وأضاف في مقال أنه “لهذا السبب تطالب حماس بأن يغادر الجيش ممر نيتساريم، مما سيسمح لأفرادها بإعادة أسلحتهم لمواقعهم في شمال غزة، والأهم أن الجيش لن يتمكن من الإشراف على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح الذي تحصل حماس من خلاله على الذخيرة والمواد الأولية لإنتاج الذخيرة عبر سيناء، كما أن الالتزامات التي تطلبها حماس من الدول الوسيطة، الولايات المتحدة وروسيا والصين، بأن الاحتلال لن يستأنف القتال، تهدف لحرمانه من حرية العمل العملياتية في غزة في اليوم التالي”.
وأكمل: “ما توصف بالإنجازات التكتيكية الكبيرة التي تمكن الجيش من تحقيقها في غزة خلال الأشهر التسعة من القتال، سيحاول الاحتلال ترجمتها فعليا في المفاوضات إلى 3 مصالح: أولاها الحفاظ على منطقة الاستخبارات، والقدرة على جمع العملاء، والحفاظ على التفوق الاستخباراتي الضروري لمنع حماس من إعادة ترسيخ نفسها كجيش مسلح، وثانيها الحفاظ على الحرية العملياتية في غزة بعد خروج الجيش بكامل قوته، بالاستفادة من التفوق الاستخباراتي لإحباط الاستعدادات لتنفيذ هجمات جديدة: جواً وبراً وبحراً، أو الغارات البرية، وحفر أنفاق جديدة، وإنتاج أسلحة ومعدات ومتفجرات، وإحباط أي محاولة لإنشاء منظومة صواريخ جديدة”.
وأوضح أن “المصلحة الثالثة هي التوصل لاتفاق مع مصر بشأن التعاون الذي سيمنع تهريب الأسلحة والمواد الخام لإنتاجها، ومنع إطلاق الصواريخ، والحدّ من خروج ودخول سكان غزة الذين سيتدربون ويكتسبون المعرفة العسكرية في إيران، ومثل هذا التنسيق مع مصر يمكن أن يدفع الجيش لمغادرة محور فيلادلفيا، صحيح أن حماس لن توافق بسهولة على ذلك، لكن إذا أصر الاحتلال، فلن يكون أمامها خيار آخر، وقد يصدر منها مزيدا من المرونة؛ لأن الضغط العسكري بدأ يظهر علاماته بالفعل”.
وزعم أن “صفقة التبادل هي الأولوية الأولى، فلا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي عندما يعاني عشرات المختطفين، وتكون حياتهم في خطر، وعلينا فعل كل ما بوسعنا، بما في ذلك التنازلات المؤلمة، لتحريرهم، أحياء وأمواتا، كي نعيد الثقة التي تآكلت تماماً بين المجتمع والحكومة، أما الأولوية الثانية فهي استكمال المهمة في غزة المتمثلة بتدمير الغالبية العظمى من الأنفاق الاستراتيجية، ونظام إدارة القتال الضخم تحت الأرض الذي بنته حماس، مما سيحرمها من شن حرب عصابات قوية ضد قوات الجيش، ويضطرها للعمل فوق السطح، ليصبح مقاتلوها فريسة لنيرانه الهائلة، تمهيدا لتجريدها من بنيتها التحتية وقدرتها التكتيكية على إدارة القتال”.
وأشار إلى أنّ “الأولوية الثالثة المهمة هي البدء بإنشاء النظام الإدارة المدنية في غزة بالتعاون مع الجهات الدولية، بمنح سكانها فرصة إدارة مشاريع مختلفة لإعادة تأهيل أنظمة الصرف الصحي والمرور بأنفسهم؛ توزيع المساعدات الإنسانية من خلال كيانات محلية ليست من حماس؛ ومنع عناصرها من التدخل في عملهم”.
وتكشف هذه المهام الإسرائيلية في غزة المتمثلة في إطلاق سراح المختطفين، والإطاحة بحماس، وتحييد باقي التهديدات في الشمال والشرق عن جدول أعمال عسكري مزدحم أمام الاحتلال في الأشهر المقبلة، وسط خلافات عاصفة في الحلبة السياسية والحزبية، الأمر الذي قد يضع عقبات أمام تنفيذ تلك المهام، ووسط المزيد من تآكل الشرعية الدولية التي حصل عليها الاحتلال في بداية الحرب، مما سيضرّ بأمنه لعقود قادمة، وفق اعترافات الإسرائيليين أنفسهم. (عربي21)