مع استمرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية 2024، تنخرط إيران في جهود مختلفة على أمل منع عودته إلى البيت الأبيض العام المقبل.
وبعد أن كشفت وسائل إعلام أميركية منتصف يوليو عن مؤامرة إيرانية لاغتيال الرئيس السابق بعد أيام من إطلاق شاب أميركي النار عليه في تجمع انتخابي، نقلت صحف أميركية الثلاثاء عن مسؤولين استخباراتيين أن إيران تسعى إلى الإضرار بحملة ترامب الرئاسية من خلال عمليات تأثير سرية عبر الإنترنت، خوفا من أن تؤدي عودة المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض إلى إشعال علاقاتها المتوترة أصلا مع واشنطن.
وقال المسؤول من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في إفادة صحفية الاثنين إن وكالات الاستخبارات الأميركية “لاحظت أن طهران تسعى للتأثير على الانتخابات الرئاسية، ربما لأن القادة الإيرانيين يريدون تجنب زيادة التوترات مع الولايات المتحدة”، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أميركية.
الديمقراطيون أم الجمهوريون.. ماذا تفضل طهران؟
يؤكد المحلل السياسي الإيراني سعيد شاوردي في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” من طهران، أن بلاده ربما تفضل فعلا فوز كامالا هاريس في السباق الرئاسي “لأنه لا أحد يود عودة ترامب إلى السلطة مرة أخرى، وهذا لا ينطبق على إيران فقط، بل حتى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا”.
وقال إن إيران تفضل الديمقراطيين على الجمهوريين في الولايات المتحدة لأن الديمقراطيين “أكثر عقلانية حتى في عدائهم تجاه إيران ويلجؤون إلى ضغوط سياسية واقتصادية وقليلا ما يلجؤون إلى الخيار العسكري أو القوة الصلبة في التعامل مع أعدائهم”.
وأشار شاوردي إلى أن إيران لديها “تجربة مريرة”مع ترامب عندما كان في السلطة، إذ انسحب من الاتفاق النووي و”اغتال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، وفرض عقوبات شديدة القسوة على بلادنا”.
ويرى المحلل الإيراني المعارض حسن هاشميان الذي تحدث لموقع “الحرة” من العاصمة الأميركية واشنطن أن إيران تخشى ترامب لأنه هو الذي اتخذ قرار انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي كان قد قدم نقاطا إيجابية عدة لإيران في عهد الرئيس باراك أوباما”.
وقال إن رؤية ترامب تكمن في أنه لا يمكن مكافأة “نظام إرهابي يقتل الأميركيين ويعمل ضد المصالح الأميركية ثم يأتي ليجلس على الطاولة لينتزع نقاطا من الطرف المقابل”.
وفي عهد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة في 2018 بشكل أحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عنها في مقابل تقييد أنشطتها النووية.
وبدلا من ذلك، فرض ترامب عقوبات اقتصادية صارمة على إيران استهدفت عائدات النفط والمعاملات المصرفية الدولية، والتي بقيت في عهد بايدن، وتسببت في انهيار للاقتصاد الإيراني، وأدت إلى خفض العملة وارتفاع التضخم.
والعلاقات متوترة بين واشنطن وإيران وقد بلغت حافة الانفجار مع سعي طهران للانتقام لمقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني في العام 2020 بأمر من ترامب الذي كان حينها رئيسا للولايات المتحدة.
وشككت إيران من جانبها في التقارير التي تحدثت عن خطة لقتل ترامب، وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في بيان إن “هذه الاتهامات لا أساس لها وهي خبيثة”.
لكن إيران لم تحاول استهداف ترامب فحسب، بل حاولت أيضا استهداف مسؤولين آخرين في إدارته مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون.
وفي عام 2022، اتهمت وزارة العدل أحد أعضاء الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال بولتون، عبر محاولة دفع مبالغ مالية لمقيم في الولايات المتحدة بهدف قتله.
والثلاثاء، نفت البعثة الإيرانية أيضا مشاركة طهران في أي أنشطة تهدف إلى التأثير في الانتخابات الأميركية.
ويرى هاشميان أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض “سيمثل مشكلة كبيرة للنظام في إيران، فالعقوبات التي فرضها ترامب كانت مجزية وكبلت أيدي وأرجل النظام الإيراني في الداخل وفي المنطقة”.
وتولّى بايدن الرئاسة في العام 2021 آملاً العودة إلى الاتفاق الدولي المبرم مع إيران في العام 2015 حول برنامجها النووي، إلا أنّ المحادثات التي تولّى الاتّحاد الأوروبي التوسّط فيها، انهارت جزئياً بسبب خلاف حول ماهية العقوبات التي سترفعها الولايات المتحدة عن إيران.
هل ترامب 2025 هو نفس نسخة 2017؟
بالنسبة للمحلل السياسي الأميركي المقرب من الحزب الجمهوري، نبيل ميخائيل، فإنه يرى أن مواقف ترامب في 2025 لن تكون مشابهة لما كان عليه الحال عندما دخل البيت الأبيض لأول مرة في كانون الثاني 2017، “لأن هناك معطيات استراتيجية جديدة مثل حرب غزة والحرب الروسية الوكرانية وتوابع جائحة كورونا وقضايا خاصة بالاقتصاد الأميركي والهجرة وعلاقة أميركا بالحلفاء”.
وأوضح ميخائيل في حديث مع موقع “الحرة” أن أولويات ترامب العاجلة ستتنصب على الأمور الداخلية. على سبيل المثال، في 2017 كان يقترح بناء حائط بين الولايات المتحدة والمكسيك ولم يتم بناء هذا الحائط كلية، ولذلك عندما يعود إلى البيت الأبيض سيعمل على استكمال هذا المشروع والإسراع فيه”.
أما بالنسبة لإيران، فيقول ميخائيل إن “ترامب سيستشير الدول الصديقة للولايات المتحدة في الخليج وسينسق معهم إجماعا استراتيجيا بشأن كيفية التعامل مع طهران لكن لن يقدم مبادرة تجاه إيران”.
وأضاف: “ربما سيستعين بروسيا إذا جدد العلاقات معها لمعرفة توجهات إيران وسيصر على ألا تمتلك طهران سلاحا نوويا وقد يفرض عقوبات أكثر على نظام الملالي”.
لكن هاشميان يرى أن “ترامب سيكون أكثر تشددا في مواجهة النظام الإيراني، لأنه حاول طبقا لتقارير استخباراتية أن يغتاله هو شخصياً”. (الحرة)