قصص مؤلمة من غزة.. حزنٌ كبير وشتاتٌ بين العائلات يُدمي القلوب!

13 يوليو 2024
قصص مؤلمة من غزة.. حزنٌ كبير وشتاتٌ بين العائلات يُدمي القلوب!

نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان: “قصص من حرب غزة… أشكال مختلفة من الألم”، وجاء فيه: 

 

“لم يبقَ من أسرة شقيقي أحمد سواه وابنيه محمد وكرم، إذ استشهدت زوجته وشقيقتها وباقي أبنائه وبناته”. هذا ما يقوله الشاب الفلسطيني سعدي السيقلي عن فاجعة شقيقه الذي يسكن في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، والذي لا يستطيع مساعدته حالياً بسبب تقسيم إسرائيل شمال القطاع عن جنوبه.

 

تعددت ملامح المعاناة منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 تشرين الأول الماضي، سواء بفقدان أفراد من العائلة أو جميعهم، أو باعتقال أشخاص أو بخسارة بيوت تحمّل تفاصيل وذكريات، أو بالنزوح على وقع القصف والمجازر الإسرائيلية المتتالية والمتصاعدة ضد المدنيين، والتي تسببت في سقوط آلاف القتلى والجرحى متفاوتة، ودمّرت ثلثي المباني والأبراج والبيوت السكنية.

يصف السيقلي لـ”العربي الجديد”، معاناته بأنها مركبّة، إذ بدأ النزوح منذ الشهر الأول للحرب رفقة زوجته وطفليه إلى مخيم البريج وسط غزة، وبعدها إلى عدة أماكن وصولاً إلى نصب خيمة وسط مدينة دير البلح في ظل ظروف إنسانية معقدة تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة.

 

وفي حديثه، يقول السيقلي: “أعيش أزمة حقيقية بسبب ابتعادي عن باقي أفراد عائلتي، وتخلّفي عن الوقوف إلى جانبهم في ظل الظروف القاسية التي يمرون بها. لم أتخيل في أسوأ كوابيسي أن يمر شقيقي في هذه الظروف من دون أن أستطيع مؤازرته. كنا جنباً إلى جنب في أبسط الأمور، ولم أتخيل أن تفصلني عن باقي أفراد عائلتي الحواجز والآليات العسكرية التي لا تتيح لي العودة بأي ظرف”.

 

ويتحدث عن أنه يتابع، مثل نازحين فلسطينيين آخرين، باهتمام مُجريات وأخبار صفقة تبادل الأسرى والهدنة المرتقبة بأمل العودة إلى ركام بيته ومعانقة أشقائه ومواساة شقيقه أحمد، ويقول: “كنت أفضل الموت داخل بيتي وبين أهلي على النزوح في شكل متكرر والذي فاقم معاناتنا”.

 

بدوره، يقول الستيني بشير عبد الرزاق لـ”العربي الجديد”: “نزحت من منطقة تل الهوا جنوبي مدينة غزة بعد تهديد مربع الكلية الجامعية، وتوجهت مع زوجتي وأبنائي وأحفادي إلى منزل عائلتي في حي النصر شمالي غربي المدينة. حصل نزوحي الأول في الأسبوع الثاني من الحرب بعد قصف البيت الملاصق لمنزلي والذي خلّف دماراً كبيراً، وأدى إلى استشهاد ابني عبد الحليم وعماد الدين وأحفادي فجر وباسل وليان ومنة ومهى، والذين تراوحت أعمارهم بين 3 و10 أعوام”.

 

وعن تفاصيل المجزرة التي ارتقى فيها نحو 22 شهيداً، من بينهم 7 من أفراد أسرته في حي النصر، يقول عبد الرزاق: “تعرّضت المنطقة في تلك الليلة الدامية لقصف متواصل وأحزمة نارية عنيفة استهدف المبنى المجاور لمنزلي فجراً، وأصيب جميع أفراد العائلة بجروح متفاوتة، فيما لم يُعرف مصير الشهداء سوى مع طلوع النهار بفعل الدمار الكبير، وعدم توفر الآليات المخصصة للحفر وإخراج المصابين وانتشال الشهداء من تحت الأنقاض”.

 

ويوضح: “لم أعرف مصير أبنائي وأحفادي إلا في اليوم التالي، وكان هول الصدمة أكبر من آلام الإصابة. وما زاد حزني أنني لم أستطع إقامة العزاء بالشهداء بسبب الأوضاع العامة، وأن باقي أشقائي نزحوا إلى المناطق الجنوبية منذ الأسبوع الأول للحرب، والتحقت بهم مع أفراد أسرتي بعد تماثلنا إلى الشفاء، وبدأت رحلة جديدة من المعاناة عنوانها النزوح والحرمان من أبسط مقومات الحياة”.

ويتوزع الألم والحزن في قطاع غزة بالتساوي، رغم اختلاف أشكال الخسارة والفقد، حيث انتقل الفلسطيني أحمد الشيخ خليل في اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلي إلى حي الشيخ رضوان شمالي غزة، بعد تهديد إسرائيل بتدميرها في الأيام الأولى للحرب قبل اجتياح المدينة.

 

ويقول الشيخ خليل لـ”العربي الجديد”: “أصيب منزلي بأضرار كبيرة في الليلة الأولى للإخلاء، وحين ذهبت لتفقده فوجئت بحجم الدمار في المنطقة، وجمعت بعض الملابس من شقتي المتضررة وعدت إلى منزل عائلة زوجتي، ثم شهد اليوم التالي أحزمة نارية (قصفاً متتالياً بعشرات الصواريخ) ساوت المنطقة بما فيها بيتنا بالأرض”.

 

وبعدما مكث ثلاثة أيام في منزل أنسابه نزح في شكل جماعي بعدما هدد الاحتلال الإسرائيلي السكان، وطالبهم بإخلاء مدينة غزة باعتبارها منطقة قتال خطيرة، والتوجه إلى الجنوب، يقول الشيخ خليل: “اضطررنا للنزوح برفقة أهل زوجتي إلى مخيم النصيرات ثم إلى مدينتي رفح ودير البلح بعد الاجتياح الإسرائيلي لرفح مطلع أيار الماضي”.

ويوضح الشيخ خليل مدى التكلفة الباهظة التي تكبدها منذ النزوح الأول بسبب ارتفاع أسعار النقل والمواصلات والإيجارات الجنونية، وأيضاً أسعار الأخشاب والنايلون، وهو أقام في خيمة برفح وأخرى في مدينة دير البلح، وتعرّض لأضرار بفعل الأحوال الجوية والتنقل المتواصل. 

 

ويلفت إلى أن “التكلفة المادية تزامنت مع إرهاق بدني ونفسي وتشرّد وعدم استقرار منذ عشرة أشهر وقد تعطّل عملي بعد تدمير برج الإيطالي في حي النصر، والذي يجاور متجري لبيع الإكسسوارات، كما تعطلت مختلف نواحي الحياة، وبات أطفالي يقفون في طوابير المساعدات والمياه بدلاً من الاصطفاف في طوابير المدارس”. (العربي الجديد)