كتب موقع “الحرة”: هل هي بداية جديدة للديمقراطيين في معركتهم الصعبة ضد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، للفوز برئاسة أميركا أربع سنوات أخرى؟ فقد انسحب الرئيس، جو بايدن، ممهدا الطريق لنائبته، كمالا هاريس، التي انبرى عشرات من قادة الديمقراطيين في الكونغرس ومن حكام الولايات لتأييد ترشحها.
وسجلت هاريس رقما قياسيا في جمع التبرعات بلغ 81 مليون دولار في 24 ساعة فقط. فهل تقلب الخارطة الانتخابية، وتحقق خرقا في اتجاهات أصوات الأميركيين؟
ماذا تقول الاستطلاعات؟
قبل أن ينسحب بايدن، سألت نيويورك تايمز الناخبين عن سيناريوهين، الأول بايدن يواجه ترامب، والثاني هاريس بدلا من بايدن.
لم يكن هناك فارق كبير، فقد تخلف الاثنان عن ترامب، ما تشير إلى أن حظوظ الديمقراطيين لا تزال محدودة أمام منافسهم الجمهوري الذي يلتف حزبه حوله.
وتقول نتائج استطلاع نيويورك تايمز إن هاريس تتخلف بنحو نقطتين مئويتين عن ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة.
وأشارت النتائج إلى أن هاريس حصلت على 46 بالمئة مقارنة بـ 48 بالمئة لترامب، وهذا فعليا يعد أفضل قليلا مقارنة بما حققه بايدن الذي تخلف عن ترامب بثلاث نقاط، إذ جاءت النتيجة 44 بالمئة للرئيس الأميركي مقارنة بـ 47 بالمئة للمرشح الجمهوري.
لكن الأمر لا يعني أخذ الأرقام بالمجمل على مستوى الولايات المتحدة، فالمهم النظر إلى الاتجاهات التي تسيطر على الولايات، خاصة ما تعرف بالولايات المتأرجحة.
في بنسلفانيا على سبيل المثال، أظهر استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا في هذه الولاية، التي تمثل ساحة معركة ساخنة بين الجمهوريين والديمقراطيين، في الفترة من 9 إلى 11 تموز، قبل انسحاب بايدن وقبل محاولة اغتيال ترامب، أن هاريس كانت متخلفة بفارق نقطة مئوية واحدة فقط عن ترامب.
ويأتي خروج بايدن من السباق الرئاسي بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الدعوات المتزايدة بين مسؤولي الحزب الديمقراطي والمانحين والناخبين له للنظر في التنحي بعد أدائه السيء في مناظرة 27 حزيران ضد ترامب.
ويترك قرار بايدن مكانا شاغرا للترشيح الرئاسي للديمقراطيين قبل أقل من شهر من المؤتمر الوطني للحزب في شيكاغو.
واصطف بايدن والعديد من الديمقراطيين البارزين الآخرين خلف هاريس، مما يجعلها البديل الأكثر ترجيحا لمرحلة ما بعد بايدن.
ووفق شبكة آي بي سي نيوز، فإن ترامب يحتفظ بتقدم طفيف على هاريس، في معظم الاستطلاعات، إذ يظهر متوسط نتائج هذه مجموعة من الاستطلاعات التي حللتها الشبكة أن ترامب يتفوق على هاريس بنحو 1.6 نقطة، فيما تشير مجموعة أخرى من الاستطلاعات أن الفارق أكبر بمتوسط يصل إلى 2.7 نقطة.
وكشف استطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال بعد مناظرة بايدن وترامب أن 35 بالمئة من الناخبين ينظرون إلى هاريس بشكل إيجابي و58 بالمئة ينظرون إليها بشكل سلبي. وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز-إبسوس الأسبوع الماضي تقاربا بين هاريس وترامب.
وفي فرجينيا، تقدمت هاريس بخمس نقاط على ترامب. وأظهر استطلاع وطني أجرته شبكة أن بي سي نيوز، والذي تم إجراؤه أيضًا قبل محاولة الاغتيال، أن بايدن وهاريس يتخلفان عن ترامب بنقطتين. وفي الوقت نفسه، لا يزال المراهنون يرون أن هناك فرصة كبيرة لفوز ترامب.
وفي نيسان الماضي، كانت نتائج هاريس في استطلاعات الرأي متأخرة بشكل كبير عن بايدن، لكنها حققت مكاسب في الاستطلاعات الأخيرة، خاصة بعد أن أظهر الرئيس الأميركي علامات إرهاق وعدم تركيز رفعت من مستوى القلق بشان قدرته على البقاء في البيت الأبيض وهزيمة ترامب.
فئات ديمغرافية تدعم هارس
وتقول أرقام الاستطلاعات أن هاريس قد تتفوق على ترامب في فئات ديموغرافية معينة.
وتظهر النتائج العامة للاستطلاعات التي تجريها مؤسسات بحثية مختلفة أن هاريس سجلت أداء أفضل بين النساء والأشخاص الملونين مقارنة ببايدن.
ومن النتائج الملفتة أن أحد الاستطلاعات أظهر تقدم هاريس على ترامب بين النساء بنسبة 8 بالمئة، حيث كانت النتيجة 52 بالمئة لنائبة الرئيس، مقابل 44 بالمئة للمرشح الجمهوري.
ويقول خبراء إن هذه الفوارق التي تسجلها هاريس بين الفئات المختلفة، مثل النساء، ستكون مقلقة لترامب في الولايات المتأرحجة والتي تلعب دورا حاسما في تحديد مصير المتنافسين.
ويقول تقرير لشبكة آي بي سي نيوز أن هاريس تكتسب زخما بين الناخبين الديمقراطيين والمستقلين، وهو ما يعني أن هاريس قد ينظر إليها شخصية تجمع الديمقراطيين وترفع حظوظهم في استقطاب الناخبين غير الراضين عن بايدن وترامب في آن معا.
ويقول خبراء في الانتخابات واستطلاعات الرأي إن ترامب يتقدم حاليا في معظم الاستطلاعات، إلا أن نقاط قوة هاريس بين الفئات الديموغرافية الرئيسية وزيادة الدعم داخل قاعدة الحزب الديمقراطي قد تجعل السباق الرئاسي لعام 2024 تنافسيا وساخنا ويصعب التنبؤ به.
رقم قياسي في التبرعات
وقالت حملة هاريس الانتخابية، الاثنين، إنها وبالتعاون مع واللجنة الوطنية الديمقراطية جمعتا 81 مليون دولار في أول 24 ساعة بعد انسحاب بايدن وإعلان دعمه لها.
وأشارت حملة هاريس إلى أن أكثر من 888 ألف مانح على مستوى القاعدة قدموا تبرعات خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث قدم 60 بالمئة مساهمتهم الأولى في دورة الحملة الانتخابية لعام 2024.
ويعتقد خبراء في الانتخابات أن هذا الرقم القياسي في جمع التبرعات يعتبر مؤشرا إيجابيا على إمكانية أن تنجح هاريس في لم شمل الحزب الديمقراطي وإقناع الأعضاء والناخبين على الالتفاف حولها لهزيمة ترامب.
ووفق تقرير نشره موقع أكسيوس، فإن دعم بايدن لهاريس لا يعني أنها ستحصل على أصوات المندوبين المتلزمين بدعمه تلقائيا في مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو.
والمؤتمر الوطني يعتبر فرصة الآن لسباق مفتوحا يشارك فيه ما يقرب من 4700 مندوب سيكونون مسؤولين عن اختيار حامل لواء جديد لتحدي ترامب.
ومندوبو بايدن ليسوا ملتزمين بدعم الشخص الذي يؤيده، لكنهم قد يميلون إلى ذلك في الغالب، خاصة أن هاريس خصلت على دعم وتأييد كبار القادة في الحزب الديمقراطي.
لكن الخبير في شؤون الحزب الديمقراطي، وليام لورانس، توقع في تصريحات لموقع “الحرة” أن تحصل هاريس على أصوات المندوبين، لأنها حصلت بالفعل على 90 في المئة من المندوبين الذين تم التعهد بهم لبايدن دون أن تفعل أي شيء.
وقال إنها قد تواجه تحديات، لكن 90 في المئة من المندوبين ملتزمون بدعم بايدن. لذا، فمن المحتمل أن 90 في المئة من الملتزمين بدعم بايدن، إن لم يكن أكثر، سيدعمون هاريس.
وبشأن قواعد التمويل، قال لورانس: “يمكنها استخدام كل الأموال في حسابهما لأنه تم جمعها لها ولبايدن”.
كما أن أرقام التبرعات لا تعني أن هاريس تتفوق على ترامب على مستوى الناخبين، حيث استطاع المرشح الجمهوري الاستفادة من محاولة اغتياله التي أمنت له دعما ماليا وسياسا كبير في وقت قياسي أيضا.
وباتت عيون الديمقراطيين والجمهوريين مركزة أكثر على الولايات المتأرجحة، خاصة ميشيغان، حيث يحاول الديمقراطيون تعويض الخسارات التي لحقت بهم جراء موقفهم الداعم لإسرائيل في حربها على غزة. وهو ما عمل الجمهوريون من خلال قيادت الحزب المحلية على استثماره وتحويله كمكسب لهم في انتخابات الرئاسة.
وكان بايدن أعلن الأحد، انسحابه من السباق الرئاسي لانتخابات نوفمبر المقبل، بعد أن شكك قادة ديمقراطيون في قدراته الصحية، ودعوه للانسحاب، خشية الخسارة أمام المرشح الجمهوري، دونالد ترامب.
وعقب انسحابه، أعلن بايدن دعمه وتأييده لترشيح هاريس، لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة.
وقال في صفحته على موقع (أكس)، “أود أن أقدم دعمي وتأييدي الكاملين لكامالا، لتكون مرشحة حزبنا هذا العام.. أيها الديمقراطيون، حان الوقت للعمل معا وهزيمة ترامب.. هيا بنا نقوم بذلك”.
وبات بايدن أول مرشح ينسحب في وقت متأخر من الحملة الانتخابية، لكنها لن تكون المرة الأولى التي يقرر فيها رئيس حالي سحب ترشيحه أو عدم السعي لإعادة انتخابه. ففي عامي 1952 و 1968 قرر الرئيسان السابقان هاري ترومان، وليندون جونسون، الانسحاب من سباق الترشح قبل نحو ثمانية أشهر من الانتخابات.
وتؤكد الوقائع التاريخية أنه لم ينسحب أي مرشح على الإطلاق بعد حصوله على عدد كاف من أصوات المندوبين في الانتخابات التمهيدية الرئاسية ليكون المرشح، وفقا لمجلة “تايم”.