كيف يتم تأمين الرؤساء الأميركيين من التهديدات؟ تقرير يكشف التفاصيل

14 يوليو 2024
كيف يتم تأمين الرؤساء الأميركيين من التهديدات؟ تقرير يكشف التفاصيل


عند حوالي الساعة السادسة من مساء السبت، صعد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى  المنصة في بتلر بولاية بنسلفانيا، ليلقي كلمة في تجمع انتخابي.

وبعد دقائق من بدء إلقاء كلمته لمؤيديه، سمعت طلقات نارية، وأمسك الرئيس الجمهوري السابق بأذنه اليمنى، التي سالت منها دماء، وأحاط به عملاء الخدمة السرية ودفعوا به على الأرض من أجل حمايته.

ورغم أن ترامب نجا من محالة اغتيال، فإن تعرض أمنه للخطر أثار تساؤلات بشأن كيفية تأمين رئيس سابق ومرشح رئيسي لانتخابات رئاسية.
ومع دخول الولايات المتحدة ذروة الموسم الانتخابي، من المتوقع أن يتم التركيز خلال الأسابيع والشهور المقبلة على مسألة تأمين الرؤساء السابقين، والثغرات الأمنية التي ربما حدثت في بنسلفانيا.

وأعلن جهاز الخدمة السرية في بيان، السبت، أن المشتبه به توماس ماثيو كروكس، 20 عاما، “أطلق النار مرات عدة من موقع مرتفع”. وذكرت تقارير أنه أطلق النار من على سطح مبنى، يبعد نحو 100 متر عن ترامب.

وأدى الاعتداء إلى إصابة ترامب في أذنه، بينما قتل شخص وأصيب اثنان آخران بجروح بالغة، وقتل كروكس بعدما أطلق عناصر الخدمة السرية النار عليه ليقضى على الفور، بعد ثوان من إطلاقه النار على منصة ترامب.

وقال مسؤولان أمنيان إنه تم العثور على بندقية نصف آلية من طراز AR-15 في حوزته على سطح المبنى.

ووصف رجل حضر التجمع اللحظة التي رأى فيها أحد الحاضرين يسقط ميتا بعد إطلاق النار عليه. وقال الرجل ويدعى جوزيف لـ”أن بي سي” إنه كان جالسا في المدرجات في أقصى يسار المنصة عندما سمع “عدة طلقات نارية”. 

وقال إنه رأى رجلا على بعد بضعة أمتار يسقط إلى أسفل المدرجات بعد إصابته برصاصة في الرأس.

وتظهر صور نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مكان منصة ترامب، وخلفه المدرجات التي جلس عليها من حضروا التجمع، بينما يبدو على يمينه المبنى الذي خرجت منه الرصاصات التي أصابت إحداها أذن الرئيس الجمهوري السابق.

وقال أحد المعلقين على شبكة “فوكس نيوز”، بينما كان يشير إلى خريطة توضح المكان، إن المبنى الذي ربض المتهم على سطحه كان قريبا من منصة ترامب.

والجهة المسؤولة عن تأمين الرؤساء الأميركيين الحاليين والسابقين هي جهاز الخدمة السرية الذي يخضع لإشراف وزير الأمن الداخلي.

ويقول الجهاز على موقعه إنه أحد أقدم وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية في البلاد، وقد تأسس عام 1865 بهدف مكافحة تزوير العملة الأميركية بعد الحرب الأهلية، قبل أن يبدأ في حماية الرؤساء عام 1901 بعد اغتيال الرئيس، ويليام ماكينلي، في نيويورك.

ومهمة الجهاز “تتمثل في الحماية والتحقيقات لضمان سلامة وأمن الأشخاص المحميين والمواقع الرئيسية والأحداث ذات الأهمية الوطنية”.

ويتولى الجهاز حماية الرئيس، ونائب الرئيس (أو أي مسؤول آخر يليه في ترتيب خلافة منصب الرئيس)، والأسر المباشرة للأفراد المذكورين، والرؤساء السابقين وزوجاتهم طوال حياتهم، وأطفال الرؤساء السابقين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما.

وحماية الرئيس ونائب الرئيس مسألة إلزامية وفق القانون، ويتولى حمايتهما أفراد من الجهاز بشكل دائم.

ولا يشمل تلك المهمة الحماية التقليدية فحسب، بل أيضا الحماية من تهديدات المجال الجوي والأنظمة الإلكترونية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

ويشير موقع News18 التابع لـ”سي أن أن” إلى أن الجهاز يحدد مستوى التدابير الأمنية “على أساس تقييمات الاستخبارات”.

ويستعين جهاز الخدمة السرية بالوكالات الفيدرالية، وتلك على مستوى الولايات والمحليات، لمساعدته على إنجاز مهماته. ويستعين الجهاز بانتظام بخبراء من وكالات أخرى لاستخدام أحدث تقنيات الأمن.

وتقوم الخدمة السرية، وشرطة العاصمة، وشرطة المتنزهات الأميركية بدوريات في الشوارع والمتنزهات القريبة من البيت الأبيض، مقر إقامة الرئيس الأميركي. 

وعندما يسافر الرئيس الأميركي إلى الخارج، تتطلب حمايته مجهودا ضخما، ويتولى جهاز الحماية الخاص به عملية تأمين معقدة للغاية، بالتعاون مع أجهزة الأمن في الدول الأخرى.

وفي عام 2000، تم تمرير قانون حماية التهديدات الرئاسية “الذي وسع نطاق سلطة جهاز الخدمة السرية في التحقيق بالتهديدات التي يتعرض لها الرؤساء الحاليون والسابقون، والمشاركة في التخطيط والتنسيق وتنفيذ العمليات الأمنية في الأحداث”.

وفي عام 2012، وقع الرئيس السابق، باراك أوباما، على قانون حماية الرؤساء السابقين الذي أعاد العمل بقانون سابق يوفر الحماية للرؤساء السابقين وعائلاتهم مدى الحياة، وليس فقط 10 سنوات التي استحدثها قانون صدر في عام 1994.

وتشير “سي بي سي” و”سي أن أن” إلى ما جاء في كتاب “في جهاز الخدمة السرية للرئيس” للكاتب رونالد كيسلر، الذي اعتمد على مقابلات حصرية مع أكثر من 100 عميل سابق وحالي في الجهاز.

وقال الكاتب إن الهدف من حماية الرؤساء السابقين أنهم “قد يظلون أهدافا محتملة للإرهابيين… وقد يتم احتجازهم رهائن على سبيل المثال”.

 

ويرافق الرؤساء السابقين 4 عملاء أثناء الخروج، مع ضمان الحماية المستمرة خلال المناوبات وأيام العطلات.

وقال كيسلر إنه عندما ترك جورج دبليو بوش منصبه، كان مستوى التهديد كبيرا لدرجة أنه كان يحيط به حوالي 75 ضابطا لحمايته هو وزوجته لورا على مدار الساعة.

ورغم أن إجراءات الأمن قد تكون أقل كثافة بمجرد مغادرة الرئيس منصبه، إلا أن هناك عمليات تفتيش متقدمة للمناطق العامة التي يزورها الرؤساء السابقون.

وقال كيسلر: “إذا كان سيذهب إلى مطعم، فسوف يذهب العملاء إلى هناك أولا ويتحققون من الموظفين ويتحققون من خلفياتهم لمعرفة ما إذا كان أي منهم قد أدين بأي عمل عنيف. ولنقل إنهم ذاهبون إلى مؤتمر أو شيء من هذا القبيل، فسوف يتحققون بالتأكيد من قاعة المؤتمر. وسوف يتجولون بالكلاب المدربة على اكتشاف القنابل”.

وأمن الرئيس السابق أقل درجة من أمن الرئيس الحالي، ومع ذلك، تشمل بروتوكولات الأمن عمليات تفتيش شاملة للأماكن، وفق “سي أن أن”.

وخلال معظم محطات حملة ترامب، تساعد الشرطة المحلية جهاز الخدمة السرية في تأمين المكان. وقبل الحدث، يقوم العملاء بمسح المكان بحثا عن قنابل أو تهديدات أخرى، ويصل ترامب دائما في موكب محصن.

ويضع مسؤولو إنفاذ القانون عادة حواجز في الأماكن التي يتواجد بها، ويطلبون من جميع الحاضرين المرور عبر جهاز الكشف عن المعادن لدخول المكان. 

ويقوم عملاء الحماية المسلحون بتفتيش حقائب جميع الحاضرين، وحتى محافظهم. 

وقال بول إيكلوف، وهو عميل سابق في الخدمة السرية، تقاعد عام 2020، إن العملاء يفحصون جميع أسطح البنايات.

ووفق عميل الخدمة السرية السابق تيم ميلر، فإن أمن ترامب فريد من نوعه لأنه ليس رئيسا سابقا فحسب، بل إنه أيضا مرشح رئاسي حالي، وهذا الوضع المزدوج يعتبر أكثر تعقيدا لأنه يسافر خلال حملاته إلى مواقع مختلفة.

وبينما يعيش الرؤساء السابقون حياة خاصة هادئة نسبيا بعد الرئاسة، فإن ترامب أكثر نشاطا، لذلك فإن الحفاظ على أمنه أمر بالغ الأهمية.

ويقول ميلر إن مهمة حماية الرؤساء السابقين تقع على عاتق جهاز الخدمة السرية في جميع الأوقات، وهذا يعني أنهم “يشرفون وينسقون بشكل مباشر بشأن جميع مستويات الأمن أينما ذهبوا”.

ومستوى الأمن “يعتمد بالكامل على ما يحدده جهاز الخدمة السرية، من خلال قدراته الاستخباراتية والتنسيقية، أنه مناسب للحماية”.

وكان جهاز الخدمة السرية قال مؤخرا إنه وفر “موارد وقدرات حماية” إضافية للمسؤولين عن حماية ترامب، بحسب رويترز.

وبعد أطلاق النار  على ترامب في بنسلفانيا، خرجت تقارير تتحدث عن رفض الجهاز توفير هذه الحماية الإضافية قبل التجمع الانتخابي بالولاية.

لكن المتحدث باسم الجهاز، أنتوني غوغلييلمي، نفى هذه التقارير وكتب على منصة “إكس”: “هناك مزاعم كاذبة يتم تداولها مفادها أن أحد أعضاء فريق الرئيس السابق طلب موارد أمنية إضافية وتم رفض ذلك. هذا غير صحيح على الإطلاق. في الواقع، أضفنا موارد حماية إضافية… بما يتناسب مع التحرّكات المتزايدة في إطار الحملة” الانتخابية.