خلال ثمانية أشهر من الحرب في غزة، تحرص كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، على القتال كقوة لا مركزية، ومخفية إلى حد كبير، وذلك على النقيض من هجومها على إسرائيل في 7 تشرين الأول، إذ شارك آلاف من عناصرها بالزي الرسمي في الهجوم.
وبدلا من المواجهة المباشرة للحملة الانتقامية التي نفذتها إسرائيل عقب ذلك الهجوم، انسحب أغلب مسلحي حماس من قواعدهم ومواقعهم الأمامية، سعياً إلى إضعاف التفوق التكنولوجي والعددي الذي تتمتع به إسرائيل.
واختار أغلب مسلحي حماس شن هجمات مفاجئة على مجموعات صغيرة من الجنود الإسرايليين، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
ولا يظهر عناصر حماس إلا بشكل عابر، إذ يخرجون فجأة من مجموعة من الأنفاق، مسلحين بقذائف صاروخية، لضرب جنود إسرائيليين ثم العودة بسرعة إلى حصونهم تحت الأرض.
وفي بعض الأحيان، يختبئ مسلحو حماس، يقول تقرير الصحيفة، بين المدنيين القلائل الذين قرروا البقاء في أحيائهم على الرغم من الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء، أو رافقوا المدنيين أثناء عودتهم إلى المناطق التي استولى عليها الإسرائيليون ثم تركوها.
وذكر تقرير للجيش الإسرائيلي، نُشرت مقتطفات منه في وسائل إعلام عبرية، الاثنين، أنه وبعد 9 أشهر من الحرب في غزة، فإنه لا يزال جزء كبيرا من شبكة أنفاق حركة حماس في القطاع الفلسطيني، “تتمتع بكفاءة عملياتية عالية، وتشكل خطرا أمنيا على إسرائيل”.
وحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن تقديرات الجيش تشير إلى أن شبكة الأنفاق التابعة للحركة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، “لا تزال في جهوزية عالية في كثير من المناطق”.
ونقلت الصحيفة عن القناة 12 الإسرائيلية، أن “شبكة أنفاق حركة حماس في مخيمات وسط قطاع غزة، وفي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، وفي حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة في حالة جهوزية مرتفعة”.
وذكر التقرير أنه تم “ترميم وإعادة تأهيل مصانع الخرسانة والأسمنت الخاصة ببناء الأنفاق في محافظة خان يونس”؛ فيما يقدر الجيش الإسرائيلي أن “الأنفاق في رفح في حالة جهوزية مرتفعة وتتيح الاقتراب من المنطقة الحدودية”.
وتصف صحيفة “نيويورك تايمز” قرار حماس مواصلة القتال بالكارثي بالنسبة للفلسطينيين في غزة، إذ مضت إسرائيل قدماً في حملتها العسكرية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني من سكان غزة، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع.
ولكن على الرغم من المذبحة في غزة، فإن استراتيجية حماس ساعدتها على تحقيق بعض أهدافها الخاصة، إذ شوهت الحرب سمعة إسرائيل في معظم أنحاء العالم، وفق الصحيفة.
وأدت الحرب إلى اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، في محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما أعادت مسألة الدولة الفلسطينية إلى الخطاب العالمي، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى الاعتراف بفلسطين كدولة.
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن تحليلا لمقاطع فيديو نشرتها حماس ومقابلات مع ثلاثة من أعضاء الحركة وعشرات الجنود الإسرائيليين، دللت على أن استراتيجية حماس تعتمد على استخدام مئات الأميال من الأنفاق، التي فاجأ حجمها القادة الإسرائيليين.