كل المؤشرات السياسية والتسريبات التي تُنقل عن الوفود الدبلوماسية التي تجول في لبنان والمنطقة، والوسطاء الذين لم يهدأ حراكهم على خطّ رئاسة الحكومة اللبنانية منذ اشتعال الجبهة الجنوبية، توحي باقتراب الوصول الى تسوية ووقف لاطلاق النار في قطاع غزّة بين “حركة حماس” وفصائل المقاومة الفلسطينية من جهة والعدوّ الاسرائيلي من جهة أخرى. لكنّ هذا الأمر لا يزال دونه العديد من العقبات.
من الواضح أن “حماس” قررت إحراج رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو والقبول بتسوية من دون أن تلتزم الحكومة الاسرائيلية بوقف إطلاق نار نهائي، إذ قامت المقاومة الفلسطينية بذلك مراهنةً على أمرين؛
الأمر الأول هو أن نتنياهو غير قادر على القبول بتسوية في هذه المرحلة، وبالتالي فإنّ إحراجه يقدّم انتصاراً بحدّ ذاته، ورفضه للتسوية على الرغم من قبول “حماس” بها سيضعه في مأزق دولي من جهة وإرباك على المستوى الشعبي في الشارع الاسرائيلي من جهة اخرى.
أما الأمر الثاني الذي تراهن عليه “حماس” فهو أنّه في حال موافقة نتنياهو على التسوية، فإنّ ذلك لن يؤدّي الى اندلاع حرب من جديد لأنّه فور وقف إطلاق النار، وإن كان مؤقتاً، ستتظهّر العديد من الاشكالات داخل قوات الاحتلال الاسرائيلية وفي داخل الحكومة وستترافق مع تظاهرات في إسرائيل ستؤدي الى زعزعة الوضع بشكل كامل ما سيجعل الجانب السياسي الاسرائيلي عاجزاً عن اتخاذ قرار إشعال الحرب.
لذلك فإنّ الكرة اليوم في ملعب نتنياهو الذي قد يُوافق أو يرفض التسوية، لكنّ الأكيد، وبحسب المُعطيات، أن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة سيترافق مع وقف إطلاق نار أيضاً على الجبهة الجنوبية للبنان، وهذا أمر محسوم إذا تمّ البناء على الضغوط الاميركية الكبيرة على اسرائيل بهدف منعها من التصعيد والتوسيع على جبهة الشمال.
وأمام كل هذا المشهد ستكون المنطقة في حالة ترقّب دقيقة، فإمّا الوصول الى تسوية قد تمتدّ الى وقف الحرب غير المسبوقة في غزّة والمنطقة بشكل نهائي أو رفض نتنياهو للتسوية، وفي هذه الحالة قد ندخل مرحلة جديدة من التصعيد بوتيرة مرتفعة قد تجرّ المنطقة برمّتها الى اشتباك واسع وتكون الجبهة الجنوبية احدى أكبر الجبهات تأثراً بأي تطورات قد تحدث.