تدرس الجيوش الغربية المعارك الضارية المتواصلة في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول الماضي.
وقال تقرير لمجلة “إيكونوميست” إنه “بالنسبة للجيوش المحظوظة بما يكفي لتكون في سلام، فإن حروب الآخرين هي فرص للتعلم”، وأضاف: “لنأخذ على سبيل المثال الجبهة الشمالية لإسرائيل، حيث كان الجيش الإسرائيلي يتبادل إطلاق الصواريخ والمسيّرات مع حزب الله اللبناني. ولإيقاف مسيّرات حزب الله ذات القدرة المتزايدة، لجأ جيش الدفاع الإسرائيلي إلى التشويش الشديد”.
وأضافت أن “التأثير على الطيف الكهرومغناطيسي قوي للغاية لدرجة أن الجنود الإسرائيليين اضطروا إلى تجنب الخرائط الرقمية واستبدالها بالخرائط المطبوعة، وهذا أحد الدروس التكتيكية العديدة التي تم تحديدها في تقرير جديد صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة (rusi)، وهو مركز أبحاث في لندن، بناء على مقابلات مكثفة مع ضباط في الجيش الإسرائيلي”.
وبحسب التقرير، فإن العديد من الجيوش الغربية تعتقد أن الحروب المستقبلية ستتضمن قتالاً مكثفاً في المناطق الحضرية، سواء كان ذلك دفاعا عن طريق حلف شمال الأطلسي “الناتو” عن مدن البلطيق من روسيا أو تصدي أميركا للغزو الصيني لتايوان.
وأوضحت المجلة أن معركة مدينة غزة، التي بدأت في تشرين الثاني، هي قصة تحذيرية، وقد حولت القوة النارية الإسرائيلية الثقيلة الكثير منها إلى أنقاض.
مع هذا، فقد واجه سائقو الدبابات صعوبة في الحكم على عمق الحفر من خلال نظارات الرؤية الليلية، ما تسبب في انقلاب المركبات.
ووجدت قوات الجيش الإسرائيل التي تستدعي ضربات مدفعية أو جوية أنه من الصعب وصف المواقع بدقة، لأن السمات المميزة قد تم تدميرها، وصعوبة التمييز بين المقاتلين والمدنيين، حسب التقرير.
وأشارت المجلة، إلى أن النقاد استنتجوا من حرب روسيا على أوكرانيا أن الدبابة ضعيفة للغاية بحيث لا تكون فعالة. وفي غزة، على النقيض من ذلك، فإن أنظمة الحماية النشطة (aps) الموجودة على الدبابات الإسرائيلية – والتي تتصدى للقذائف القادمة – أبقتها إلى حد كبير في مأمن من الصواريخ المضادة للدبابات. كذلك، كانت الدبابات مفيدة بشكل خاص في أزواج، لأن نقاط حمايتها النشطة المتداخلة توفر حماية إضافية.
وسلط التقرير الضوء على استخدام حماس للأنفاق، وهي تصف نوعين، النوع المخصص للقادة والنوع المخصص للنشطاء الأقل مرتبة، حيث يكون النوع الأول أعمق وأفضل تجهيزاً.
واعتقد الجيش الإسرائيلي في البداية أنه سيحتل الأراضي أولا ثم يبحث عن الأنفاق، وسرعان ما تعلم أن هذا سمح لحماس بنصب الكمائن قبل الانسحاب تحت الأرض.
والدرس المستفاد، وفقا للمجلة، هو أن الجيوش لا تستطيع تجاوز الأنفاق، ولكنها تحتاج إلى القتال على الأرض وتحتها في وقت واحد، وكان هذا أمراً صعبا بشكل خاص لأن الحدود بين وحدة إسرائيلية وأخرى – وهي ضرورية لتجنب النيران الصديقة – لم يتم رسمها بدقة على الطرق الجوفية.
وأثبتت حرب الأنفاق أيضاً أنها “مرهقة للغاية”، مع احتمالية لقاء حماس في كل زاوية مما يخلق “نوعية متقطعة من الضغط على الأفراد مما يؤدي إلى تآكل الروح المعنوية”، حسب التقرير.
وذكرت المجلة أن المسيّرات أثبتت أهميتها فوق الأرض. في السابق، لم تكن المسيّرات الهجومية الصغيرة، مثل الطائرات المحملة بالمتفجرات والمستخدمة عادة في أوكرانيا، ضمن ترتيب المعركة الإسرائيلية، ولم تكن تسيطر عليها سوى وحدة تجريبية واحدة، كما هو الحال في القوات المسلحة الغربية الأخرى.
وبمجرد بدء الحرب، اكتشف الجيش الإسرائيلي أن هذه يمكن أن تكون فعالة للغاية إذا تم تقليصها إلى وحدات صغيرة مثل السرايا (أكثر من 80 جنديا). بالإضافة إلى ذلك، يلفت التقرير إلى أن أولئك الذين لديهم مسيّرات هجومية “يمكنهم مراقبة المزيد من التضاريس الحضرية وتنفيذ ضربات دقيقة بوتيرة سريعة”.
وفيما يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الدروس مفيدة حقاً للقوات الأميركية أو قوات حلف شمال الأطلسي، تلفت المجلة إلى أنّ معظم الجيوش الأوروبية أصغر بكثير وأقل تجهيزا من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي نشر أكثر من 20 فريقا قتاليا بفضل استخدام التجنيد الإجباري والإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتفكر هذه الجيوش بدورها في شن حرب ضد خصوم أكبر وأفضل تسليحا من حماس، التي قاتلت بشكل متقطع باستخدام فصائل صغيرة وبدون قوة جوية وبقدرات تشويش بدائية فقط. (عربي21)