تبدأها حماس وإسرائيل خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، من أجل التوافق حول شروط المرحلة الثانية.
وبحسب المادة 14، فإنّ الولايات المتحدة وقطر ومصر “ستبذل كل جهد ممكن” لضمان انتهاء هذه المفاوضات إلى اتفاق واستمرار وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات”، على ما أفاد “أكسيوس”.
وفي الرد الذي قدمته حماس لإسرائيل، الأسبوع الماضي، طالبت الحركة بحذف عبارة “بذل كل جهد ممكن” واستبدالها بكلمة “ضمان”.
وقال مسؤولون أميركيون لـ”أكسيوس” إن إدارة بايدن قدمت حلا وسطا وعرضت استخدام كلمة “تتعهد”، التي تعتبرها الإدارة أقل إلزاما من كلمة “ضمان” ولكنها أكثر إلزاما من “بذل كل جهد”.
في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون للموقع إنه إذا تضمن الاتفاق الالتزام المكتوب الذي تطالب به حماس، فإن الحركة سوف تكون قادرة على تمديد المفاوضات حول المرحلة الثانية إلى أجل غير مسمى.
وكان آخر اتفاق بين إسرائيل وحماس في تشرين الثاني الماضي، عندما أدى وقف إطلاق النار لمدة أسبوع إلى إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة اختطفوا في هجمات السابع من تشرين الأول التي قادتها حماس وأدت إلى اندلاع الحرب. (الحرة)