سماسرة الهجرة.. هل عجزت الدول عن مواجهتهم؟

13 يوليو 2024
سماسرة الهجرة.. هل عجزت الدول عن مواجهتهم؟

ثمة مشهد عالمي يبدو أن تصاعد أزمة الهجرة غير النظامية أحد أهم مظاهره.

فرغم خطورة رحلات الهجرة غير النظامية براً وبحراً، والتي باتت تشكل تجارة رائجة تقدر بمئات الملايين من الدولارات يستفيد منها سماسرة تهريب البشر، يقرر الكثير من طالبي اللجوء غير النظاميين، استكمال هذه الرحلة متجاهلين ما قد يتعرضون له في مراكز التجميع بدول العبور أو خلال الرحلة والتي في كثير من الأحيان تنتهي بخسارتهم لأرواحهم.

فمن حادثة غرق الطفل السوري إيلان الكردي، وصورته التي صدمت العالم، إلى حوادث غرق عشرات القوارب في بحر المانش وقبالة سواحل اليونان وليبيا وإسبانيا، مرورًا إلى تقارير أثبتت حالات اعتداءات جنسية وجسدية بحق المئات أثناء عبورهم البر والبحر حتى الوصول، ولا يجد من يختار هذا الطريق سوى استكماله بهدف تحقيق هدفه في عيش كريم.

وقد بدأت ظاهرة الهجرة غير النظامية -التي برزت منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي- تشكل تهديدًا خطيرًا على دول المصدر والعبور والاستقبال، حيث أضحت تؤثر وتنعكس على سياسات هذه الدول نتيجة لفقدان القوة البشرية سواء بالهجرة أو الموت، وصولًا إلى توتر العلاقات السياسية بين هذه البلدان.

“فايننشال تايمز” البريطانية وصفت موافقة البرلمان على مشروع القانون المثير للجدل بأنها أحد أشنع التشريعات البريطانية في السنوات الأخيرة.

ورأت الصحيفة أن القضية لا تقتصر على أن هذه الخطة “غير إنسانية” فقط، بل باهظة التكاليف على المملكة وقد لا تحقق الهدف منها، مضيفة أن الوسائل القانونية التي لجأت إليها الحكومة لإبطال قرار المحكمة العليا تؤسس لسابقة ضارة بالديمقراطية في البلاد.

واعتبرت المحكمة العليا “خطة روندا” مخالفة للقانون الدولي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وبعد عامين من الشد والجذب، اعتمدت خطة ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني السابق في 22 نيسان 2024، لكن عند تولي كير ستارمر منصب رئيس الوزراء، ظهر أول يوم من ولايته ليعلن عدم استعداده لمواصلة العمل بتلك الخطة، وقال إن “خطة رواندا ماتت ودُفنت قبل أن تبدأ”.

وبالتزامن مع ذلك، أطلقت الداخلية البريطانية تحقيقا للتعرف على أحدث الطرق والتكتيكات التي يستخدمها المهربون لإدخال اللاجئين المملكة المتحدة.

وزيرة الداخلية في حكومة حزب العمال الجديدة إيفيت كوبر أعلنت عن الخطوات الأولى لإنشاء قيادة جديدة لأمن الحدود في المملكة المتحدة.

وكشفت كوبر أن الحكومة بدأت بإعداد تشريع مبكر لإنشاء قوة جديدة على غرار قوة مكافحة الإرهاب، والتي تستهدف الذين يسهمون بدخول عشرات الآلاف من الأشخاص إلى المملكة المتحدة في قوارب صغيرة كل عام، واصفة الخطوة بأنها ستشكل تغييرا رئيسيا في معالجة “جرائم الهجرة المنظمة”.

توجهت أنظار لندن نحو رواندا لامتلاكها تجارب مختلفة في هذا النوع من “الاستضافة” فوفقا لمرصد الهجرة التابع لجامعة أوكسفورد فإنه في الفترة بين عامي 2013 و2018، تم إرسال نحو 4 آلاف من طالبي اللجوء الإريتريين والإثيوبيين من إسرائيل إلى رواندا وأوغندا في إطار خطة “ترحيل طوعي” سرية.

كما تنخرط رواندا منذ 2019 في برنامج مع المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين والاتحاد الأفريقي لاستقبال اللاجئين وطالبي اللجوء الأفارقة المحتجزين في ليبيا ريثما تتم دراسة ملفاتهم والبحث في تسوية مناسبة لأوضاعهم، بجانب اتفاق مماثل مع الاتحاد الأوروبي يتوقع أن يشمل ما يزيد على 4 آلاف من هؤلاء بحلول عام 2026.

يوفر الاتفاق تدفقات مالية كبيرة ستصب في خزينة رواندا عبر صندوق مخصص لهذا الغرض، ووفقا لتقرير صادر في آذار الماضي عن مكتب التدقيق الوطني، فإن لندن ستدفع 120 مليون جنيه إسترليني بمجرد إعادة توطين 300 شخص، بجانب 20 ألف إسترليني لكل فرد يعاد توطينه في رواندا، كما ستغطي الداخلية البريطانية تكاليف معالجة اللجوء والتكاليف التشغيلية والتي تزيد على 150 ألف إسترليني لكل فرد يتم نقل

وبالاعتماد على أرقام الداخلية البريطانية التي تؤكد وصول 20 ألف مهاجر غير نظامي بين تموز وكانون الأول 2023، تذهب تقديرات أجراها معهد “آي بي بي آر” البريطاني إلى أن التكلفة الدقيقة لتطبيق هذه الخطة ستتفاوت في الإجمال بين 1.1 مليار إسترليني إن قام كل المرحلين بالمغادرة فور وصولهم إلى رواندا، و3.9 مليارات إن استقروا جميعا لمدة 5 سنوات على الأقل. (الجزيرة)