غداة هجوم حماس على إسرائيل يوم 7 تشرين الأول الماضي، حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفه قائلاً: “ستتحرك القوات الإسرائيلية على الفور لتدمير قدرات حماس. وسنعمل على شل حركتهم بلا رحمة، والانتقام لهذا اليوم الأسود الذي جلبوه على إسرائيل ومواطنيها. يا سكان غزة، اخرجوا الآن. سنكون في كل مكان وبكل قوتنا”.
مؤخراً، تساءل الملحق الدفاعي السابق في اليمن وأفغانستان في صحيفة “التايمز” البريطانية أيان سمايلس قائلاً: هل كان من الممكن تحقيق هذا الهدف؟ وبعد 9 أشهر، إلى أي مدى اقتربت إسرائيل من تحقيق القضاء على حماس؟.
هدفان رئيسيان
يقول سمايلس إنه “لكي تنجح أي عملية عسكرية كبيرة، يتعين على الحكومة أن تحقق هدفين رئيسيين داعمين: دولة موحدة ودعم دولي”، وأضاف: “يتعين على الشعب الإسرائيلي أن يشعر بأن تضحياته ستكون ذات قيمة، ويتعين على الزعماء الدوليين أن يعتقدوا أن دعم إسرائيل يصب في مصلحتهم الوطنية”.
وأكمل: “فعلياً، فإن الدعم للحملة لم يحظ بدعم من تصريحات بعض الشخصيات الإسرائيلية، فقد قال عميحاي إلياهو، وزير التراث، إن أحد الخيارات قد يكون إسقاط قنبلة نووية على غزة. وفي محاكاة لهذه الآراء، نشر بعض الضباط والجنود الإسرائيليين مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يسخرون من الفلسطينيين ويدنسون المساجد. كذلك، فقد فشلت الحكومة الإسرائيلية في تحقيق أي من الهدفين الداعمين لها، وكل أسبوع، تقام مظاهرات حاشدة ضد الحكومة، ويطالب العديد من المحتجين بأن يكون لإطلاق سراح الرهائن الأولوية على جميع الأهداف الأخرى. وفي الوقت نفسه، يتضاءل الدعم الدولي مع ارتفاع حصيلة القتلى في غزة”.
ويرى سمايلس أن “هذه النبرة العامة، التي يعتمدها القادة السياسيون والعسكريون، لا تحدد فقط الطريقة التي تُدار بها العمليات، بل وأيضاً كيفية إدراكها”، وأردف: “إذا كان الهدف السياسي الوحيد هو تدمير حماس من دون التفكير في الوحدة الوطنية أو الدعم الدولي، فإن ذلك سيؤدي إلى الانقسام الوطني والازدراء الدولي”.
وأضاف: “إن تهميش حماس وزوالها في نهاية المطاف يتطلب رفضها من قبل الفلسطينيين والعرب بشكل عام. وفي حين يدعم البعض حماس، يكرهها آخرون؛ وينبغي أن يكون استغلال هذه الكراهية جزءاً من الاستراتيجية. إن هزيمة حماس تتطلب الدعم الدولي، سواء من خلال الدول التي تحظرها، أو بشكل أكثر مباشرة، من خلال وقف تدفق الأموال. ومرة أخرى، جعلت حكومة نتنياهو هذا الأمر صعباً بأفعالها.
نقل السكان بانتظام
ويضيف سمايلس أنه “بعد تطهير المناطق من مقاتلي حماس داخل غزة، كان بإمكان الحكومة الإسرائيلية أن تعمل على استقرار الوضع من خلال توفير المساعدات الإنسانية الفورية والكبيرة والمرئية، ذلك أن زيادة كمية الغذاء لا تكفي عندما يتم نقل السكان بانتظام لإفساح المجال لعملية عسكرية إسرائيلية أخرى؛ فالتكلفة العقلية والجسدية هائلة”.
وتابع: “كان بوسع إسرائيل أن تدعم إعادة إحياء الحياة اليومية في غزة من خلال إعادة بناء المرافق الطبية، ودعم التعليم، وعودة سيادة القانون، وإزالة الأنقاض. لكن هذا الاستثمار يتعارض مع أهداف اليمين المتطرف في إسرائيل، إذ تزعم دانييلا فايس، المدافعة عن المستوطنين الإسرائيليين، وغيرها من المنظمات، أن لديها مئات الأسر التي تتطلع إلى الاستقرار في غزة”.
وقت أطول بكثير
وحذر الكاتب من أن تحقيق الهدف المعلن المتمثل في تدمير حماس في مسعى للنصر الكامل سوف يستغرق وقتاً أطول كثيراً مما تصوره الساسة والمخططون العسكريون في غياب عملية سياسية لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، ذلك أن أغلب حملات مكافحة الإرهاب والتمرد تنتهي إلى اتفاق سياسي. وكلما طال أمد تحقيق هذا الهدف، كلما كان التأثير على إسرائيل والفلسطينيين أعظم في ظل خلفية من الاهتمام والدعم الدوليين المتضائلين على نحو متزايد.
وبعد 20 عاماً، فشلت قوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان “إيساف” في هزيمة طالبان، وفي العراق، لا تزال المجموعات التي انتفضت بعد سقوط صدام حسين نشطة، وعلى هذا فإن إسرائيل تواجه حملة طويلة ومتواصلة ليست مستعدة لها، وتحتاج إلى إعادة صياغة استراتيجيتها لمعالجة متطلبات الوحدة الوطنية والدعم الدولي المطول، الذي من دونه لن يمكن عزل “حماس”، ناهيك عن تدميرها، وفق ما يقول سمايلس.